هل نوع الطعام الذي نتناوله يؤثر في سعادتنا؟ ربما… أظهرت دراسة نُشرت في الشهر الماضي في مجلة American Journal of Public Health أنّ هناك علاقة بين تناول الفواكه والخضار وبين الرضا عن الحياة.
كشفت الدراسة أنّ الأشخاص الذين تناولوا 8 حبات من الفواكه والخضار يوميا حصلوا على 0.24 نقطة أكثر في مؤشر الرضا عن الحياة مقارنة بالأشخاص الذين تناولوا ثمرة واحد من الفواكه أو الخضار يوميا أو أقل. ويشير الباحثون إلى أنّ الارتفاع في الرضا عن الحياة كبير وواضح إحصائيا وهو شبيه برضا الأشخاص الذين يبدأون بالعمل بعد أن كانوا عاطلين عن العمل.
وقد جمعت الدراسة بيانات مختلفة عن 12,385 بالغا (تتراوح أعمارهم بين 15حتى 93 عاما) أستراليًّا على مدى عدة سنوات: عادات الأكل (ومن بينها المتوسط اليومي/ الأسبوعي لتناوُل الفواكه والخضار)، الحالة الأسرية، التشغيلية، مستوى الدخل، وغيرها. وذلك من خلال تعبئة استبيانات في إطار استطلاع أسترالي قطري حول مستوى المعيشة للأسرة. بالإضافة إلى ذلك، سُئل المستطلعون عن مستوى رضاهم عن حياتهم، وطُلب منهم تدريج إجاباتهم من 1 حتى 10. على سبيل المثال، “إذا أخذنا بالحسبان جميع الظروف، عند طرح السؤال إلى أي مدى أنت راض عن حياتك؟”. بالإضافة إلى ذلك، فقد عبأ المشاركون استمارة صحية سُئلوا فيها، من بين أمور أخرى، عن المدة الزمنية التي شعروا فيها بمشاعر وأعراض معينة في الشهر الأخير، بما في ذلك “هل أنت شخص سعيد”، وطُلب منهم تدريج إجاباتهم من 1 حتى 6.

ويشير الباحثون إلى أنّهم لم يدرجوا المعايير التي من شأنها أن تؤثر في الرضا عن الحياة، مثل العمل ومستوى الدخل. وأشاروا أيضا أنّ كل وجبة فواكه أو خضار إضافية في اليوم ساهمت بـ 0.3 نقاط بالمعدّل في مؤشر الرضا عن الحياة، وأنّه قد تمت ملاحظة التأثير في الرضا عن الحياة خلال عامين منذ لحظة زيادة استهلاك الفواكه والخضار يوميا. بعبارة أخرى، هناك حاجة إلى متابعة تناوُلها.
هناك عدة تقييدات للدراسة الجديدة. وأهمها هي الصعوبة الواضحة في قدرة السيطرة على كافة المتغيّرات التي من شأنها أن تؤثر في الرضا عن الحياة، بشكل جيد. بالإضافة إلى ذلك، من غير الواضح إذا ما كان تناوُل الفواكه والخضار يساهم في رضا أكبر، أو أن الأشخاص الذين راضون أكثر يتناولون نسبة أكبر من الفواكه والخضار. من جهة أخرى، يتضح أن تناوُل الكثير من الفواكه والخضار قد كان مرتبطا بالشعور الإيجابي في ذلك اليوم – مما قد يرمز تحديدا إلى أنّ الشعور الإيجابي هو السبب أما الأكل الصحي فهو النتيجة. وقد أظهرت دراسة أخرى نُشرت في مجلة Social Indicators Research عام 2013 أنّ استهلاك سبعة ثمار من الفواكه والخضار يوميا يؤدي إلى مستوى رضا أعلى مقارنة بحالات كان استهلاكها أقلّ. في هذه الدراسة أيضًا يشير الباحثون إلى أنّه من الصعب تحديد السبب والنتيجة.
إذا، كيف في الواقع من شأن الفواكه والخضار أن ترفع من مستوى رضانا؟ تشير الأبحاث العلمية المحتلنة إلى أنّ هناك عدة خيارات، ومن بينها مستويات عالية من حمض الفوليك والتنوّع البكتيري في الأمعاء. يساهم حمض الفوليك في تعزيز الروابط بين خلايا الأعصاب في الدماغ وبين قدرة الجسم على أن يتخلص من هرمونات التوتّر وهكذا قد يؤثر في مزاج الأشخاص. وقد تم إثبات العلاقة بين الرضا وبكتيريا الأمعاء في عدة دراسات في السنوات الأخيرة – فكلما استهلك الإنسان كمية أكبر من الفواكه والخضار، ينشأ تنوّع أكبر من بكتيريا الأمعاء في جسمه. تفرز هذه البكتيريا مواد كيميائية كثيرة، ومن بينها ناقلات عصبية مثل السيروتونين والدوبامين وهي مسؤولة، من بين أمور أخرى، عن ضبط المزاج وتحليل المشاعر والعواطف المتضمّنة في تعريف الرضا والمتعة.
نُشرت معلومات كثيرة في هذا المقال، للمرة الأولى، في صحيفة “هآرتس”