نسب مراقبون إصدارات مرئية ظهرت مؤخرا تحت راية تنظيم الدولة الإسلامية، إلى أنصار تنظيم الدولة في غزة، والهدف من ورائها استقطاب القيادة المركزية للتنظيم في العراق، علّها تقبل مبايعتهم
يعمد أنصار تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في قطاع غزة، على نشر إصدارات مرئية تهاجم حركة حماس والدول العربية والإسلامية، في محاولة لاستقطاب قيادة التنظيم في سوريا والعراق لمشاهدة تلك الإصدارات، التي يمكن أن تؤثر على قبول البيعة التي كثيرا ما رفضها التنظيم بالخارج لأسباب لا تعرف.
وقد أصدرت مؤسسة “أشهاد الإعلامية”، التي يقف من ورائها أنضار تنظيم الدولة الإسلامية في غزة، منذ يومين، عملا مرئيا جديدا، هاجمت فيه الدول العربية والإسلامية وكذلك حركة حماس وفصائل فلسطينية وصفتهم بـ “عملاء اليهود” و “الغرب الكافر” التي تخدع بالشعب الفلسطيني.
وأشار الفيديو إلى عمليات الاعتقال التي تنفذها حماس ضد السلفيين الجهاديين في غزة وخاصةً ضد مطلقي الصواريخ والقذائف من القطاع ضد أهداف إسرائيلية، واصفا إياهم “ألا تبا لهم، من عملاء مرتدين خونة”. وتناول الفيديو مقطعا من كلمة لقائد تنظيم الدولة الإسلامية، داعش، أبو بكر البغدادي، يتحدث فيه عن فلسطين ويهدد الإسرائيليين بالقتل. كما أشار إلى عمليات نفذها شبان لا ينتمون لتنظيمات فلسطينية في الأشهر الأخيرة، بالإضافة لكلمة قيادي في ولاية سيناء يهدد بعمليات ضد الإسرائيليين.
https://www.youtube.com/watch?v=x1CqnFBtpHY
ويُعد هذا الفيديو هو الثاني لأنصار داعش بغزة، بعد الفيديو الأول الذي نشر منذ أسابيع باسم “فلسطين تفدي الخلافة” والذي تناول السيرة الحياتية لشبان من غزة، قتلوا في سوريا والعراق، خلال قتالهم مع التنظيم.
وبحسب تحليلات، فإن أنصار داعش بغزة يحاولون، عبر الفيديو، لفت انتباه قادة التنظيم في الخارج إليهم، خاصةً وأنه في أكثر من مرة بايع أنصار التنظيم البغدادي، إلا أن الأخير فضل عدم قبول هذه البيعة حتى الساعة.
وكان موقع “المصدر” قد كشف في أغسطس/ آب الماضي أن نحو 100 شخص قرروا في نهاية شهر رمضان الماضي مبايعة خليفة تنظيم الدولة الإسلامية، أبو بكر البغدادي. وقد نقلت البيعة منذ فترة قصيرة إلى قيادة التنظيم الموجودة في محافظة الرقة في سوريا، قبل أن تُنقل إلى العراق للنظر فيها من قبل القيادة المركزية لداعش.
https://www.youtube.com/watch?v=v_TLd5Ab7IM
وتولى نقل البيعة المصورة، جهاديون سلفيون، فروا من غزة بعد ملاحقات حماس لهم، وانضموا إلى داعش منذ أكثر من 3 سنوات. وكان هؤلاء من السباقين المشاركين في بداية البيعة للبغدادي أثناء وجودهم هناك. وكان بينهم أول من أطلق إمارة إسلامية في قطاع غزة، عبد اللطيف موسى، والذي قتلته حماس إلى جانب العشرات من الجهاديين بعد أن هاجمت مسجد ابن تيمية في الحادثة الشهيرة عام 2009.
ويظهر أن هناك منافسة شديدة في غزة بين الجماعات الجهادية للحصول على بيعة البغدادي إلا أنه حتى اللحظة لا يوجد اتصال رسمي مع أي جهة بينها وبين التنظيم.
