للي بطلعوا وبرفعوا العلم، وبلفّوا أربطة ورديّة وبركضوا للمستقبل، أكيد في تجربة. لإلنا كلنا (المثليّين) في تجارب مماثلة ومع ذلك بتختلف شوي.
راح أحكي شوي عن تجربتي الخاصة. كنت بجيل 15 أو يمكن كان جيل 16، مين بتذكر؟ على قاد مكان الخوف الكبير تبعي كمراهق في مجتمع عربي هو إنو أحكي للعيلة والبيئة القريبة مني إني مثليّ.
بالسرّ، بالسرّ بلّشت أطلع مع واحد، بنفس الوقت حكيت لكل العالم إني بطلع مع وحدة. شوي شوي بلشّت قصتي، اللي بغطي فيها عن نفسي، تنهار على مراحل بتخزيش عمارة عمالها بتنهار بانفجار مراقب. كل ما طلعت مع واحد، اللي كنت أقول طبعا إنو وحدة، صارت تطلع كتير من الأسئلة.
السؤال: ليش ولا مرة احنا منشوفها؟
الجواب: هي ساكنة بعيد، بتستحي، بتخاف إذا إمها اكتشفت إنها بتطلع مع واحد عربي.
السؤال: قدّيش عمرها؟ من وين؟ وين بتتعلّم؟
الجواب: عمرها 15، بتتعلّم بمدرسة بأشدود، تقريبا بتيجيش على يافا [(والحقيقة هي: عمره 22، ساكن في بات يام (مدينة ساحلية قريبة من يافا) وتربّى في يافا)].
السؤال: ليش بتخبّيها؟
الجواب: الحقيقة ولا مرّة كان عندي جواب منيح بشكل كافي لهاد السؤال.
كل ما فكّرت إني صرت مبدع أكتر وأكتر بإنّي “أخبّيه/ها، كل ما تورّطت أكتر وأكتر. حتى بيوم من الأيام نمت عنده بالبيت وتاني يوم التلفون رنّ. كانت إمّي على التلفون.
إمّي: خضر بدك تحكيلي إشي؟
قلبي دقّ بسرعة 180 كيلومتر في الساعة. متت من الخوف، أكيد هاي نهايتي المريرة، وقّف. وقتها إمي بتسألني “أم الأسئلة كلها” وبالواقع بتعلنها بصراحة: “خضر أنا حاسّة إنو صاحبتك هاي مش بالزبط صاحبة إنما صاحب”. ومن هون يا أصدقائي، تحوّلت القصة لعذاب، بكاء وكتير من الحظ. ليش حظ؟ لإني جاوبت بصدق.
بنظري، إذا كانت اكتشفت إنو في إشي متغيّر بابنها، فشو بدها تفيد الكذبات؟ ليش أتخبّى ورا كومة من الكذبات والتحريفات؟
متذكر الإشي منيح، باللحظة اللي قلتلها إنها فعلا صادقة وإنو واحد مش وحدة كيف كنت كلّ الوقت أقول، لمّحتلي إنها كانت دايما عارفة. عشان متغلطوش فهي فاتت تنام على التخت لمدّة أسبوع بعد ما حاكت لها الحقيقة.
بعد أسبوع حسّيت فيو إني عايش بمقطوعة أوبرا من البكاء والدراما، بلّشت القصّة تنتشر. إخوتي وخواتي عرفو، وحكيت كمان لصحابي. كان في ناس ضلهن حدّي وناس فضّلو يتركوني (والحقيقة هم الخسرانين).
من تجربة، امتحان الحقيقة مكنش سيّء لها درجة كيف كنت متوقع يكون. كيف بفكّر، وهاد بالاعتماد على تجربتي بس، إنو فينا جانب ما بعطي رصيد كاف للعيلة واصحابنا القراب. واضح إلي إنو كان في حالات انتهت بالشكل الأكثر فظاعة مثل العزل والطرد من حضن العيلة وحالات متفرقة من العنف. أنا فاهم إنو كان حظي كبير، عندي عيلة وأصحاب رائعين. لكن من ناحية تانية سمعت عن حالات كتير لنفس الحظ الكبير.
الخوف الأكبر عنّا هو من اكتشاف أنفسنا ومش بالذات من البيئة اللي حوالينا. في إشي بحرّرنا لما نطلع من الخزانة، إشي بعلّمك درس عن نفسك وعن اللي حواليك حتى لو كان مخيف.
كتير مرّات لازم نخاطر. هاي هي الطريقة الأفضل عشان نكتشف مين عنجد هنّ الناس الذي تربيت في أحضانهم. كنت بنصح كل واحد يشارك هاي المعلومات مع عيلته.
الطلوع من الخزانة هي قبل كلّ إشي طلوعك قدّام نفسك وبعدين قدّام باقي العالم. بالنجاح للجميع!!!