يرتبط الشرق الأوسط غالبا بتصدير النفط والغاز، بالبلدان التي تشهد صراعات وانقسامات، الحروب الأهلية، خلايا الإرهاب وما لا يُحصى من الكوارث الطبيعية.
ولكن مؤخرًا تم أيضًا تسجيل إنجازات في مجالات أخرى وأقلّ ذكرا في الإعلام الدولي مثل مجال تصدير الأزياء ومصممي الأزياء الذين نجحوا في اقتحام السوق الأوروبية والغربية وأن يعرضوا الأزياء من تصميمهم في عواصم الأزياء العالمية: باريس، ميلانو، نيويورك وميامي.
ففي فيلم “Sex anf the City 2” تقضي كاري برادشو وصديقاتها وقتهنّ في أبو ظبي، بما يتم عرضه كعطلة من الأحلام، تتضمن خَدما، سيارات ليموزين، برك سباحة فخمة وأطعمة مُذهلة. وفي أحد المشاهد التي لا تُنسى من الفيلم يقمنَ بالاحتماء في ذروة مطاردة بالسوق في غرفة خلفية فيها نساء محليّات، يتغطين عادة من أخمص الأقدام حتى الرأس، خلعن ملابسهنّ وكنّ يقارنّ ملابس المصممين التي يرتدينها تحت العباءة. “واو”، يتفاجأن، “إنهنّ مثلنا تماما”.
وقد بلغت قيمة سوق الأزياء الإسلامي 96 مليار دولار وهو مستمرّ في النموّ بسرعة، وفقا لتقديرات شركة Souq Strategies، والتي تقدّم الاستشارة للشركات الأوروبية التي تسعى إلى العمل في العالم العربي.
ونحن في هذه المقالة لا نرغب بالحديث عن النموّ الكبير في أسواق الأزياء في العالم العربي بقدر ما نودّ التركيز على 4 مصمّمي أزياء كبار ترعرعوا في دول الشرق الأوسط. لقد نجح هؤلاء المصمّمون في اقتحام الأسواق الأوروبية والأمريكية بل والآسيوية وفي تقديم أناقة شرق أوسطية خاصة. فنجحوا ليس في افتتاح فروع في عواصم العالم فحسب، بل في إلباس عدد غير قليل من نجمات هوليوود العمالقة أيضا.
إيلي صعب
في عام 2002، فازت الممثلة هالي بيري بالأوسكار. لقد كان ذلك فوزا تاريخيا، لأنّه قبل ذلك لم تفز أبدا ممثلة سمراء البشرة بجائزة الممثلة الرئيسية بالتمثال الذهبي. ولكن كان هناك تطوّر آخر تم تسجيله: فقد أصبح مصمّم الأزياء اللبناني، إيلي صعب، الذي ألبس بيري لذلك الحفل، أشهر من نار على علم في أوساط نجمات هوليوود. من الصعب أن نتذكر منذ ذلك الحين حفل سجادة حمراء هوليوودي دون مشاركة ذلك المصمم من بلاد الأرز. ولكن ليس من الصعب أبدا أن نفهم نجاحه هذا. لقد أسر السحر الكلاسيكي، الحياكة الراقية، القصات المغرية والدمج بين الشرق والغرب قلوب نجمات مثل بيونسيه، كاثرين زيتا جونس، الملكة رانيا وغيرهنّ.
لقد بدأ صعب، الذي وُلد لأسرة مسيحية في بيروت، بالاهتمام بالأزياء منذ سنّ صغيرة (التاسعة من عمره). فسافر عام 1981 إلى باريس لدراسة التصميم وعاد إلى لبنان بعد عام. ولقد افتتح الأستوديو الخاص به عام 1982، عندما كان في الثامنة عشرة من عمره وفي ذروة أيام الحرب الأهلية اللبنانية، مع عشرة عاملين، في بيروت. في بداية حياته المهنية، صمّم صعب فساتين عرائس وسهرات فقط.