كشفت مصادر من حركة حماس، أن الحركة شكلت مؤخرا لجنة “دعوية دينية” من الجناحين السياسي والعسكري لمحاولة وقف أعداد كبيرة من عناصرها لترك التنظيم والتشدد في مواقفهم السياسية والدينية بتأييد ومناصرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
ولجأت حماس كما فصائل أخرى منها الجهاد الإسلامي وغيرها إلى فصل العشرات من عناصرها الذين يبدون توجهات جهادية بتأييد داعش وأعمالها ومواقفها. إلا أن حماس فيما يبدو استدركت خطورة الأمر بتشكيل لجنة خاصة في محاولة منها لمناقشة عناصرها ممن فصلوا لإعادتهم للحركة وممن لهم توجهات فكرية نحو داعش لمناقشتهم فكريا ودينيا برفض الغلو في الدين ووسطية الإسلام.
وشكلت اللجنة الرئيسية، لجان فرعية تابعة لها للعمل في مختلف المناطق من خلال إجراء مراجعات فكرية – كما تسميها- الحركة للتقليل من لجوء أعداد كبيرة من الجناحين السياسي والعسكري لثنيهم عن الانضمام لتنظيم داعش.
ويترأس اللجنة الرئيسية مروان أبو راس أحد قيادات حركة حماس وأبرز مسئولين لجانها الدعوية منذ سنوات طويلة جدا، كما أن اللجان المشكلة تلقى دعما هاما داخل الحركة التي تعاني كغيرها من الفصائل الفلسطينية من تبني عناصرها للفكر “الداعشي”.
وقتل عددا من الفلسطينيين الذين كانوا ينتمون لحماس وكتائب القسام خلال مشاركتهم في عمليات قتالية مع تنظيم الدولة بسوريا والعراق.
ارتباك بين أوساط السلطات في غزة إثر انفجار خمس سيارات تابعة لعناصر وكوادر مسؤولة في كتائب عز الدين القسام، اليوم صباحا، دون أن يسفر عن وقوع إصابات حادة.
وتشن أجهزة الأمن التابعة لحرمة حماس حملة اعتقالات ضدﻋﻨﺎﺻﺮالمنظمات السلفية في قطاع غزة، تتواصل منذ ساعات الصباح.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة، إياد البزم: “عناصر تخريبية قامت صباح اليوم بتفجير عدد من السيارات التي تتبع لفصائل المقاومة وقد باشرت الأجهزة الأمنية التحقيق في الحادث وتعمل على تعقب الفاعلين؛ ونؤكد بأن المجرمين لن يفلتوا بجريمتهم”.
وقد تفاقمت العلاقات بين حماس والجهات المتطرفة المنتمية لتنظيم الدولة الإسلامية في غزة، في الأسابيع الماضية. تخشى حماس من أن جهات قد كانت منتمية إلى الحركة في الماضي قد خطت خطوة متطرفة وانضمت إلى داعش وتنظيمات سلفية، وخاصة على ضوء التوجه الظاهر للعيان للتقارب بين حماس والحكم العسكري في مصر.
عناصر من داعش (YouTube)
وقد وصلت العلاقات إلى حدها الأدنى عند نشر مقطع الفيديو الأخير لنشطاء في تنظيم الدولة الإسلامية ضد حماس وحكمها في غزة، وهددت من خلاله جهات تابعة للتنظيم المتطرف أنها ستُسقط حكم حماس وأن دولة الخلافة ستُسيطر على غزة أيضا. وتوجه المتحدثون في فيلم الفيديو إلى زعماء حماس قائلين: ”أنتم في حساباتنا لا شيء”. كان من بين المشاركين في فيلم الفيديو سكان غزة ونشطاء حماس سابقا، ومن بينهم عيسى اللقطة المُسمى ”أبو عائشة الغزاوي”.
