يشكّل الفيلم “يوم في حياة رئيس الحكومة”، الذي بُثّ نهاية الأسبوع الماضية، جزءًا من يوم البث الخاصّ لصاحبة الامتياز التلفزيوني الإسرائيلي “ريشت” قبيل افتتاح السنة الدراسية الجديدة. وحاول منتجو الفيلم أن يُظهروا للجمهور الإسرائيلي جانبًا من العمل اليومي لرئيس حكومته نتنياهو.
بدأ التصوير في مقرّ رئيس الحكومة في وجبة فطور مشتركة للشبّان الخمسة مع رئيس الحكومة وقرينته سارة. من هناك، أقلع الشبان مع نتنياهو إلى “مجمّع الإرشاد التابع للجيش” في الجنوب، قبل أن يعودوا إلى ديوان رئيس الحكومة. في المكتب في القدس، نال الشبان لمحة وراء الكواليس عن عمله، واستوضحوا قضايا مختلفة منه في النهاية.
ضمن الفيلم، التقى نتنياهو بالطفل يوناتان شيفنباور، أحد الشبان الذين يظهرون في الفيلم، والذي قُتل والدُه الطيّار. وتأثر رئيس الحكومة حينما روى له الشاب أنه وُلد في التاريخ الذي قُتل فيه شقيق رئيس الحكومة، يوني نتنياهو (يوناتان نتنياهو هو الشقيق الأكبر لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. كان يوني قائد سرية هيئة الأركان العامة، وهو حائز على ميدالية الخدمة المميزة، وقد قُتل خلال عملية إنتيبي لتحرير الرهائن الإسرائيليين من طائرة إير فرانس اختطفها مسلّحون فلسطينيون إلى إنتيبي بأوغندا، في تموز 1976).
حاجيت آسيا، طفلة إثيوبية شاركت في البرنامج، ناشطة من أجل جودة البيئة، ومن عائلة ذات والد واحد. إيتام غورفيل، الشاب الذي اعترف في الفيلم بأنه “يحلم أن يصبح رئيس الحكومة”، متحدّر من عائلة تنتمي إلى الحزب التصحيحي (حزب أسسه زئيف جابوتنسكي عام 1925، وكان زعيمه ومنظّره. اعتقدت هذه الحركة أنّ اليهود عليهم أن يعلنوا صراحةً أنّ هدفهم هو دولة يهودية على ضفتَي الأردن، تستند في المرحلة الأولى إلى قوة عسكرية كبيرة). واستضاف رئيس الحكومة أيضًا يشاي عولئيل، بطل العالم في كرة المضرب، شاب من أسرة تعاني صعوبات، والوحيد الذي ذكر أنّ أباه عاطل عن العمل، وأمه تعمل في التنظيف. وشاركت أيضًا هداس كوزوشنر، الشابة الناشطة في “جناحَي كرمبو”، حركة شبابية للأطفال ذوي الحاجات الخاصّة.
وانتقد نقّاد تلفزيونيون عديدون “الفيلم الوثائقي” الذي كان، حسب ادّعائهم، عملية مخطّطًا لها ومكتوبة مسبقًا بأدقّ تفاصيلها، بما فيها الموسيقى التي رافقت الفيلم، الإجابات المُعدّة مسبقًا لرئيس الحكومة، ومساعي قرينته سارة أن تحظى برضى الأطفال، وعبرهم بتأييد المشاهدين.
وبين الانتقادات العديدة، كُتب في الموقع الإخباري والاه: “مع كل ذلك، لبنيامين نتنياهو كمية كبيرة من بوظة الفستق (نقد لتبذير منزل رئيس الحكومة في حانوت البوظة المقدسي، الذي اعتاد نتنياهو على طلب البوظة بطعم الفستق منه، بتكلفة أكثر من 2800 دولار في السنة)، وسرير طائر بنصف مليون شاقل (نقد لقرار الزوجَين نتنياهو أن يركّبا سريرًا زوجيًّا في طائرة رئيس الحكومة بتكلفة نحو 140 ألف دولار، من أموال دافعي الضرائب) للتكفير عنها. لا تقلقوا! فإنّ الفيلم الدعائي الاحتفالي والتربوي الذي تطوّعت بإنتاجه القناة الثانية سيسوّي كل شيء”.