وقد بدأ نجاحه في لبنان بعد عرض أزياء ناجح في الكازينو المعروف “Casino du Liban” في بيروت. بعد هذا العرض، بدأ بتصميم الملابس للنساء اللبنانيات العاملات في مجال الإعلام والترفيه، ومن بينهنّ المطربة فيروز. في تلك الفترة، كان معروفا في أنحاء العالم العربي، ومن بين زبائنه يمكن أن نعدّ الكثير من العربيات المشهورات، ومن بينهنّ ملكة الأردن رانيا.
لقد اشتهر صعب خارج لبنان عام 1997 عندما عرض للمرة الأولى مجموعته في روما، إيطاليا. في نفس العام، انضم إلى Camera Nazionale della Moda وأصبح العضو غير الإيطالي الأول، والوحيد حتى الآن. بعد سنة من ذلك، عام 1998، عرض مجموعة أزياء من تصميمه في عرض أزياء في موناكو. في ذلك العام، عرض مجموعته في ميلانو أيضًا. ومنذ ذلك الحين أصبح كل شيء تاريخًا، فلقد أصبح إيلي صعب شخصية أزياء مطلوبة في الصالونات الأفخم حول العالم.
في عام 2007، شارك كقاضٍ رئيسي في برنامج الواقع اللبناني “Mission Fashion” الذي تنافست فيه عارضات أزياء ومصمّمون عرب شباب على جائزة مالية. يعيش صعب في باريس وبيروت بالتناوب، وهو متزوج من كلودين وأب لثلاثة أبناء.
زهير مراد
تصدّر زهير مراد هذا الأسبوع العناوين بعد أن نُشرت صور فستان العروس الهوليوودية، صوفيا فرغارا، من تصميمه.
بعد الثانوية مباشرة، انتقل مراد من بيروت إلى باريس، حيث درس تصميم الأزياء هناك. عام 1999، وظهر للمرة الأولى في مسارات الأزياء في روما وحظي بردود فعل إيجابية. عام 1995، افتتح متجره الثالث في بيروت.
تشمل خطوط الإنتاج التابعة له ملابس هوت كوتور، ملابس جاهزة للارتداء، وملحقات ونظارات شمسية. لديه متاجر ملابس في بيروت في جادة شارل
حلو، وفي باريس أيضًا، في شارع فراسوا الأول. بالإضافة إلى ذلك لديه قاعة عرض في ميلانو.
ترتدي فساتينه العديد من النجمات من جميع أنحاء العالم، ومن بينهنّ المطربات العمالقة تايلور سويفت، بيونسيه، مايلي سايرس وكريستينا أغيليرا.
ألبير إلباز
عصف عالم الأزياء في الشهر الماضي حول الخبر التالي: المصمم الإسرائيلي الناجح في العالم، ألبير إلباز، يترك دار الأزياء الفرنسية لانفين (Lanvin) بعد 14 عاما كان قد ترأس وقاد خلالها الشركة التي أصحبت في مقدمة عالم الأزياء. وفقا للتقرير، فقد جاءت الاستقالة بعد خلافات مع مالكيها والمدير العام للعلامة التجارية. وذُكر أيضًا أن إلباز قد أخلى أغراضه من مكتبه في باريس، وتم إخطار الموظفين. ومع ذلك، لم يرد ردّ رسمي من العلامة التجارية أو من المصمم. هناك أيضًا من شكّ في توقيت استقالة إلباز بعد أن خلتْ في نفس الوقت تماما وظيفة المصمم الرئيسي في دار الأزياء Dior.
وُيعتبر إلباز أحد المصممين اللامعين في هذا العصر. وُلد في المغرب عام 1961، ووصل مع أسرته إلى إسرائيل وهو لا يزال رضيعا. وقد تخرج من كلية تصميم معروفة جدا في إسرائيل. ويُعتبر أحد المصممين الرواد في العالم، وهو معروف، من بين أمور أخرى، بفضل أسلوبه الفضفاض والرشيق. قبل بدء وظيفته في دار الأزياء الفرنسية Lanvin، صمّم ملابس نسائية لدار الأزياء الفرنسية، إيف سان لوران. عام 2007، حصل على وسام الشرف الفرنسي بفضل عمله.
