يبدأ تحريم الجِماع الجنسي المِثليّ في الكتاب المقدس (وكذلك في القرآن والعهد الجديد) بآيات من سفر اللاويين: “لاَ تُضَاجِعْ ذَكَرًا مُضَاجَعَةَ امْرَأَةٍ. إِنَّهُ رِجْسٌ” (سفر اللاويين 18: 22). وقد فُصّلت عقوبة ممارسة الجنس مع الرجال لاحقا: “وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ اضْطِجَاعَ امْرَأَةٍ، فَقَدْ فَعَلاَ كِلاَهُمَا رِجْسًا. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا” (سفر اللاويين 20: 13). تصف هذه الآيات تحريم الجماع الجنسي المثليّ والحكم بالإعدام على هذا الفعل.
في الإسلام، يُدين القرآن الجماع الجنسي المثليّ في سوَر تتحدّث عن قصة لوط. وتدين التفسيرات الشائعة للفقه الحديث العلاقات الجنسية بين أشخاص من نفس الجنس. ويتم تفسير انقلاب سدوم وعمورة – من بين أمور أخرى – على أساس العلاقات بين نفس الجنس. وقد أفتى الفقهاء المسلمون بتحريم الجماع الجنسي المثليّ وبعقوبة الإعدام لمن يُدان بذلك. يُعتبر الجماع الجنسي المثليّ جريمة في الدول العربية المسلمة وتتراوح العقوبة بين فرض الغرامات، الاعتقال والإعدام علنًا.
في جميع هذه الأمور لم نذكر أي شيء جديد. سيكون الأمر أكثر تعقيدا عندما نتحدث عن عمليّات لتغيير الجنس: من رجل إلى امرأة أو من امرأة إلى رجل، كما في الحالة التي هزّت العالم هذا الأسبوع مع رغبة الأب المتبنّي للأخوات “كارداشيان”، واللاعب الأولمبي سابقًا، بروس جينر، باجتياز عملية تغيير الجنس.
بروس جينر في مقابلة يتحدّث عن عملية تغيير الجنس:
ولكن عالم المصطلحات الجنسية، الإملاءات المجتمعية والمحظورات المثيرة للجدل في بلدان الشرق الأوسط حول القيام بعمليات لتغيير الجنس أو تعامل تلك البلدان مع مجتمعات مثليي الجنس، ليست حادّة وواضحة. ليس في جميع البلدان حظر للعلاقات بين أفراد من نفس الجنس، وليس هناك في جميع البلدان حظرا لعمليات تغيير الجنس، بل وستتعجبون بأنّه نادرا ما يمكن العثور على بلدان شرق أوسطية تحرص على إعدام المثليّين، المثليّات أو المتحوّلين جنسيّا كما يُلزم القانون المجرّد.
ومن أجل توضيح الأمور، جلبنا لكم بعض الحقائق والنماذج الحيّة من الشرق الأوسط حول تعامل تلك المجتمعات مع المثليين، المثليّات وأكثر من الجميع مع المتحوّلين جنسيّا:
وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فإنّ المثلية الجنسية (وبالتأكيد التحوّل الجنسي) محظورة وفقا لقوانين 78 دولة، وفي سبع منها من المعتاد أن يتم إعدام من يُدان بإقامة علاقات جنسية مثلية (البيانات صحيحة لعام 2014).
https://www.youtube.com/watch?v=epuXDUZEhx0
الدول الشرق أوسطية التي تحظر إقامة العلاقات الجنسية المثلية والتي يتم فيها اضطهاد الأقليّات المثلية هي: الجزائر، مصر، ليبيا، المغرب، جنوب السودان، تونس، إيران، الكويت، لبنان، عُمان، قطر، المملكة العربية السعودية، سوريا، الإمارات العربية المتحدة واليمن. تتراوح العقوبات المقرّرة في القانون في تلك البلدان بين الغرامات وسنوات من السجن، الجلد بل وفي حالات استثنائية عقوبة الإعدام والرجم.
الحالة الإيرانية فريدة من نوعها: في عهد الشاه محمد رضا بهلوي كان بالإمكان العثور على تغطية إخبارية لزواج مثليّ الجنس، ورغم أنّ المثلية الجنسية لم تكن أبدا مقبولة من قبل المجتمع، فإنّه كان بالإمكان في السبعينيات أن نعثر في إيران على أماكن ترفيه استُخدمت كأماكن لاجتماع المثليين. ولكن منذ الثورة الإسلامية عام 1979 أصبح المثليون، وخصوصا المثليون من الذكور، أقلية مضطهدة في إيران ويتم التمييز ضدّها، والتي تتعرّض ليس فقط لتعامل قاس ومهين من قبل الأسرة والمجتمع، وإنما أيضا لاضطهاد النظام ولعقوبات شديدة تتضمّن، من بين أمور أخرى، أحكاما طويلة بالسجن، النفي بل وعقوبة الإعدام.
