في الوقت الذي يستعدّ فيه العالم لبطولة كأس العالم التي ستُستهَلّ في البرازيل بعد أقل من شهر، تعلو الأصوات في أرجاء العالم، مُطالِبةَ بنقل بطولة كأس العالم التي ستُقام عام 2022 في قطر إلى دولة أخرى. تعود الأسباب الأساسية لهذه الدعوات إلى شبهات حادة بالفساد، إقامة المبارَيات في طقس حار جدًّا في الصيف، وانتهاك حقوق الإنسان للعاملين – وهو السبب الأكثر انتشارًا في الآونة الأخيرة.
فقبل عدة أيام، نُشرت مقالة تحقيقية للقناة الرياضية الأمريكية ESPN، كُشف فيها النقاب عن بعض الأذى الذي أُلحق بحقوق العمال الذين يبنون البنى التحتيّة العملاقة للمونديال. ويشمل ما كُشف ما لا يقلّ عن 184 حالة موت عمّال من النيبال، معظمهم في عشريناتهم وثلاثيناتهم، عُرّفت حالاتُهم رسميًّا بأنها “موت جرّاء نوبة قلبية”، مع شكوكٍ بإخفاء الوقائع الحقيقيّة.
وفق شهاداتٍ جاءت من أماكن أخرى، يعمل العمّال أحيانًا بدرجة حرارة 45 في الظلّ، دون الحصول على معدّات طبيّة، معدّات ملائمة، وأحيانًا دون شُرب. وهم يُسكنون 15 رجلًا في غُرَف صغيرة، دون كهرباء، مياه متدفّقة، تكييف هواء، ومنظومة صرف صحي مناسبة.
يُذكَر أن لا أحد من هؤلاء العمّال قطريّ. فمعظمهم من النيبال، الفيلبين، الهند، وسريلانكا. قطر هي دولة مغمورة بالعمّال الأجانب، ويُقدَّر حاليًّا أنّ مجرّد 12% من سُكّان قطر هم مواطنون، فيما الباقون عمّال أجانب يشكّلون ما لا يقلّ عن 94% من القوى العاملة في الدولة.
وكانت المنظمة الدولية المضادّة للعبوديّة (Anti-Slavery International) قد زعمت منذ مدّة قصيرة أنّ ثمة شهاداتٍ متراكمة على أنّ بناء المدرّجات يرافقه عمل قَسريّ. وفق القانون في قطر، العامل هو تحت مسؤولية ربّ العمل التامّة، لا يُسمَح له بتبديل العمل، تغيير العنوان، أو مغادَرة الدولة دون إذن ربّ العمل. ويمكن أن تلائم هذه الظروف تعريف اليونسكو لـ “الأشكال العصريّة من العبوديّة”.
في التقرير التحقيقي، قُدّر أنّ حالات الوفاة مرتبطة بظروف التشغيل السيّئة وظروف الحرارة القُصوى التي يعمل فيها العمّال، وأُلحق التقرير بتقدير مخيف أنه وفق الوتيرة الحاليّة، سيلقى أكثر من 4000 عامل حتفهم حتّى افتتاح المونديال، مع العِلم أنّ العمّال أنجزوا حتّى الآن بناء مدرّج واحد، من أصل المُدرَّجات الـ 12 المخطَّط بناؤها للبُطولة.
قبل بضعة أيّام فقط، اعترف سيب بلاتر، الأمين العام للاتّحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، أنّ قرار إقامة المونديال في الدولة الخليجية كان خطأً، لكنّه برّر رأيه بالخشية الكبيرة مِن إجراء البُطولة في قطر صَيفًا، ربّما لأنه لم يشأ التسبّب بجدال علنيّ. في الوقت الراهن, ترتفع الدعوات لنقل بطولة العالم من قطر، فضلًا عن الدعوات لكُبرى الشركات الراعية، مثل كوكا كولا وأديداس، لعدَم منح رعايتها للبطولة.