في وسائل الإعلام الفلسطينية يوجهون اللوم ويشددون، وذلك قبل أن يتضح من يقف وراء التفجيرات، على من سيكون الرابح الأساسي في أعقاب أحداث هذا الصباح.
ناشط حماس الذي انضم إلى داعش ولكنه يخشي ركوب الجمل
فيلم فيديو قصير متداول على النت يظهر فيه عيسى اللقطة، الذي اشتهر بعد أن هدد أن داعش ستُسقط حماس في غزة، وهو يخشى ركوب الجمل إلى جانب أصدقائه الذين يسخرون منه
تظهر تفاصيل أخرى حول عيسى اللقطة، المُلقّب باسم “أبو عائشة الغزاوي” والذي انتشر في فيلم فيديو يُهدد فيه أن داعش ستُسقط حكم حركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة. يبلغ عيسى اللقطة 23 عاما من العمر وهو من حي الشيخ رضوان في قطاع غزة.
في الأسبوع الماضي، ظهر في فيلم فيديو وهو يهدد أن الدولة الإسلامية ستُسقط حكم حماس لأن الحركة لا تُطبق قوانين الشريعة في إطار حكمها. وفقًا للتقارير، كان اللقطة ناشطا في حماس، ولكن تم إبعاده من صفوفها. هناك تقديرات أن اللقطة قد ترك قطاع غزة ووصل إلى سوريا قبل نحو سنة ونصف من أجل المحاربة في الحرب الأهلية السورية.
في فيلم الفيديو القصير الذي نُشر في الأسبوع الماضي، يظهر اللقطة إلى جانب مقاتلي داعش، وهو يرتدي زيا ومسلحا، ويهدد حماس أنه في حال تابعت طريقها التكفيرية، ستقتُل داعش رجالها في غزة ولن يبقى أحد منهم. بعد عدة أيام من ذلك، حدث الهجوم الكبير لداعش ضد الجيش المصري في سيناء، في منطقتي رفح والشيخ زويد القريبتين جدا من قطاع غزة.
https://youtu.be/jUCjCNA-Gac
وقد نُشر قبل عدة أيام فيديو يُظهر ماضي اللقطة تحت عنوان “عيسى اللقطة الذي ظهر بفيديو تهديد داعش لحماس يُظهر مدى خوفه من الركوب على الجمل”. يظهر اللقطة في فيلم الفيديو الهزلي وهو يخشى ركوب الجمل، ويستفزه أصدقاؤه ويصرخون “يا خويف”.
شن سلاح الجو الإسرائيلي فجر الأحد غارة على موقع تدريب تابع لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في شمال قطاع غزة بدون وقوع إصابات، وفق ما أكدت مصادر أمنية فلسطينية وشهود.
وقال المصدر الأمني إن “طائرات العدو نفذت فجر اليوم غارة جوية على موقع لكتائب القسام في بيت لاهيا ما أوقع أضرارا فيه وفي المنطقة المحيطة ولم تسجل إصابات” مشيرا إلى ان الموقع إستهدف ب”عدة صواريخ”.
وأوضح شهود أن “عدة انفجارات سمعت واندلع حريق داخل الموقع أثر القصف الجوي الإسرائيلي”.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أن الطيران شن غارة ليل السبت الأحد في شمال قطاع غزة ردا على إطلاق صاروخ مساء على جنوب اسرائيل.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الكولونيل بيتر ليرنر على تويتر إن صاروخا اطلق مساء السبت من قطاع غزة على جنوب إسرائيل بدون أن يوقع ضحايا.
وهي ثالث عملية اطلاق صواريخ على إسرائيل خلال عشرة أيام.
وبعد ذلك قالت متحدثة باسم الجيش إن الطيران الإسرائيلي رد ليل السبت الأحد بشن هجوم على “بنية تحتية إرهابية” في شمال قطاع غزة بدون أن تورد تفاصيل أخرى.
