هل سينضم الدروز في إسرائيل إلى القتال في سوريا؟ لو وُجه هذا السؤال إلى الشباب الدروز فالإجابة ستكون حتما إجابية. فدروز سوريا يتعرضون إلى عنف التنظيمات الجهادية في السويداء، وغيرها من المناطق الدرزية، ويرى الدروز في إسرائيل أنهم ملزمون أخلاقيا بالدفاع عن إخوانهم هناك. فقد عقدت مؤخرا عدة لقاءات لنشطاء وقيادات من الدروز في إسرائيل للتباحث في كيفية دعم إخوانهم في سوريا.
وتقرر في هذه الاجتماعات تنظيم تظاهرة في الجولان بالقرب من الحدود مع سوريا للتنديد بالتنظيمات الجهادية وللتضامن مع الدروز الجانب الثاني من الحدود الإسرائيلية- السورية. وقد أرسل هؤلاء معونات مادية وغيرها إلى إخوانهم في سوريا قُدرت بملايين الدولارات، لكن التوسع الذي حققته الجماعات الجهادية في الآونة الأخيرة، والتصعيد الذي تشهده التجمعات الدرزية من قبل هذه التنظيمات، دفع ببعض المجموعات الدرزية في إسرائيل إلى التفكير في خطوات أخرى غير الدعم المادي والمعنوي.
وطرح بعضهم مبادرة السفر إلى سوريا للقتال إلى جانب الدروز هناك. وتم التوقيع على هذه المبادرة من قبل مئات الشباب. وبحسب البعض فإن عدد الموقعين الذين أبدوا استعدادهم للقتال في سوريا يصل إلى بضعة آلاف. وليس مفاجئا أن تكون الغالبية العظمى من بين هؤلاء ممن خدموا في الجيش الإسرائيلي، بمعنى أنهم يتمتعون بقدرات قتالية مجربة.
في هذا السياق، اعتبر ضابط درزي سابق ان تكون لهذه القضية تأثير على قرار الجيش الإسرائيلي مؤخرا حلّ الكتيبة الدرزية. وقال الضابط إن التخوف في الجانب الإسرائيلي من التحاق جنود دروز، ممن يخدمون في هذه الكتيبة، للقتال في سوريا، نابع من أن مثل هذا الأمر قد يُعتبر من قبل البعض على أنه يزج إسرائيل في النزاع السوري، لذلك ومن باب الوقاية، تم حل الكتيبة.
بالإضافة لا يخفى على القيادة الإسرائيلية عدم ارتياح الدروز في إسرائيل، مما يعتبرونه دعم إسرائيل غير الرسمي للمعارضة السورية. “الدروز في إسرائيل يعتبرون أن دعم إسرائيل للمعارضة السورية لا يُضعف النظام فحسب، وإنما يؤثر سلبا على وضع الدروز هناك بسبب تمادي التنظيمات الجهادية وعدم ترددهم على في مهاجمة القرى الدرزية ” حسب أقوال الضابط الدرزي.
وأكد الضابط أن أوضاع الدروز في سوريا وما يتعرضون له من عنف التنظيمات الجهادية أصبح الشغل الشاغل للدروز في إسرائيل وأنهم يفكرون في كل الوسائل لمساندة إخوانهم داخل الأراضي السورية “لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال تفسير هذا الموقف على انه دعم للنظام السوري. فبالنسبة لنا، لا يهمنا من يحكم في سوريا، الذي يهمنا هو أمن وسلامة إخواننا، لذلك نأمل أن لا يُفسر أحد موقف الدروز في سوريا، أنه تدخل لصالح أي من الأطراف المتنازعة هناك، فموقف الدروز في إسرائيل نابع من واجب إنساني وأخلاقي تجاه إخوانهم وهم يشهدون ما تتعرض له القرى الدرزية من قبل النصرة و”داعش” وغيرهما”.
من الناحية الثانية يتساءل ناشط درزي داخل الأراضي السورية عن كيفية وصول هؤلاء إلى سوريا: “بداية نحن نثمن هذا التضامن لكننا لا نريد هؤلاء أن يأتوا إلينا لأن هذا سيرسخ الطابع المذهبي للصراع في سوريا وسيعقد الأمور ضد الدروز في سوريا”. وأضاف أن جبهة النصرة وتنظيمات جهادية أخرى تسيطر على كافة الحدود الحالية بين إسرائيل وسوريا “فكيف يريد هؤلاء أن يصلوا إلى المناطق الدرزية داخل سوريا؟ هل سيقومون بمقاتلة جبهة النصرة من داخل الجولان المحتل ليستطيعوا الوصول إلينا؟ وهل سيسمح لهم الجيش الإسرائيلي بذلك؟ أنا أعتقد أن هذه الاجتهادات هي نتيجة لما يتعرض له الدروز لكنني لا أرى أي إمكانية لأن يلتحق هؤلاء بالقتال في سوريا”.
ويقول الناشط الدرزي السوري إنه لا يستبعد أن تكون هذه الحملة تهدف إلى خدمة أولئك، ومن بينهم إسرائيل، الذين يريدون أن يروا سوريا مقسمة إلى دويلات على أساس مذهبي “صحيح أننا نعاني اليوم من المتشددين وصحيح أنه في مناطق القبائل البدوية في السويداء يتم احتضان “داعش” وهذا يؤلمنا كثيرا، لكن هذا لا يعني أن نوافق على دعم يأتي من إسرائيل حتى لو كان من أهلنا هناك، هذا قبل أن نخوض في وضع الحدود وسيطرة النصرة وأحفاد الرسول وغيرها من التنظيمات عليها”.
وردّ إعلامي درزي من الجليل على ملاحظات الناشط الدرزي السوري قائلا إنها مفهومة، “لكن الأمر اليوم هو وببساطة بمثابة حياة أو موت. وفي هذه الحالة لا اعتبار يغلب على اعتبار الحياة والرغبة في إنقاذ إخواننا في سوريا”. ويضيف الإعلامي أن الجنود الدروز في الجيش الإسرائيلي لم يخدموا في الجيش فقط للدفاع عن إسرائيل وأمنها، ولكن أيضا لحماية الدروز في المنطقة اذا ما تتطلب الأمر ذلك، وطبعا لحماية كيان درزي إذا ما وصلت الأمور إلى هذا الحد”. وأردف “لذلك حتى لو تعرض إخواننا في الأردن إلى خطر سيجد الشباب الدرزي نفسه ملزم بالدفاع عنهم، ما يعني أن الأمر لا يقتصر على المعركة في سوريا”.
هنا نشير إلى ان تصريحات القائد اللبناني، وزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط والذي دعا فيها الدروز في سوريا إلى الالتحاق بالثورة والحرب ضد النظام، لم تلقَ ارتياحا لدى الدروز في إسرائيل. فقد اعتبر البعض أن جنبلاط يخاطر بمصلحة الدروز في سوريا وأنه في نهاية المطاف حتى لو أبدى دروز سوريا دعمهم للمعارضة، فإن التنظيمات الجهادية لن تقبلهم في نهاية المطاف “لأنه اليوم في سوريا لا توجد معارضة غير التنظيمات الجهادية، فالمعادلة واضحة، إما النظام وإما “داعش” والنصرة، وباعتقادي حينما يصل الأمر إلى الدروز فالأمر يجب أن يكون واضحا” يقول الضابط الدرزي السابق الذي أشار إلى أن موقف جنبلاط قد يتغيّر قريبا وأن دروز لبنان سيكونون في مقدمة هؤلاء الذين سيهبون لمساندة اخوانهم في سوريا”.