وبالنسبة لاختيار المشاركين في الفيلم، وُجّه نقد لاذع: “بالطبع، لم يجرِ اختيار المشاركين المحظوظين بالمشاركة في الجولة عشوائيًّا، في قرعة. فكل واحد أتى ليؤدي دورًا محسوبًا ومُعدًّا جيّدًا”.
وكانت مجلة وقت فراغ وتسلية من إصدار صحيفة “هآرتس” الأكثر حدة، إذ قالت: “أمس في البرنامج، لم نُفاجأ بأنّ أيًّا من الأطفال لم يسأل رئيس الحكومة أين اختفت مخصّصات الأطفال… لماذا صرخت سارة على المعاوِنة، وما هي قصة فضيحة “بيبي تورز” (قضية تمويل رحلات نتنياهو وزوجته سارة غير القانونية حين كان وزيرًا للمالية في العقد الماضي). فهم أطفال في النهاية. جاهلون لصغر سنهم. لم يتم اختيارهم هم تحديدًا للمشاركة في البرنامج بمحض الصدفة. فبالنسبة لرئيس حكومتنا، الجهل قوة”. وأضافت المجلة أيضًا: “رئيس حكومتنا ليس دكتاتورًا. وبخلاف العروض التلفزيونية الأخرى التي نتذكرها من حقبة الأنظمة الاستبدادية، لم يُؤتَ على ذكر الأخلاقيات الفاشية في برنامج “يوم في حياة رئيس الحكومة”. لم يُرفَع أيّ علم، ولم يُطلِق أيّ مدفع النار. خلال التصوير، لعب بيبي دور عمّ محبوب ولطيف. فرح الأولاد بالجلوس على حضنه، وقد علمّهم درسًا عن الحرية والرأسمالية: في عالم السوق الحرة، كل شيء معرّض للبيع – حتى الأيديولوجية. هكذا تحوّل الأولاد إلى بضاعة أيديولوجية في خدمة مكتب الصحافة الحكومية، وهكذا تحوّلت القناة الثانية إلى دمية دعاية لرئيس السلطة التنفيذية، نتنياهو”.
ولكن إلى جانب النقد اللاذع، حظي نتنياهو بنقد بنّاء على لحظة واحدة في الفيلم يبدو فيها نتنياهو في محادثة أبوية مع يوناتان (الذي قُتل والده الطيّار). كُتب في النقد: “بعد ذلك، ظهرت محادثة طبيعية بين رئيس الحكومة، وهو أيضًا إنسان وأخ مفجوع، وبين يوناتان، الولد الذي فقد أباه قبل سنوات قليلة. كانت ثمة لحظات برز فيها إنسان لسنا معتادين على رؤيته. بنيامين، أو بيبي، الذي لا يستخدم بدهاء عائلته، وزوجته سارة، التي تتصنّع كثيرًا، وتواضعه الزائف. بكل بساطة، إنسان – إنسان يسكب قلبه أمام طفل”.
أمّا لحظة الذروة في الفيلم فكانت قُبَيل نهاية اليوم المشترك برفقة رئيس الحكومة. فقد سأل أحدُ الشبان نتنياهو إن كان ضجر من عدم التخطيط المستمر. “ثمة كثيرون يريدونني أن أملّ، لكنني لم أملّ، وأعتزم الاستمرار وقتًا طويلًا بعد. أتعرفون لماذا؟ أشعر أنني أحافظ على البيت: بيتي، وبيتكم”، قال نتنياهو.