من جهة أخرى قالت المتحدثة إن السلطات الإسرائيلية قررت أن تغلق “حتى اشعار آخر” المعبرين اللذين يربطان بين إسرائيل وغزة معبر ايريز (بيت حانون) للأفراد ومعبر كيريم شالوم (كرم ابو سالم) للبضائع.
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الصاروخ سقط في أرض خلاء جنوب مدينة عسقلان.
وأطلقت ثلاثة صواريخ الأربعاء من قطاع غزة على جنوب إسرائيل مستهدفة على ما يبدو عسقلان، اعقبتها غارات جوية اسرائيلية على القطاع.
وأفادت وسائل الإعلام الاسرائيلية مساء الجمعة عن نشر بطاريات دفاع صاروخي حول عسقلان من باب الحيطة وإمتنع الجيش عن تاكيد أو نفي هذا الخبر.
في تطرق إلى التفجيرات الأخيرة في الضفة الغربية قبل الذكرى ال10 على موت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، دعت حركة حماس على لسان المتحدث باسمها، سامي ابو زهري، في مؤتمر صحفي عقدته اليوم الأحد، حركة فتح إلى عدم تصدير أزماتها الداخلية للغير والكف عن “المهاترات”، والزج بحماس في قضاياها الداخلية.
واستنكر أبو زهري قرار فتح إلغاء المهرجان وما ورد في بيانها الذي حمّل حماس مسئولية التفجيرات الأخيرة في غزة، وإلغاء مهرجان ذكرى وفاة عرفات. وجدّد ابو زهري إدانة حماس لحوادث التفجير ودعوتها لملاحقة المجرمين المسئولين عنها وتقديمهم للعدالة.
وما زالت قضية التفجيرات الأخيرة التي وقعت على منازل مسؤولي فتح، ومنصة الذكرى لعرفات تثير أسئلة كثيرة لدى الفلسطينيين. وقد أظهرت الدلائل الأولى أن الأمر متعمد من جانب السلفية الجهادية أو تنظيم داعش بشحمه ولحمه، لكن الواقع أكثر تعقيدا.
لقد شمل البيان الذي ظهر في يوم التفجيرات في الشبكات الاجتماعية، وكما يبدو باسم داعش، إعلان مسؤولية الدولة الإسلامية على التفجيرات، وكذلك تهديدَ من يريد الاشتراك في مراسم ذكرى عرفات، وعلى رأسهم مسؤول فتح في القطاع.
بيان تنظيم داعش المزيف
لكن في نفس اليوم تبين للجميع أن إعلان المسؤولية وهمي. أنكر المسؤول في السلفية الجهادية أبو المعتصم المقدسي إنكارا جارفا أن يكون للتنظيم السلفي أي يد في التفجيرات، مما يعيد إلى المركز المتهمة الرئيسية في التفجيرات، حماس.
الاستراتيجية الإعلامية لحماس هي من ناحيةٍ إنكار مسؤوليتها عن التفجيرات، ومن ناحية أخرى اتهام رجال فتح بالتجاوزات ضد رجالها في الضفة الغربية. لقد اهتمت العناوين الرئيسية في صحيفة “فلسطين” التابعة لحماس في قطاع غزة بحدث إطلاق النار في كفر كنا، والعنوان الثانوي كان: “خريشة يطالب بوقف الاعتداء على مسيرات الأقصى”، مع ذكر بسيط في آخر الصفحة عن التحقيق في التفجيرات.
الخوف الأكبر لحماس هو أن يقصيَ موضوع التفجيرات موضوع الأقصى والتوتر مع إسرائيل عن جدول الأعمال.
شرطة حماس في غزة (SAID KHATIB / AFP)
في موقع “فلسطين” عرض صحفيو حماس مقابلة مع “خبير” من جهتهم، بغاية التأكيد أنه ليست لحماس أي يد في التفجير. اقتُبست أقوال “الخبير”، أستاذ الجامعة الإسلامية د. وليد المدلل، قائلا: ”هذه التفجيرات مدانة من كافة أبناء الشعب الفلسطيني، لأنها خارجة عن تقاليدنا وعاداتنا، وتأتي في الوقت الذي يشهد فيه القطاع أمنًا جيدًا. حماس لا يمكن أن تقوم بهذا العمل في الوقت الذي تروّج فيه إسرائيل أمام المجتمع الدولي أنها منظمة إرهابية”.
