يُحيي عرب إسرائيل اليوم ذكرى يوم الأرض التاسع والثلاثين، بواسطة مسيرات ومؤتمرات كإشارة إلى المطالبة بالاعتراف بالقرى البدوية غير المعترف بها في النقب.
تمّ إحياء ذكرى يوم الأرض الأولى لدى عرب إسرائيل عام 1976، وقد كان حدثا اشتمل على إضراب عام للمجتمع العربي ومظاهرات في أنحاء القرى والبلدات العربية، وخصوصا في شمال إسرائيل، ضدّ قرار حكومة إسحاق رابين (حكومته الأولى) بمصادرة 20 ألف دونم من أراضي المواطنين العرب في الجليل. وقد تمّ خلال المظاهرات إطلاق النار وقتل 6 مواطنين عرب، وحتى اليوم يتم إحياء هذا اليوم في ذكراهم.
تصدّرت العناوين، في الأعوام الأخيرة، قضية القرى البدوية غير المعترف بها في النقب. يعاني السكان البدو الذين يتركّزون في معظمهم في جنوب إسرائيل لسنوات من الإهمال المؤسسي لسلطات القانون في إسرائيل وفضّلوا غالبا عدم إضفاء الطابع الرسمي على علاقاتهم مع سلطة القانون في إسرائيل.
وقد أدى الإهمال المستمر لعشرات السنين إلى الارتفاع الكبير في العنف، الجريمة، غياب العلاقة مع المجتمع الإسرائيلي الشامل، أنظمة تعليم فاشلة، نقص في البنى التحتية، سوء الصرف الصحي وعدم وجود نظام صحّي مؤسسي.
حاولت إسرائيل لسنوات طويلة إيجاد صيغة تنظّم نهائيا مسألة توطين البدو في النقب والاعتراف بالقرى البدوية غير المعترف بها ولكن دون نجاح. أمامكم بعض الحقائق حول المشكلة البدوية ومسألة تنظيم توطينهم:
ينقسم البدو في إسرائيل إلى مجموعتين رئيسيتين. يبلغ تعداد البدو في النقب نحو 220000 نسمة (2013)، هناك من بينهم شبه الرحّل وسكان القرى غير المعترف بها (46 قرية غير معترف بها) والبلدات البدوية المعترف بها. يبلغ تعداد بدو الشمال نحو 70000 ويعيشون في معظمهم في قرى وبلدات منظمة. وتبلغ نسبة البدو عموما من جميع السكان في إسرائيل نحو 3.5%. ينضم العديد من الشبان والشابات البدو للجيش الإسرائيلي في أدوار قتالية وحراسة الحدود.
اعتاش البدو في الماضي على الأعمال الزراعية – الرعي والمحاصيل الحقلية. وقد أدت بعض الإجراءات الموازية إلى انخفاض الدخل من الزراعة ونتيجة لذلك تقلّص دخل السكان الذين استمرّوا بالاشتغال في الزراعة بأساليب غير آلية. إنّ التحضّر القسري – هو نقل البدو إلى بلدات دائمة من قبل الدولة، منعهم من العمل بالزراعة. أدى كل ذلك بالبدو إلى البحث عن مصادر رزق إضافية غير الزراعة، ولكن موقعهم في أطراف دولة إسرائيل وغياب البنى التحتية للصناعة في البلدات البدوية لم يسمح لهم بتطوير مصادر بديلة. وكنتيجة للوضع الاقتصادي، يعتبر السكان البدو في النقب السكان المصنّفين في المركز الأخير في التسلسل الهرمي الاجتماعي – الاقتصادي في إسرائيل.
تُعتبر القرى البدوية غير المعترف بها موجودة على مدى أجيال طويلة وأقيم معظمها حتى قبل قيام الدولة أو نُقلت إلى مكانها الحالي من قبل الدولة. يعيش في تلك القرى نحو مائة ألف مواطن، من مواطني البلاد، بظروف معيشية دون اتصال بالبنى التحتية الرئيسية، ودون اتصال بشبكة المياه والكهرباء، ودون خدمات الصحة الأساسية، ودون شوارع أو طرق وصول منظّمة، وفي غالبيتهم العظمى دون مؤسسات تعليمية ممّا اضطرّ الأسر إلى إرسال أبنائها لمسافات طويلة وغير معقولة من أجل ممارسة حقّهم الأساسي في التعليم. يبلغ تعداد القرية غير المعترف بها الأصغر أكثر من 400 نسمة، والقرية الأكبر في عدد السكان تقترب من 5,000 نسمة. لدى كل قرية بنية مبلورة مادّيا واجتماعيا، منطق تخطيطي داخلي وهوية فريدة. تؤدي القرية وظيفة البلدة في كل شيء، على أساس اتفاقات داخلية. تستوفي جميع القرى غير المعترف بها من قبل سلطات الدولة معايير تعريفها كبلدات من حيث الخصائص الاجتماعية. أما المعيار الوحيد المفقود فهو إعلان وزير الداخلية عن المكان كبلدة.
حاولت دولة إسرائيل عدة مرات تنظيم مسألة توطين البدو ولكن دون نجاح. كانت الخطة الأخيرة التي طرحتها الحكومة، والتي تمّ تأجيلها حتى الآن، هي خطّة برافر، وهذه هي مبادئها: عملية لتنظيم البلدات البدوية غير المعترف بها في النقب بالإضافة إلى تسوية الخلاف بين الدولة والبدو بخصوص ملكية الأراضي. تقترح الخطة منح المطالبين بملكية الأرض تعويضا ماليا أو تعويضا بالأراضي (حتى نصف المساحة الإجمالية) بل وتحدّد أنّه يجب التعويض بنسبة تصل حتى ربع مساحة المطالبة الإجمالية حتى من لا يملك الآن أرضا، وذلك لأنّه تمّ إجلاؤهم عنها في الماضي من قبل الدولة. وبالنسبة لتنظيم البلدات، ينصّ المخطّط على السماح بقدر الإمكان بالاعتراف ببلدات غير منظّمة، ولكن فقط داخل الأراضي المخصّصة لذلك في خطط سابقة للدولة. لن تشمل التسوية 180 ألف دونم من الأراضي التي صودرت في الماضي من قبل الدولة لأغراض مختلفة.
وتقول منظمات حقوق الإنسان وبعض ممثّلي المجتمع البدوي بأنّ جميع التسويات التي تم اقتراحها حتى الآن من قبل الدولة غير قابلة للتطبيق وستؤدي إلى إجلاء آلاف البدو عن منازلهم. ويقول البدو أيضًا إنّ تسوية الأراضي تمنح تعويضا جزئيّا فقط (ماليا أو بالأراضي) لمالكي الأراضي، وتمثّل تمييزا مقارنةً بالتعويضات التي تُمنح للسكان اليهود. ويعرض ممثّلو القيادة العربية في هذه الأيام خطّة بديلة تنصّ بالأساس على: الاعتراف بجميع القرى الـ 46 غير المعترف بها، إعطاء الخدمات المدنية الكاملة للسكان، صياغة خطّة لإصلاح الإضرار بالبدو (قوانين للإجراءات الإيجابية) ومشاركة تمثيل حقيقي من السكان في القرى غير المعترف بها في عمليات تنظيم توطينهم المستقبلي في إسرائيل.