“عيد الحصاد” هو عيد الجبنة الإسرائيلي. من المفترض أصلا أن يشير هذا العيد الذي يستند إلى تقاليد يهودية قديمة في الاحتفال بالتقويم الزراعي؛ إلى بداية موسم الحصاد. وقد حوّل الإسرائيليون العيد مع السنين إلى مهرجان كامل يدور حول منتجات الألبان، فخر السوق الزراعي في إسرائيل: الحليب، الجبنة، الزبدة والقشدة جميعها تتألّق في وجبة العيد للعائلات الإسرائيلية.
هل استهلاك الحليب أمر صحّي؟ من المقبول أن نعتقد أنّ الحليب مصدر جيّد للكالسيوم والبروتين، اللذين يحتاجهما الجسم. ولكن، يعتقد الكثير من العلماء حول العالم أنّ الحليب ومنتجاته ليست صحّية لجسم الإنسان على الإطلاق. نشر باحثون في جامعة هارفارد ورقة موقف توضّح أنّ “استهلاك الحليب ليس ضروريّا لجسم الإنسان”. ويعتقد خبراء التغذية أنّ استهلاك الحليب يلحق الضرر بالإنسان فحسب، وأنّ ليست هناك حاجة إليه على الإطلاق، ما عدا استهلاكه في مرحلة الرضاعة.
علاوة على ذلك، فالحليب الصناعي مليء بالهرمونات والمضادّات الحيوية، التي تُحقن في أجساد البقر لتسهيل عملية الحَلْب وللحفاظ على الحليب صالحًا. بالإضافة إلى ذلك، يختلط مع الحليب الصناعي قيح حلمات الأبقار، التي تُجرح خلال عملية الحَلْب الصناعية. وغنيّ عن البيان، أنّ هذه الموادّ تضرّ أكثر ممّا تنفع جسم الإنسان، ناهيك عن معاناة الأبقار.
ولذلك، يزداد في السنوات الأخيرة في إسرائيل اتّجاه غذائي معاكس تمامًا لـ “مهرجان الحليب”. منذ سنوات، يُسمع النباتيّون صوتًا عاليًّا وواضحًا ضدّ تناول اللحوم، للحفاظ على حقوق الحيوانات. ولكن، بينما لا يستغني النباتيّون عن تناول الحليب والبيض، أقيمت مجموعة الخُضريّون وهي مجموعة جديدة تحظر استخدام أيّ منتج حيواني.
إنّ المنطق الذي تستند إليه النظرة الخُضريّة هو استمرار مباشر للنظرة النباتية. إنْ كنّا لا نريد إساءة معاملة الحيوانات، ولا نوافق على تربيتها فقط من أجل قتلها وتناول لحومها؛ فلن نوافق أيضًا على تربية البقرات لاستخراج حليبها، ولن نوافق أيضًا على تربية الدجاج لأكل بيضها.
يوضح “موقع الخُضريّة الإسرائيلي” قائلا: “الخُضريّة هي نوع من مقاطعة للمستهلكين؛ فنحن لا نشتري منتجات مرتبطة بالمعاناة وإساءة المعاملة. يتجنّب الخُضريّون كلّ منتج يحوي مكوّنات حيوانية، ابتداء من لحوم الحيوانات التي تُذبح بوحشية، مرورًا بالحليب المخصّص للعجول، ووصولا إلى البيض الذي يؤخذ من الدجاجات المحتجزة في الأقفاص طوال حياتها. عند صناعة الغذاء من مصدر حيواني، يتمّ استخدام الحيوانات وكأنها ماكينات إنتاج”.
علاوة على ذلك، هناك من يدّعي أنّ قائمة الطعام الخُضريّة صحّية أكثر من قائمة آكلي اللحوم. وتُظهر الأبحاث أنّ الخُضريّين يتمتعون بنسبة منخفضة من مرض السكر، القلب والسرطان. والأسباب الرئيسية لذلك هي انخفاض معدّلات السمنة وضغط الدم المرتفع لدى الخُضريّين، وكذلك انخفاض مستويات الكولوسترول.
سبب آخر للانتقال إلى الخُضرية هو حقيقة أنّ صناعة الغذاء من الحيوان هي من بين الصناعات الأكثر تلوّثا على وجه الكرة الأرضية. في الواقع، فقد ذكر تقرير للأمم المتحدة أنّ هذه الصناعات مسؤولة عن 18% من الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري، أكثر من جميع وسائل النقل مجتمعةً.
رغم أن هدف الخُضريّين نبيل، فقد تلقّوا صورة سلبية لدى الإسرائيليين، صورة أشخاص عدوانيين يحبّون الحيوانات أكثر من البشر. وذلك بشكل أساسيّ بسبب غاري يوروفسكي، وهو يهودي أمريكي يعتبر “غورو” (معلّم) الحركة الخُضريّة. تحظى محاضرة يوروفسكي التي انتشرت حول العالم باعتبارها “أفضل محاضرة ستشاهدونها على الإطلاق”، بنحو مليون مشاهدة في إسرائيل وحدها.
تستند طريق يوروفسكي التي لا هوادة فيها، إلى أنّه لا يرى أيّة مشكلة في استخدام العنف، طالما أنّ ذلك يعزّز بناء مجتمع خُضريّ. قال في مقابلة أجراها عام 2005: “أريد من أعماق قلبي أنّ يتعرض من يشارك بإيذاء الحيوانات لنفس الأذى أتمنى لكل امرأة ترتدي الفراء أن تواجه اغتصابًا قاسيًّا جدّا، يؤذيها مدى حياتها، وأتمنى لكلّ رجل يرتدي الفراء أن يواجه اغتصابًا شرجيًّا قاسيًّا جدّا حتى تخرج أمعاؤه”.
حتى حين دُعي يوروفسكي ليحاضر في إسرائيل عام 2013، لم تمرّ الزيارة بهدوء. فحين التقى مع إعلامي إسرائيلي يرتدي معطفًا جلديّا، تمنّى له يوروفسكي أن يعاني أولاده وزوجته من الاغتصاب، وهاجمه جسديًّا. وفي أعقاب ذلك تمّ إلغاء محاضراته في إسرائيل.