لكن د. عيدو زلكوفيتش، من جامعة حيفا متأكد أن حماس هي من يقف وراء التفجيرات، ومن وراء محاولة عرض الأمر وكأن داعش فعلته. كتب زلكوفيتش في صفحته على الفيس بوك أن “سلسلة التفجيرات التي وجهت إلى بيوت وممتلكات رجال فتح الخاصة في قطاع غزة، ونُسبت بإعلانِ مسؤولية مزيفٍ إلى داعش، تشير إلى أن رجال حماس أيضا يستخدمون استخداما مستهترا وجود داعش لتحقيق أجندة سياسية”.
لقد شرح زلكوفيتش: “حماس غير معنية بإقامة ذكرى وفاة عرفات في 11 تشرين الثاني. ستزيل الاحتجاجات الشعبية ضد حماس في قطاع غزة، الأضواء من الانتفاضة الثالثة الآخذة في التطور في الضفة الغربية”.
حسب تعبيره، تتمنى حماس قيام انتفاضة ثالثة حول قضية الأقصى التي تصدرت العناوين مؤخرا، آملة أن يكون للحركة وظيفة مركزية في انتفاضة كهذه. بقي فقط أن نرى إن كان تفجير بيوت مسؤولي فتح خطوة أثقل من اللازم في الحرب على قلوب السكان.
هل نفذ تنظيم الدولة الإسلامية أول عملية إرهابية له ضد هدف غربي في قطاع غزة؟ نُشر اليوم (الأربعاء) في قطاع غزة بيان مُذيل بتوقيع “تنظيم داعش في غزة” وفيه يتبنى التنظيم مسؤوليته عن تفجير المركز الثقافي الفرنسي البارحة، غربي مدينة غزة. خُتم البيان بمقولة “هذه أول عملية لتنظيم الدولة الإسلامية في قطاع غزة”.
هزت بعض الانفجارات، بُعيد منتصف الليل، المركز الثقافي الفرنسي في غربي مدينة غزة. اندلع حريق في المكان وتضرر المبنى. ويقع المركز الثقافي الفرنسي في مبنى جديد وفخم، تم بناؤه قبل عامين. يمكن في المركز الثقافي تعلم اللغة الفرنسية ويشارك الكثير من الشبان الفلسطينيين بالنشاطات التي يقيمها المركز.
لم يصب أحد من الانفجار بسبب وقوعه في وقت متأخر من الليل. أسرعت حماس بالتغطية على الأمر ونشرت شائعات تقول إن المولد الكهربائي في المركز انفجر ونتيجة ذلك انفجرت خزانات وقود كانت قريبة منه، ولكن، المتحدث باسم وزارة الداخلية في غزة أشار إلى أنه يتم التحقيق بالأمر لمعرفة حيثيات ذلك الحادث.
تم هذا الصباح، كما أسلفنا، نشر بيان مجهول المصدر يحمل شعار داعش: “نجح مقاتلونا بتفجير مركز البغي والكفر المعروف باسم المركز الثقافي وذلك بعد عملية رصد استمرت بضعة أسابيع”، كما جاء في البيان.
بيان داعش
أشار البيان أيضًا إلى أن عملية التفجير تمت بوضع عبوة ناسفة تزن 200 كغم في مبنى قريب من خزانات الوقود. تلك الخزانات مخصصة لتعبئة المولدات الكهربائية عند انقطاع الكهرباء.
ربما يحاول ذلك البيان التفاخر بالعملية الإرهابية الأولى التي ينفذها تنظيم داعش في غزة ووجود التنظيم فيها، ولكن التاريخ الموقع به ذلك البيان ليس صحيحًا – 10 تشرين الأول، والتفجير كان في 7 تشرين الأول.