عام 2005، حصل إلباز على جائزة مصمم الأزياء العالمي لذلك العام، من قبل رابطة مصممي الأزياء في الولايات المتحدة، واختارته مجلة التايم عام 2007 كواحد من أكثر 100 شخص مؤثرين في العالم.
نجمات هوليوود اللواتي يحبّ إلباز إلباسهنّ هنّ الممثلّة الأسطورية ميريل ستريب، إيما ستون.
في الوقت الراهن، يمكن البدء بالتكهّن حول مستقبل إلباز المهني، هل سيرث مكان المصمم الرئيسي لدار الأزياء ديور؟ هل سيؤسس شركة مستقلة تعتمد على السمعة الجيدة والموهوبة التي بناها لنفسه خلال السنين؟ أم إنه سيرغب في العودة إلى إسرائيل وإقامة متجر فيها؟
إيلي طهاري
تتضمن قائمة المصمّمين الشرق أوسطيين إيلي طهاري. لقد تصدّر إيلي أيضًا في بداية كانون الثاني العناوين التي هزّت عالم الأزياء. هذه المرة لم تكن الأخبار سارة. لقد نفى طهاري الاتهامات التي تقول إنه تحرّش جنسيا بموظفة عملت معه. وقد جاء هذا النفي في أعقاب ما نُشر، حيث تم الكشف عن أنّ امرأة عملت معه قدّمت دعوى بتهمة التحرّش الجنسي وكتعويض رفعت دعوة لمقاضاته بقيمة 12 مليون دولار.
وفي إطار هذه الاتهامات الخطيرة التي نُشرت، تدّعي المدّعية أنّ مصمّم الأزياء الإسرائيلي – الأمريكي قد لمسها عندما عرضت أمامه تنورة من تصميمه. ولم تصل القصّة بعد إلى نهايتها، ولكننا سنركّز على أعمال طهاري.
تنجح دائما القصص عن الأغنياء التي تبدأ بالقول “لقد وصل إلى نيويورك وبحوزته 100 دولار” في إثارة الخيال. ولكن عندما تبدأ القصة في القدس، وتنتقل في أرجاء إسرائيل، وتنتهي في إمبراطورية أزياء نيويوركية – وتحظى بالنجاح وبالملايين فتكون نهايتها أجمل. وخصوصا عندما يكون الحديث عن مصمم أزياء إسرائيلي لم تطأ قدمه أبدا مدرسة للأزياء أو مدرسة لإدارة الأعمال.
طهاري هو أحد مصممي الأزياء الراقية الأشهر في العالم. وهو يهيمن على علامتين تجاريتين وعلى استثمارات عقارية في نيويورك وإسرائيل، بقيمة تقدّر بـ 400-500 مليون دولار.
ورغم أن طهاري ناشط في عالم الأزياء منذ نحو 30 عاما، فقد قفز قفزة كبيرة في السنوات الأخيرة، وافتتح 20 متجرا رئيسيا في الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، فهو يبيع في نحو 600 محلّ ومتجر كبير في البلاد بالإضافة إلى 300 متحر خارجها.
يعرف الإسرائيليون دونا كاران، جورجو أرماني بل وحتى فيرا فانج، ولكن اسم طهاري، الذي يظهر في المتاجر الكبرى في نيويورك إلى جانب أسماء المصممين المعروفين، لا يعني لهم الكثير. ويعود السبب الأساسي لذلك أنه لا يمكن في إسرائيل شراء ملابسه. وعندما يسألونه لماذا، فهو لا يقدّم تفسيرا مقنعا. ويقول “أنا أريد الشخص الملائم الذي يطوّر المتجر ويحقق العدالة مع العلامة التجارية”.