يقلق الاستخبارات الإسرائيلية التي تعاملت مع قضية غونين سيغف، الوزير سابقا، الذي اتضح أنه عمل جاسوسا إيرانيا، سؤالان مركزيان: أولا، طبعا، ما هي المعلومات الدقيقة التي نقلها سيغف إلى الإيرانيين، وثانيا، هل نجح في إقامة علاقات بين إيرانيّين وإسرائيليين آخرين؟
تطرقا إلى السؤال الأول، الإجابة مركّبة. فالمرة الأخيرة التي جلس فيها سيغف إلى جانب طاولة الحكومة الإسرائيلية كانت قبل عشرين عاما. منذ ذلك الحين، بسبب تورطه بتجارة المخدّرات ودخوله السجن، كان سيغف منقطعا عن الدوائر المؤثرة. وقد أوضح في مقابلة معه للقناة الثانية الإسرائيلية قبل بضع سنوات، أن السبب وراء استقراره في إفريقيا هو أنه شعر بأنه منبوذ في إسرائيل. تشير التقديرات إلى إن إيران قد حصلت على معلومات عن اقتصاد الطاقة الإسرائيلي، إذ إن سيغف كان وزير الطاقة.
ثمة نقطة أخرى، أراد مشغلو الوزير سابقا الإيرانيون أن “يربط” بينهم وبين إسرائيليين آخرين، أي بين كبار المسؤولين في المنظومة الأمنية، الذين يجرون صفقات في إفريقيا. وفق ما نُشر في إسرائيل (هناك جزء كبير من التفاصيل ما زال يحظر نشره)، فقد كانت محاولات كهذه، ولكنها تكللت بالفشل.
حقيقة أن الإيرانيين تواصلوا مع سيغف، وحتى أنهم دفعوا له الأموال طيلة سنوات، تشير إلى أنه كان من المجدي لهم (حتى أن سيغف زار إيران مرتين)، ولكن دفعت إيران أيضا مقابل الأهمية الرمزية التي توليها الاستخبارات الإيرانية لتجنيد مسؤول إسرائيلي يهودي كبير، شغل منصب وزير سابقا. دون العمل عمدا، فإن الكشف عن قضية سيغف، شكل انتقاما رمزيا إيرانيا ضد تهريب الملف النووي الإيراني على يد إسرائيل.
يمكن أيضا التعلم من هذه الحال أن إيران وإسرائيل أيضًا تعتقدان أنهما تخوضان حربا ضد بعضهما، تزداد حدتها أكثر فأكثر في عصر ترامب وفي ظل التمركز الإيراني في سوريا. لذلك، عزز الشاباك مؤخرا جهوده لمراقبة محاولات إيرانية لتجنيد مصادر معلومات استراتيجية في إسرائيل.
من المثير للدهشة أنه في عصر حرب السايبر، والقدرة على الحصول على المعلومات من أي حاسوب أو هاتف خلوي، ما زالت الدول تستثمر جهودا كبيرة لتجنيد عملاء استخبارات بشريين. يبدو أنه لفهم حقيقة منظومة القوى، البشر والعلاقات بينهم، ما زال هناك نقص في العثور على بديل ملائم.