سيحيي لبنان غدا (السبت) الذكرى السنوية العاشرة لمقتل رئيس الحكومة رفيق الحريري، في الوقت الذي يواجه فيه تحديات سياسية وأمنية كثيرة على خلفية الصراع السوري وآثاره.
وسيشارك في الاحتفالات التي ستُقام في لبنان في ذكرى وفاة رئيس الحكومة جميع الأحزاب السياسية في لبنان سوى حزب الله، المتّهم بتورّطه في اغتياله، بمساعدة النظام السوري. وتستغل جهات عديدة في بلاد الأرز هذه الأيام من أجل الدعوة إلى الانفصال عن النظام السوري والحفاظ على السياسة اللبنانية المستقلّة والبعيدة عن التحالفات الإقليمية.
وقد أدى اغتيال الحريري، الذي حدث في شباط عام 2005، بدمشق إلى سحب قواتها من لبنان بعد نحو ثلاثة عقود من الوجود المكثّف. في تلك العقود الثلاثة لم يكن لسوريا تأثير كبير عل الحياة السياسية اللبنانية.
منح الانسحاب العسكري السوري للبنانيين أملا بأن تخرج بلادهم من دائرة تأثير عائلة الأسد. ولكن الأمل لم يتحقق. انقسم لبنان بعد مقتل الحريري بين محور معاد لدمشق ومحور مؤيد للنظام السوري والذي يتلقّى المساعدات من طهران. دفع هذا الانقسام البلاد إلى سلسلة من الأزمات التي واجهت صعوبة في الخروج منها.
تزايد الانقسام مع اندلاع الصراع الدموي في سوريا في آذار 2011 وعلى ضوء مشاركة حزب الله في هذا الصراع إلى جانب النظام السوري. فتحت تلك المشاركة لحزب الله في سوريا كوّة من التهديدات من قبل الإسلاميين المتطرّفين، وخصوصا في المنطقة الحدودية بين البلدين. وقد جرى في الفترة الأخيرة العديد من محاولات التسلّل من قبل المتطرّفين إلى داخل منطقة البقاع اللبناني، ممّا أدى إلى نشوب معارك دموية مع الجيش، قُتل فيها عدد من جنوده.
ولا تنعكس الآثار المترتّبة على الوضع في سوريا على التحدّيات الأمنية فحسب، وإنما تصل أيضًا إلى كرسي الحكم اللبناني. يعيش لبنان الآن، للمرة الأولى منذ نهاية الحرب الأهلية (1975-1990) فترة طويلة دون رئيس. وذلك بسبب قرار حزب الله وحليفه ميشيل عون بمقاطعة جلسات لجنة الانتخابات.
“تدهورت البلاد منذ مقتل الحريري”، هذا ما قاله أحد سكان منطقة وسط بيروت حيث اغتيل رئيس الحكومة الأسبق لصحيفة العرب. ويعتقد محلّلون أنّ السنوات العشر التي مرّت منذ اغتياله قد عزّزت من دور حزب الله وإيران في الحياة السياسية في لبنان، إلى درجة أنّ هذا التنظيم الشيعي يتّخذ في العديد من المرات قرارات باسم لبنان حول الخروج في حرب أو التوقيع على سلام.
يقول هلال حشان، وهو أستاذ في العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت، إنّ اغتيال الحريري “هو بمثابة انقلاب عسكري في لبنان”. بحسب كلامه، فقد كان لبنان في مسار معيّن وقطعت عملية الاغتيال هذا المسار لصالح مسار آخر؛ وهو المسار الإيراني. ويعتقد داود الأسير أيضًا، وهو المستشار السابق للحريري، بأنّه منذ عملية الاغتيال انضمّت لبنان إلى محور دمشق، طهران وحزب الله، وهو اتجاه مستمرّ حتى اليوم.
نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع ميدل نيوز