كان المثير للاهتمام هو أنّ آية الله الخميني وهو الذي أصدر فتوى تسمح بإجراء عمليّات التحوّل الجنسي. فضلا عن ذلك، ففي عام 1986، في فترة آية الله أيضًا تم الاعتراف بالمتحوّلين جنسيّا كمتبايني الجنس. ولكن من أجل الحفاظ على النظام المجتمعي وعلى إطار الزواج بين الرجل والمرأة، اُجبِر المثليّون الذين رغبوا في تحقيق حبّهم لشريكهم عدة مرات باجتياز عملية لتغيير الجنس رغمًا عنهم.
بشكل مفاجئ ربّما، إيران هي الدولة التي يجري فيها أكبر عدد من العمليات الجراحية لتغيير الجنس بعد تايلاند. معظمهم، بالمناسبة، مع دعم جزئي على أقلّ تقدير من قبل الحكومة.
في تركيا، ليس هناك شخص لا يعرف المطربة المخضرمة بولانت ارسوي (Bulent Ersoy). وهي واحدة من أكثر المطربات إثارة للإعجاب وهي أيضًا متحوّلة جنسيّا. بدأت ارسوي، التي وُلدت عام 1952، بحياته المهنية كممثّل ومطرب في السبعينيات. أجرتْ عام 1980 عملية جراحية لتغيير الجنس في لندن، وحظيت عام 1988 بالحصول على بطاقة هوية وردية (بطاقة تُمنح للنساء).
ومع ذلك، فهناك فجوة هائلة بين تعامل المجتمع التركي مع المطربة الكبيرة بولانت، وبقية المتحوّلين جنسيّا والمجتمع المثلي. وقد أُجريتْ هذا العام (2015) المسابقة الأولى لملكة جمال المتحوّلين جنسيّا في تركيا، ولكنّ معظمهنّ يعملن في الدعارة لأنّهن لا يُقبلن في وظائف عادية ويضطررن إلى إعالة أنفسهنّ من الخدمات الجنسية. بل في نيسان 2014، قُتلت متحوّلة جنسية تركية معروفة على خلفية كراهية ضدّ المجتمع المثلي.
في المغرب فإنّ الراقصة نور شهيرة جدّا. وكانت نور قد ناضلت على مدى سنوات من أجل تغيير جنسها في بطاقة الهوية من ذكر إلى أنثى. وُلدت نور طالبي باسم نور الدين في مدينة أغادير وترعرعت في الدار البيضاء. كانت شابّا رياضيّا فاز بميداليات في ركض الحواجز، ولكنّه أحبّ منذ ذلك الحين الرقص وظهر في مناسبات عائلية. عندما كان في سنّ الثامنة عشرة غادر المغرب، واجتاز عام 2004 عملية جراحية لتغيير الجنس، وعاد بعدها إلى بلاده كامرأة. تُعتبر نور اليوم الراقصة رقم 1 في المغرب، تُعلّم الرقص في الولايات المتحدة وبلدان أخرى وتظهر في الحفلات المرموقة للطبقات الأرستقراطية، بل وحظيت بالظهور في حفلة زفاف ابنة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
يحظى المجتمع المثليّ في إسرائيل بحرية نسبية في المجال العام، بل وقد تعزّزت في السنوات الماضية التشريعات لتحقيق المساواة في أوضاعهم القانونية والاقتصادية مع بقية السكان وخصوصا في إنشاء وحدات أسرية. يحظى المتحوّلون جنسيّا أيضا بالمزيد والمزيد من الاعتراف في المجتمع الإسرائيلي، ولكن الطريق إلى المساواة في الحقوق لا تزال طويلة. وعلى الرغم من أن القانون لا يحظر إقامة علاقات جنسية مثلية، ولكن المجتمع الإسرائيلي بشكل عام لا يزال ينظر بشكل غير إيجابي تجاه تلك العلاقات.
لا تُجرى عمليّات تغيير الجنس في إسرائيل منذ نحو ثلاث سنوات لأنّه لا يوجد في إسرائيل أطبّاء مختصّين بتلك العمليّات، ويُضطرّ الكثيرون لإجرائها في الخارج، وخصوصا في تايلاند. وقد أقرّت لوائح جديدة ينصّ عليها القانون من قبل وزارة الصحة الإسرائيلية مؤخرا بأنّ عمليّات تغيير الجنس من امرأة لرجل تتمّ في الخارج وتُموّل من قبل الدولة. وتتم عمليات تغيير الجنس من رجل إلى امرأة في إسرائيل من قبل خبراء أمريكيين يتم استدعاؤهم خصّيصا إلى إسرائيل وهي أيضًا مموّلة جزئيّا من قبل الدولة، بعد تلقّي الموافقة من قبل لجان القبول الطبّية والنفسية.