لا يزال من غير الواضح إن كان ذلك البيان صحيحًا أم لا. ربما هذه أول مرة يتبنى فيها تنظيم داعش مسؤوليته عن تنفيذ عمليات إرهابية في غزة، إلا أن هناك جماعات سلفية متطرفة جدًا موجودة في غزة منذ سنوات. وهي تعمل وفق نهج الدولة الإسلامية تمامًا.
تزايدت في الأسابيع الأخيرة العمليات الإرهابية لتنظيم "أنصار بين المقدس" في سيناء. يمكن التقدير، بأنّ زيادة نطاق عمليات التنظيم، التي تمتدّ إلى المدن المصرية، متأثّرة بتوثيق علاقاته مع تنظيمات إرهابية ليست مصرية وعلى رأسها داعش
تزايدت في الأسابيع الأخيرة العمليات الإرهابية لتنظيم “أنصار بين المقدس” في سيناء. يمكن التقدير، أنّ زيادة نطاق عمليات التنظيم، التي تمتدّ إلى المدن المصرية، متأثّرة بتوثيق علاقاته مع تنظيمات إرهابية ليست مصرية وعلى رأسها داعش بالإضافة إلى شركاء جهاديين سلفيين من غزة، وهو يشكّل تحديًا خطيرًا أمام الشعور بالأمن والاستقرار لدى نظام الرئيس السيسي. على هذه الخلفية نفهم أيضًا زيادة عمليات الجيش المصري في الآونة الأخيرة ضدّ الإرهاب في سيناء. وقد حدث من أجل ذلك تقارب متجدد بين الولايات المتحدة ومصر، ووفّرت الولايات المتحدة لجيش الرئيس السيسي مروحيّات هجومية من نوع أباتشي، كتعبير عن التعاون بين كلتا الدولتين في المعركة ضدّ الإرهاب.
تتركز العمليات الإرهابية المكثّفة التي يقوم بها تنظيم أنصار بيت المقدس في سيناء بشكل أساسي في شمال ووسط شبه الجزيرة، ومؤخرًا أيضًا على الحدود مع ليبيا، وتركّز على مهاجمة الجنود، الكمائن، زرع القنابل على جوانب الطرق ومهاجمة خطّ أنابيب الغاز. أصبحت هجمات التنظيم أكثر جرأة وفتكا، وتم تنفيذ بعضها بخصائص تذكّرنا بأسلوب داعش الوحشي، والذي يشمل الإعدام بدم بارد لمجموعة من الجنود المصريين وقطع رؤوس من يتم القبض عليهم كخونة ومرتدين.
ينبغي التأكيد على أنّ داعش تكشف في الآونة الأخيرة عن اهتمام كبير بما يحدث في ليبيا وتسعى لاستغلال الفوضى السائدة في تلك الدولة المقسّمة لتلقّي دعم من التنظيمات الجهادية، التي تعمل فيها واستخدامها كنقطة انطلاق لدول مجاورة لها وفي مقدّمتها مصر
وتبرز في هذا السياق العلاقات الوثيقة بين أنصار بيت المقدس وبين داعش في السنة الأخيرة. نقل التنظيم المصري، الذي عبّر في إعلان تأسيسه في أواخر العام 2011 علنًا عن ولائه للقاعدة وزعيمها الجديد الظواهري، كما يبدو ولاءه مؤخرًا لأبي بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، الذي نصب نفسه خليفة. وبذلك فهو يتحدى قيادة الظواهري، في استجابة لطلب رجال داعش. ظهر مؤخرًا بوضوح طبيعة ونطاق العلاقات بين التنظيمين في أعقاب الكشف عن مواد تحقيق نادرة أطلقتها السلطات المصرية، بعد اعتقال أحد كبار العناصر في التنظيم المصري. كان العنصر، عادل حبارة، في السابق قائدًا كبيرًا في تنظيم الجهاد الإسلامي المصري، من أتباع الظواهري، وكان من أعطى في آب 2013 أوامر مهاجمة وقتل نحو خمسة وعشرين جنديًّا مصريًّا، والذين تم إنزالهم من حافلة كانت تقلّهم وتمّ إطلاق النار عليهم بدم بارد من قبل مهاجميهم. ظهر في تفريغ المحادثات التي جرت بين مسؤولي كلا التنظيمين، أنّ عناصر أنصار بيت المقدس أخبروا زملاءهم من داعش عن المذبحة التي قاموا بتنفيذها وطلبوا منهم تمويلا مقابل الدعم اللوجستي، بما في ذلك الحصول على وثائق ليبية من أجلهم وتقديم يمين الولاء.
