ابراهام شالوم

أبراهام شالوم (لقطة شاشة)
أبراهام شالوم (لقطة شاشة)

وفاة رجل الظلال

أبراهام شالوم، رئيس الشاباك بين عامي 1980 - 1986، توفي اليوم. وفي ذروة قوته، ترأس شالوم جهازًا سرّيا وقويّا، ولكن في نهاية حياته دعا إلى التسوية مع الفلسطينيين

أبراهام شالوم، رئيس الشاباك بين عامي 1980 – 1986، الرجل الذي قاد مئات العمليات السرية في إسرائيل وخارجها، توفي اليوم في سنّ 86 عامًا. حين ترأس جهاز الشاباك، كان منظّمة ضخمة وسرّية أرسلت أذرعها السرّية في كلّ مكان، وعمل في الظلام لضمان سلامة مواطني إسرائيل. لم يتردّد شالوم في الماضي في الدفاع عن وظيفته في تلك السنوات، عندما قال دون جدال “في الحرب على الإرهاب لا مكان للأخلاق”، ولكن مواقفه كانت أكثر تعقيدًا ممّا يبدو.

وُلد في النمسا عام 1928، وهرب من هناك مع أسرته بعد الضمّ الألماني النازي. انضم في حرب عام 1948 إلى القوات الإسرائيلية، وقاتل في بعض المعارك. ثم انضم بعد تأسيس دولة إسرائيل إلى جهاز الخدمات السرية الذي أقيم وقتها، وساعد في بنائه.

كانت إحدى أهمّ العمليات التي شارك فيها هي الإمساك بالمجرم النازي أدولف آيخمان على أراضي الأرجنتين عام 1960، وإحضاره للمحاكمة العادلة في إسرائيل. مدح رئيس جهاز الخدمة السرية حينذاك، إيسر هريئل، شالوم الذي كان نائب قائد العملية وقال عنه إنّه “رجل العمليّات المهمّة، مخطّط ممتاز، شخص على دراية بعدّة لغات وصاحب خبرة في العمليات خارج البلاد”.

حين ترأس الشاباك اعتُبر شالوم مدير وقائد راسخً، متزمّت، متعنّتً ومتشدّد، والذي لم يخسر مرّة في جدال ولم يضطرّ في يوم إلى تغيير رأيه. وقد يقول البعض إنّ طبيعة عمله كانت سلبيّة.

قاد عام 1984، الجهاز في فترة حادثة هزّته وغيّرته تمامًا، وهي قضية “الخطّ 300”. بعد أن تمّ اختطاف حافلة إسرائيلية إلى غزة من قبل أربعة إرهابيين فلسطينيين، أطلقت قوات الجيش الإسرائيلي سراح ركّاب الحافلة من الرهائن وقتلت اثنين من الإرهابيين. قام رجال الشاباك الذين قبضوا على اثنين من الإرهابيين الذين بقوا على قيد الحياة بقتلهما بأمر من شالوم.

وكي لا يأخذوا مسؤولية مقتل اثنين من الإرهابيين الذين تم القبض عليهم أحياء، حاول رجال الشاباك إلقاء اللوم على ضباط الجيش، بل قدّموا شهادات كاذبة لهذا الغرض. بعد ذلك حاول شالوم الادعاء بأنّ أوامر قتل الإرهابيين جاءت من رئيس الحكومة حينذاك، إسحاق شمير، ولكن انكشاف الفضيحة في الرأي العام أجبره على الاستقالة. كانت تلك هي نهاية حقبة في الشاباك، حيث لم يعد جهازًا قادرًا على فعل كلّ شيء ولا حدود له، وأصبح جهازًا يعرف حدوده ورقابة الحكومة عليه.

لم يظهر شالوم كثيرًا في العلن بعد استقالته من جهاز الخدمات السرّية، ولكن عندما أسمع صوته قام بذلك بشكل أساسيّ للتعبير عن دعمه للتسوية السياسية مع الفلسطينيين. عام 2003، دعا علانية رئيسَ الحكومة حينذاك، أريئيل شارون، للاعتراف بمعاناة الشعب الفلسطيني، الحدّ منها وإحلال السلام.

