كيف تبدو إسرائيل في أقدس يوم في السنة لدى اليهود؟ الصورة التقليدية التي تمثل يوم الغفران لدى اليهود هي الصوم، الملابس البيضاء، الصلوات الطويلة والمشتركة في الكنيس، الهدوء، الجو الخالي من دخان السيارات، والظلمة في نوافذ الحوانيت والمصالح التجارية المغلقة.
وتشكل هذه الأمور جزءا من يوم الغفران. فإذا سألتم اليهود المتدينين عن يوم الغفران فسيصفونه كما ورد أعلاه. ولكن يبدو هذا اليوم مختلفا لدى مواطني إسرائيل اليهود العلمانيين.
36% من اليهود العلمانيين في إسرائيل يصومون في يوم الغفران، ونحو %10 يصلون في الكنيس عن غير عادة. ولكن ماذا بالنسبة للعلمانيين؟ يشكل يوم الغفران فرصة للقيام بأمور مختلفة تماما.
يراعي العلمانيون مشاعر المتدينين في يوم الغفران، لا سيّما فيما يتعلق بالسيارات. خلافا لأيام السبت، التي يقود فيها العلمانيون سياراتهم غالبا رغم الحظر الديني، ففي يوم الغفران لا تسير السيارات في الطرقات، فيما عدا سيارات الإسعاف في حالات الطوارئ مثلا عند الإغماء نتيجة الصوم. ولكن لا تكون الشوارع خالية تماما. فبدلا من السيارات، الحافلات، والشاحنات، تكون الشوارع مليئة بالدراجات الهوائية بأحجام مختلفة، السكوتر، وسائل تنقل شخصية ذات عجلات، وأية وسائل نقل شخصية لا تعمل بواسطة المحركات.
لا يعرف أحد متى بدأت عادة استخدام الدراجات الهوائية في يوم الغفران، لأنها تخالف وصايا هذا اليوم المقدس، رغم هذا أصبحت هذه العادة شائعة جدا، لا سيّما في أوساط الأطفال، إلى درجة أن الشوارع الرئيسية في المدن تكتظ أكثر من الأيام العادية. لا يهدف ركوب الدراجات الهوائية إلى الوصول إلى مكان معين، بل إلى التنقل بين راكبي الدراجات والالتقاء بالأصدقاء والتمتع بأجواء هذا اليوم، وتحدث هذه اللقاءات بالقرب من الكنيس أحيانا، في الأماكن التي يزورها الوالدون لتأدية الصلاة.
بما أن يوم الغفران هو يوم عطلة ولا يمكن السفر بالسيارة بعيدا عن المنزل ولا يمكن الخروج إلى المطاعم أو إلى الحوانيت، يستغل الكثير من العلمانيين الخمسة وعشرين ساعة من الصوم لمشاهدة المسلسلات والأفلام. أصبحت هذه العادة شعبية إلى درجة أن الأصدقاء يتجمعون في منزل أحد الأصدقاء ويشاهدون معا مسلسلات عبر التلفزيون طيلة ساعات أحيانا.
لكن رغم عادة مشاهدة التلفزيون في يوم الغفران فإن التلفزيون الإسرائيلي لا يبث البرامج كالمعتاد. إن الخوق من الإضرار بطابع يوم العطلة الأهم في التقويم العبري ما زال كبيرا. رغم أن المسؤولة عن اتحاد شركات الكوابل والأقمار الاصطناعية قد صرحت أنه في حال طلبت منها شركات الاتّصالات تقديم خدمات الفيديو حسب الطلب في يوم الغفران ستصادق على طلبها، لم تقدم أية شركة اتصالات إسرائيلية طلبا. الحل الشائع للتغلب على عدم البث الإسرائيلي هو بالطبع ربط الحاسوب بالتلفزيون ومشاهدة البرامج عبر الإنترنت.
رغم الاختلافات الكبيرة بين العلمانيين والمتدينين في الاحتفال بيوم الغفران فالجميع يحتفل به بشكل مميز وبطريقة استثنائية. يحب الإسرائيليون تكريس يوم الغفران من أجل التأمل، الهدوء، واللقاءات الهادئة مع الأصدقاء، وكل منهم بطريقته الخاصة، سواء كان بين سماع صوت البوق في الكنيس أو مكبرات التلفزيون في المنزل، والسير مشيا بملابس مريحة أو ركوب الدراجات الهوائية.