وينبغي التأكيد على أنّ داعش تكشف في الآونة الأخيرة عن اهتمام كبير بما يحدث في ليبيا وتسعى لاستغلال الفوضى السائدة في تلك الدولة المقسّمة لتلقّي دعم من التنظيمات الجهادية، التي تعمل فيها واستخدامها كنقطة انطلاق لدول مجاورة لها وفي مقدّمتها مصر. وهكذا، أمسك المصريون مؤخرًا بخلية من عناصر داعش، والتي حاولت التسلل من ليبيا إلى مصر. ويُذكر أنّ تنظيم أنصار بيت المقدس أيضًا يعمل في تلك المنطقة وفي هذا الإطار قام عناصره بتنفيذ هجوم على موقع عسكري مصري على الحدود الليبية راح ضحيّته 22 جنديًّا مصريًّا.
تساهم غزة أيضًا في التعاون بين تلك التنظيمات الجهادية في سيناء. رغم أنّ العلاقة بين أنصار بيت المقدس والتنظيمات الجهادية السلفية ليست جديدة، فقد تلقّى في الآونة الأخيرة دفعة هائلة حول عملية “الجرف الصامد”. عبّر تنظيم أنصار بين المقدس خلال العملية عن دعمه علنًا لنضال أهل غزة بل وأطلق صواريخ باتجاه البلدات: بني نتساريم، كتسيعوت وإيلات. وتم الإمساك بسيارة أخرى مليئة بصواريخ عناصر التنظيم من قبل قوات الأمن المصرية قبل أن يستطيعوا إطلاقها باتجاه إسرائيل. وقد أطلق التنظيم المصري أيضًا إرهابيًّا انتحاريًّا إلى معبر كرم أبو سالم ولكن تم اغتياله من قبل عناصر حرس الحدود المصريين قبل تنفيذ خطّته. وفي هذا السياق من الجدير أن نذكر، بأنّه تم مؤخرًا الإعلان في غزة عن تنظيم جهادي سلفي جديد باسم “أنصار الدولة الإسلامية في غزة”. وثق عناصر هذا التنظيم أنفسهم وهم يطلقون الصواريخ باتجاه أهداف مختلفة في إسرائيل خلال عملية “الجرف الصامد” في الوقت الذي ينقلون فيه أقوال أبي مصعب الزرقاوي، سلف تنظيم داعش، ويعبّرون عن تأييدهم لتنظيم الدولة الإسلامية.
https://www.youtube.com/watch?v=5RgWYCIwIWA
استُخدمت غزة أيضًا كمكان للاختباء وكممرّ لعناصر داعش الذين كانوا في طريقهم منها إلى سيناء. بهذه الطريقة على سبيل المثال قام المصريّون بالقبض على شبكة من عناصر داعش، بلغ تعدادها 15 عضوًا، من بينهم سوريّون، عراقيّون، مصريّون، والذين قاتلوا في صفوفها قبل أن يتمكّنوا من الانضمام إلى عناصر أنصار بيت المقدس في سيناء بهدف تنفيذ عمليات إرهابية مشتركة ضدّ قوات الأمن المصرية.