وقد عبّر عن آراء مشابهة في الفيلم “حراس الحد” عام 2012، حيث تضمّن مقابلات مع ستّة من رؤساء الشاباك السابقين، والذين أيّدوا جميعًا مفاوضات السلام مع الفلسطينيين. أعرب شالوم عن تحفّظه الكبير تجاه العمليات الإسرائيلية في أراضي الضفة الغربية بل وصرّح بأنّه يعتقد أنّ “المستقبل أسود”.

اقرأوا المزيد: 424 كلمة
عرض أقل

رؤساء الشاباك يكشفون اسرارهم

ينتظر الكثيرون في إسرائيل بترقب ليحصد الفيلم الوثائقي "حراس الحد"، جائزة أفضل فيلم في فئة الأفلام الوثائقية. مع هذا، هناك من سيشعرون بالانزعاج في حال فوز الفيلم، بسبب الانتقاد الذي يُسمع منه تجاه النظرة الأمنية في إسرائيل.

24 فبراير 2013 | 14:07

الفيلم الوثائقي للمخرج الإسرائيلي درور موري، الذي حظي بعدد من الجوائز العالمية، يقدم قصة جهاز الأمن العام في إسرائيل – جهاز الشاباك (المنظمة المسؤولة عن الحرب ضد الإرهاب والجهاز الإسرائيلي الموازي لجهاز الاستخبارات الأمريكي ال- CIA) والصراع الإسرائيلي الفلسطيني من وجهة نظر 6 من رؤساء جهاز الأمن. يحاول الفيلم الذي يدمج مقابلات مع صور من الأرشيف وصور متحركة أن يستعرض الوظيفة التي قامت بها المنظمة الأمنية في إسرائيل منذ حرب الأيام الستة (1967) وحتى موعد تصوير الفيلم.

ويشترك رؤساء الشاباك الستة لأول مرة في مشروع فريد من نوعه مقابل الكاميرا مقدّمين اعترافات نادرة، ورؤية مثيرة للواقع العنيف الذي يعيش فيه الإسرائيليون والفلسطينيون منذ أكثر من 45 سنة.

ونجح موري في أن يحصل من رؤساء الشاباك الستة السابقين وهم ابراهام شالوم (الذي خدم ما بين 1980-1986)، ويعقوب بيري (1988-1995)، وكرمي غيلون (1995-1996)، وعامي أيلون (1996-2000)، وآفي ديختر (2000-2005) ويوفال ديسكين (2005-2011) الذي كان يشغل منصبه خلال تصوير الفيلم)- على تحليلات مثيرة بشأن النظرة الأمنية في إسرائيل، وعلى أخطاء حدثت خلال أدائهم لمنصبهم والانتقادات الشديدة وغير المسبوقة لقرارات رجال السياسة رفيعي المستوى الذين كانوا يعملون تحت إمرتهم.

في مقابلة خاصة يروي لنا موري بأن فكرة الفيلم ولدت خلال التحضير وتصوير فيلم وثائقي آخر، باسم “شارون” (الذي يبحث في شخصية رئيس الحكومة السابق أريئيل شارون). عندما أجرى مقابلة مع مساعده في حينه، المحامي دوف فايسغلاس، تحدث من كان أحد أكثر المقربين من رئيس الحكومة السابق، انه قبل اتخاذ القرار بشأن خطة الانفصال أحادي الجانب والخروج من قطاع غزة (صيف 2005)، تأثر شارون جداً بلقاءٍ قدمه 4 من رؤساء الشاباك لصحيفة “يديعوت أحرونوت”. حيث انتقد هؤلاء خلال اللقاء شارون بسبب فشله على المستوى السياسي وقالوا إن إسرائيل قد تصل إلى طريق مسدود بسبب كيفية تعامل شارون مع الأمور. قال فايسغلاس لموري إن شارون قد تأثر بشدة من هذا الانتقاد غير المسبوق، ولأن هذا الانتقاد قد أتى من داخل المؤسسة الأمنية، ومن أماكن كانت تحظي بتقدير واحترام كبير جداً من قبل شارون. من هنا بدأت الفكرة بإجراء لقاءات مع أفراد من جهاز الشاباك من أجل التحضير لفيلم وثائقي.

