فاز الأديب الإسرائيلي عاموس عوز بجائزة فرانس كافكا لعام 2013، التي تُقدَّم كلّ عام لأديب تتّسم كتاباته بطابَع إنسانيّ وتسهم في التسامُح. وقد اختير عوز من بين 13 مرشّحًا للجائزة، وسيُقدَّم له مساء اليوم (الخميس) تمثال برونزي صغير، وكذلك جائزة ماليّة من قِبَل رئيس بلدية براغ. وفي خطاب سيلقيه عوز الليلة، اختار عوز، المحسوب بشدّة على اليسار في إسرائيل، أن يتطرق مُطوَّلًا إلى موضوع الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني ويدعو إلى إنهائه.
بعد أن يروي عوز في مستهلّ الخطاب عن اختباره المتعلق بقراءة قصص كافكا أثناء شبابه، سينتقل للتحدّث عن جذوره العائلية، ليقول:
“سيداتي وسادتي، أنا ابن لاجئَين يهوديّين طُردا من أوروبا باستخدام العُنف، لحُسن حظّهما. فلو لم يُطرَدا من أوروبا في الثلاثينات، كانا سيُقتَلان في أوروبا الأربعينات. ما زلتُ أحمل بداخلي ازدواجيّة والديّ حيال أوروبا: الاشتياق والغضب، الانبهار والإحباط. في كل أعمالي الأدبية يمكن إيجاد أولئك الأوروبيين النازحين، الذين يجاهدون بيأس لإقامة مقاطعة أوروبية صغيرة، تشمل رفوف الكتب وقاعات الحفلات الموسيقية، وسط الحرّ وغبار الصحراء في القدس أو في الكيبوتس… مثاليّون يتناقشون ويتجادلون واحدهم مع الآخر إلى الدّهر. لاجئون وناجون يجاهدون لبناء وطن لهم بعكس كل الاحتمالات.
سيداتي وسادتي، إسرائيل هي مخيّم لاجئين. فلسطين هي مخيّم لاجئين. الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني هو اصطدام تراجيدي بين صالحين وصالحين، بين ضحيّتَين سابقتَين لأوروبا. العرب هم ضحايا الإمبريالية الأوروبية، الاستعمار، القمع، والإذلال. واليهود هم ضحايا الاضطهاد الأوروبي، التمييز، المذابح المنظَّمة، وفي نهاية المطاف القتل الجماعي بحجم لم يسبق له مثيل. هذه مأساة، أنّ ضحيّتَي أوروبا السابقتَين لا يريان واحدهما في الآخر سوى مشاهد القمع من الماضي.
ليس لليهود إلى أين يذهبون، وليس للعرب الفلسطينيين إلى أين يذهبون. لا يمكنهم التوحّد والتحوّل إلى عائلة واحدة كبيرة وسعيدة، لأنهم ليسوا كيانًا واحدًا، ليسوا سعداء، وليسوا أبناء أسرة – بل أسرتَين تعيستَين. أومن بقوة بتسوية تاريخية بين إسرائيل وفلسطين – حلّ الدولتَين. ليس شهر عسل مشتركًا، بل طلاق منصف، إسرائيل إلى جانب فلسطين، حيث تكون القدس الغربية عاصمة إسرائيل، والقدس الشرقية عاصمة فلسطين. مثل “الطلاق” الهادئ بين التشيكيين والسلوفاكيين.
في النهاية، سيختتم عوز كلامه بالقول إنّ كثيرًا من كتبه وقصصه تجري أحداثه في إسرائيل، “لكنها تُعنى بالأمور الكبيرة والبسيطة: المحبة، الفقدان، الوحدة، الاشتياق، الموت، الرغبة، والبُؤس”.
ربما باسم قِيَم كهذه، يمكن أن يتماثل معها كلّ إنسان، سيأتي السلام أخيرًا.