يعمل أعضاء أنصار بيت المقدس (إلى جانب تنظيمات محلّية أصغر مثل الفرقان، أجناد مصر وجيش الإسلام) في مصر أيضًا. وتشمل عملياتهم إطلاق نار باتجاه الشرطة والحواجز، اغتيال مسؤولين مصريّين ورجال الشرطة الذين ينتمون إلى قوات الأمن. ركّز التنظيم مؤخرًا على عمليات في مناطق مجاورة للقصر الرئاسي في القاهرة وفي مباني الوزارات الحكومية.
رغم أن تنظيم داعش حتى الآن لم يعمل على أرض مصر، ولكن في أعقاب تصريح الرئيس المصري بأنّ بلاده ستساهم في التحالف الدولي ضدّ داعش؛ دعا الناطق باسم التنظيم، العدناني، شركاءه في سيناء إلى زيادة حدة الهجمات ضدّ قوات الأمن المصرية – والذين وصفهم باليهود، وجنود فرعون مصر الجديد – ودعاهم إلى مهاجمة قواعدهم، السيطرة على منازلهم وقطع رؤوسهم.
تم مؤخرًا الإعلان في غزة عن تنظيم جهادي سلفي جديد باسم “أنصار الدولة الإسلامية في غزة”
على ضوء ذلك كله، شن الجيش المصري هجومًا كثيفًا على التنظيمات الإرهابية في سيناء. إنّه يقوم باعتقالات ضدّ نشطاء كثر، يقصف من الجوّ مواقع لهم ومواقع إطلاق الصواريخ تحت الأرض، ويدير معارك صعبة مع مطلوبين وقادة كبار في التنظيم.
استمرت الحرب ضد أنفاق التهريب من قطاع غزة دون هوادة، ورغم نجاح الجيش المصري في تدمير مئات الأنفاق منذ أن بدأت العملية لكشفها، يبدو أنّها ما زالت تشكّل تهديدًا حقيقيًّا على سلامة المصريين في سيناء. ولذلك يبدو أنّه في الأسابيع الأخيرة ستتكثّف الحرب التي يديرها الجيش المصري وقواها الأمنية ضدّ الإرهاب المتنامي في سيناء، والذي يضر أيضًا داخل مصر. إنّ حقيقة أنّ مصر مضطرة الآن إلى مواجهة التهديد الإرهابي الحادّ واليومي في مناطق مختلفة؛ داخلها، في سيناء، في الحدود الليبية والحدود مع غزة، كلّ ذلك يُلزمها بجهود مركّزة وتعاون مع حلفائها الإقليميين والدوليين. تعتبر إسرائيل دون شك حليفًا وشريكًا مخلصًا ضدّ الإرهاب الجهادي السلفي، وخصوصًا لكونها هدفًا لهجمات تلك التنظيمات.
جندي مصري على معبر رفح (AFP)
أعرب ضباط كبار في إسرائيل مؤخرًا عن أنّهم يرون في داعش في هذه المرحلة عدوّا بعيدًا لا تبدو إسرائيل في نظره هدفًا أوليًّا وبالتأكيد ليس في المدى القصير. ومع ذلك، من الجدير الانتباه للتحالف الذي يتوثق بين داعش وأنصار بيت المقدس وتنظيمات جهادية سلفية في غزة. يجعل هذا التوجه من داعش هدفًا استخباراتيًّا فوريًا، للتتبع والوقاية مع التعاون الوثيق مع شركاء عرب وغربيين على حدّ سواء.
ورغم أنّه من المفضل لإسرائيل أيضًا عدم الوقوف في جبهة الحملة العالمية ضدّ داعش، فهذا أمر واضح لأنّ عليها تقديم قدراتها المثبتة في مجال الاستخبارات والعمليات لصالح الحملة العالمية من أجل منع توسع الإرهاب الجهادي السلفي، الذي يقف على حدودها في الجنوب، الشمال وفي المستقبل كما يبدو في الشرق أيضًا.