ينجح فيلم “حراس الحد”، في سبعة أجزاء، بأن يقدم قصة النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني من وجهة نظر رؤساء الأمن في إسرائيل، وهؤلاء المسؤولين عن الاتصالات الأمنية الأكثر سرية مقابل الحلبة الفلسطينية. يشير الفيلم إلى قضايا أمنية منها: اغتيالات رؤساء المنظمات الإرهابية، قضية الحافلة رقم 300 (عام 1984)، وفائدة التعذيب خلال التحقيقات الأمنية، والإرهاب من قبل يهود متطرفين، ومقتل رئيس الحكومة رابين من قبل أحد اليهود المتطرفين، والمفاوضات مع الفلسطينيين واندلاع الانتفاضتين.

فيما يلي المقابلة التي أجريناها معه:

س:هل كنت تنصح الفلسطينيين بأن يشاهدوا الفيلم؟ هل يحصلون من خلال ذلك على فهم أعمق للجانب الإسرائيلي؟

مخرج الفيلم درور موري
مخرج الفيلم درور موري

ج: “أظن أن هذا سوف يثير لديهم أسئلة عديدة، كما فعل هذا بالجمهور الإسرائيلي. إنني أسمع تعليقات ايجابية ومفاجئة للغاية في إسرائيل. لا أعرف ماذا سيتعلم الفلسطينيين أو العرب بشكل عام من الفيلم بخصوص إسرائيل. أنا لا أخوض في النظريات. يطرح الفيلم قضايا أمنية للنقاش لم تطرح من قبل. في الواقع هذه أول مرة يتحدث فيها رجال رفيعو المستوى في الشاباك، الذين كانوا على اتصال بأقرب درجة ممكنة بالجهة العنيفة للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، وعن نظرتهم إلى الأمور والعبر التي يستخلصونها بشكل علني أمام الجميع”.

على سبيل المثال يصرح آفي ديختر في الفيلم قائلاً: “لا تتم صناعة السلام بطرق عسكرية. عليك أن تبني السلام بناءً على نظام من الثقة، وبعد تنفيذ عمليات عسكرية أو من دونها. وأقول بعد تجربة طويلة ومعرفة الفلسطينيين إنه لا توجد مشكلة في بناء علاقات حقيقية مبنية على الثقة”.

تصريح آخر مفاجئ يأتي من قبل ابراهام شالوم، وهو أول رئيس لجهاز الشاباك، الذي يقول في الفيلم بأن: “علينا التحدث مع كل من هو مستعد للتحدث معنا، بما في ذلك “حماس”، و”الجهاد الإسلامي” ومحمود احمدي نجاد… هذه صفة المخابرات المهنية التي تدعو للتحدث مع الجميع. هكذا تظهر الأمور بوضوح. أرى أنه لا يأكل الزجاج وهو يرى بأنني لا أشرب النفط”.

س:هل كان من الصعب تجنيد رؤساء الشاباك السابقين ليتحدثوا أمام الكاميرا بشكل منفتح على هذا النحو؟ نحن نتحدث عن أناس ملتزمين بالسرية في الدرجة الأولى ؟

ج: “أرادوا التحدث، جئت إليهم بوقت ممتاز. كانوا معنيين بأن يشاطروا وجهات نظرهم بخصوص النزاع الإسرائيلي الفلسطيني”

س:في الواقع، كل رؤساء الشاباك الستة يعترفون في الفيلم بأن الاحتلال وغياب أفق سياسي يسبب أضرار لإسرائيل وأنه من المفضل لكلا الجهتين السعي للوصول إلى حل سياسي.

