صباح اليوم، كشفت صحيفة “هآرتس” أنه يبدو أنّ عملية فرز الرقابة الرئيسية في إسرائيل عن الجيش قد بدأت. تُشكّل الرقابة العسكرية للصحافة والإعلام منذ 65 سنة وحدة في سلاح المخابرات، لكن يبدو أنها ستُفصَل خلال العامَين القادمَين عن الجيش لتعمل في إطار إحدى الوزارات أو كسلطة مستقلّة.
وكما ذُكر آنفًا، لم يُتّخَذ قرار جعل الرقابة مدنية بعد، لكن يبدو أنّ هذا هو التوجُّه حاليًّا في أعقاب عمليّات تجري بالتوازي في الرقابة وفي هيئة الأركان العامّة، بقيادة الرقيبة الرئيسية العميد سيما فاكنين غيل، رئيس شعبة التخطيط اللواء نمرود شيفر، ونائب رئيس الأركان اللواء جادي أيزنكوت.
يعمل في الرقابة عشرات المواطنين المدنيين في الجيش، ضباط من الخدمة النظامية، وجنود في الخدمة الإلزامية (والاحتياط). ردًّا على سؤال صحيفة “هآرتس” حول ما يدفع عملية جعل الرقابة مدنيّة، قالت العميد فاكنين غيل: “التحوّلات في الواقع القضائي، الإعلامي، والاجتماعي في إسرائيل تُلزم بتحديث وإعادة تنظيم الجهاز الرسمي المسؤول عن منع نشر أسرار أمنية”. وحسب ادّعاء المشرفين على الرقابة: “ليس هناك اليوم سبب يبرّر إبقاء الرقابة – التي تعالج أسرار الشاباك، الموساد ولجنة الطاقة الذرية، ليس أقل من الأسرار العسكرية، ومعظم اتصالاتها مع هيئات مدنية وحتى سياسية – في إطار الجيش”.
في إسرائيل، ثمة عدد من هيئات الرقابة الفاعلة. الهيئة الأولى هي “مجلس الرقابة على الأفلام والمسرحيات”: هيئة عامّة تعمل من قبل وزارة الداخلية، ومن صلاحياتها منع عرض أفلام سينمائية، كليًّا أو جزئيًّا، أو حصر مشاهدتها بأبناء سن ما فما فوق، إذا كانت فيها مواد عنيفة، متطرّفة، إباحية، أو مسّ بمشاعر الجمهور. وجرى في الماضي تطبيق صلاحيات المجلس أيضًا على مسرحيات في المسرح، لكن منذ 1991، تسري على أفلام سينمائية فقط.
وهيئة هامّة أخرى هي الرقابة العسكريّة التي تعمل وفق أنظمة الدفاع (قانون الطوارئ) الانتدابيّة، مدموجة مع اتفاق مرتسون مع مجلس محرّري الصحافة في إسرائيل، ويترأسها الرقيب العسكري الرئيسي. مهمتها منع المس بأمن الدولة وكشف أسرار عسكرية، عبر الحفاظ على سرية خدمات الأمن والاستخبارات ومنع تسريب الأخبار عن وسائل قتال وعمليات ونشاطات.
لجنة المحررين: لجنة مكوّنة من محرّري الصحف، تعمل في إطار اتّفاق مع الرقابة، وتتلقى بيانات موجزة من القوى الأمنية، مع طلبات بالامتناع عن نشر مواضيع لا يمكن للرقابة فرض عدم نشرها.
أمر منع نشر: أمر تصدره المحكمة بناءً على طلب الشرطة، يمنع نشر معلومات محدّدة، بتعليل أنّ نشرَها يمكن أن يمسّ بالتحقيق الذي تجريه الشرطة. تُكثر الصحف من محاربة أوامر كهذه، وكثيرًا ما ينتهي هذا الصراع بإلغاء الأمر ونشر المعلومات.
مجلس البث الكبلي والأقمار الاصطناعية: مجلس مهمته تنظيم البث في القنوات الإعلامية الإلكترونية من حيث الإنتاج، الفحوى، والرسائل، ولديه صلاحيات للسماح بالبث أو لحظره.
بين البدائل المطروحة للمقر الجديد للرقابة: سلطة رسمية، تحت مسؤولية أحد الوزراء لكن مع حصانة من التدخلات السياسية؛ وزارة الدفاع؛ مكتب رئيس الحكومة (بشكل مباشر، مثل الشاباك، الموساد، ولجنة الطاقة الذرية، أو بشكل غير مباشر، مثل مجلس الأمن القومي، الذي يشغّل قسم مكافحة الإرهاب)؛ وزارة العدل؛ وزارة الاستخبارات والاستراتيجية، أو وزارة الأمن الداخلي.
وادّعت صحيفة “هآرتس” أنه يجري في هذه الأيام التفكير في تبنّي النموذج البريطاني. “يمكن أن يؤدي إخراج الرقابة من الجيش إلى تغيير في أنظمة عملها مع الصحافة، نحو تقليد النموذج البريطاني المعروف بـ “D-Notice” أي “إشعارات دفاع”. في هذا النموذج، يعمل الجهازان، الرسمي والإعلامي، ضمن لجنة مشتركة”.
وسيبرّر تبنّي النموذج البريطاني في إسرائيل تقليل لائحة المواضيع التي يجب تقديمها إلى الرقابة. “في إسرائيل تضمّ اللائحة نحو 40 بندَا، بينها 11 ذات صلة بالجيش. ومواضيع مفصّلة أخرى هي الأجهزة الأمنية؛ أجهزة الاستخبارات؛ “العدو” (الجيوش العربية والتنظيمات الإرهابية، دون ذكر إيران)؛ “الأمن العام”، وأوامر حكومية تُعني بمداولات لجنة الوزراء للشؤون الأمنيّة؛ تزويد النفط؛ هجرة اليهود من دول معيّنة؛ وحتّى قروض هيئات خارجية لدولة إسرائيل أو لمؤسسات مالية إسرائيلية”.