ج: “قطعاً. إنهم أناس عمليون جداً. إنهم يعلمون أكثر من أي شخص، بأن الصراع سوف يستمر وسوف يحصد الضحايا لو فضلنا على نفس المنوال كما هو الآن. إنهم يأتون ويقولون كفى، ولا يمكن الاستمرار أكثر من ذلك؛ يكفي مع هذه القوة التي لا تجدي نفعاً ولن تجدي نفعاً”.

س:فيلمك، كما هو معروف، قد أثار جدلاً واسعاً في إسرائيل. وقد قيل بأن الفيلم يتجاهل مسؤولية الجانب الفلسطيني لحالة غياب حل بين الطرفين من جراء أعمال الإرهاب، الذي أدى إلى انعدام الثقة في داخل الجمهور الإسرائيلي ومن ثم سقوط اليسار.

ج: “لقد كان هدفي جلب وجهة نظر رؤساء جهاز الأمن الإسرائيلي. نحن لا نتحدث عن عمل صحفي الذي يجب أن يجلب ادعاءات الطرفين. يمكنني القول أنه مباشرة بعد المراسيم سوف أعود للعمل على تكملة للمشروع. وأنا اعتزم تصوير 5 حلقات أخرى تحلل بشكل عميق القضايا التي تُطرح في الفيلم وأن أكتب كتاباً عن ذلك أيضاً. قضية مسؤولية الجانب الفلسطيني عن استمرار الصراع مخفية في داخل الفيلم. مثلاً عامي أيلون يتحدث عن موضوع المسؤولية المباشرة لعرفات عند اندلاع الانتفاضة الثانية وأن عرفات والجانب الفلسطيني لم يقدموا ما كان عليهم أن يقدموه بعد توقيع اتفاقيات أوسلو”.

س:هل تتوقع مكالمة هاتفية من نتنياهو في حال فزت بالجائزة، خصوصاً وأنك قد اتهمته في مقابلة مع شبكة CNN بالتحريض ضد رئيس الحكومة رابين في حينه، الذي قُتل في نهاية المطاف من قبل يهودي يدعى يغآل عمير؟

ج: “لا أعتقد أن نتنياهو سوف يتصل ليهنئني في حال فزت بالأوسكار، لكن في حال قام بذلك سوف أشكره على ذلك وسأقول له بأن عليه أن يرى الفيلم”.

س:ماذا تستنتج من الفيلم عن النظام السياسي؟ هل ترى أن هناك قائد إسرائيلي أو فلسطيني قادر على إنهاء الصراع؟

ج: “للأسف لا أرى أي قائد إسرائيلي يمكنه إنهاء الصراع. كما أنني لا أرى أي قائد فلسطيني يمكنه القيام بذلك. للأسف أنا متشائم بهذا الخصوص. أظن أن نتنياهو غير قادر على إخلاء مستوطنات غير قانونية. أبو مازن هو شريك لكنه لا يمثل كل الشعب الفلسطيني. البيئة القيادية ضعيفة ولذلك لا أرى في المستقبل القريب حل سياسي يمكنه أن يدوم. بالمناسبة رؤساء الشاباك هم أكثر تفاؤلاً مني. لقد قالوا لي لا تقلق، لأنه يمكن لقيادة ذات إرادة وقوة أن تفعل ذلك. أنا للأسف لا أرى قيادة كهذه في الأفق القريب”.

س:من هو جمهورك؟ ما الهدف السياسي الذي تسعى للوصول إليه؟

ج: “أتوجه إلى الجمهور العقلاني، وليس المتطرفين المتحصنين في مواقفهم سواء من اليمين أو اليسار السياسي في إسرائيل. أبحث عن الصوت العقلاني، وصوت الأغلبية في إسرائيل. أبحث من خلال الفيلم لكي أؤثر وأساعد في طرح موضوع السلام على رأس سلم الأولويات القومي”.

اقرأوا المزيد: 1063 كلمة
عرض أقل