في الأسبوع الأخير شغل زواج شاب عربي من يافا من فتاة يهودية التي اختارها قلبه، والتي هو على علاقة حب وحياة مشتركة منذ خمس سنوات، الإعلام الإسرائيلي ونسيج المجتمع الإسرائيلي كله.
إن منظمة “لهفاه” (شعلة)، وهي منظمة أخذت على عاتقها منع العلاقات الرومانسية بين اليهود وغيرهم، هي التي أشعلت نيران الاحتجاج الاجتماعي التي اندلعت بعد الدعوة التي نُشرت في الشبكات الاجتماعية إلى زواج العروسين.
اتخذ النقد الاجتماعي العارم الذي ألقي على منظمي المظاهرة المعارضة لزواج العروسين مساحة كبيرة في الإعلام. منظمة “لهفاه” تعد اليوم منظمة مؤقتة في الجمهور الإسرائيلي. وهي منظمة صغيرة جدًا حملت على كاهلها عبء مواجهة ظاهرة غير منتشرة في إسرائيل، علاقات رومانسية بين اليهود وغير اليهود.
يُطرح السؤال ما هي مكانة الزواج بين الأديان أو الطوائف في إسرائيل بعد ذلك الحدث الفرديّ؟
من المهم التوقف قليلا عند معنى مراسم الزواج حسب اليهودية والإسلام من أجل أن نفهم بُعد الدلالة للحدث الفردي لمحمود ومورال من يافا في الفترة ما بعد الحرب على غزة.
حسب اليهودية فإن الزواج بين اليهود وغيرهم ممنوع منعًا باتًا، ويعد سببًا رئيسيًّا في الانخراط. مع ذلك، في حال تزوجت امرأة يهودية من رجل غير يهودي، فإن ذريتها تعتبر حسب اليهودية من اليهود.
حسب الإسلام يمكن للرجل أن يتزوج امرأة غير مسلمة سواء أكانت تعد من كلا الديانتين الموحدتين: اليهودية أو النصرانية. يقرر فقهاء الدين أن هذا الزواج غير محبذ حين يعيش الزوجان في دولة غير مسلمة. في حال تزوج رجل مسلم من غير مسلمة، تعد ذريتهما مسلمة حسب الإسلام.
يصبح الموضوع أكثر تعقيدًا في إسرائيل تحديدًا حين تصبح مكانة الزواج دينية. يُسجَّل الزوجان متزوجَيْن فقط إذا ما أتما زواجهما حسب الشريعة الإسلامية أو دور العبادة اليهودية.
حالة محمود ومورال هي حالة فردية لا تدل على ظاهرة. نعم، تتم اللقاءات الرومانسية في إسرائيل بين عرب ويهود لكن نادرًا ما ينتهي ذلك بإقامة عائلة مشتركة. والندرة أمر نسبي، نسبي للواقع القائل إن هناك شعبين كبيرين يعيشان لفترة طويلة في نطاق بلاد مكتظة. فقط عشرات من اليهود يعلنون كل سنة إسلامهم أو تنصّرهم، ويبدو أن ذلك من أجل الزواج الذي يتجاوز القوميات، وكذلك مسلمون يتحولون ليهود أو مسيحيين. تضيق الورقة عن وصف الأسباب، ولكن هنالك الخلاف العربي اليهودي وهنالك الواقع الذي يتحدث دائمًا عن جماعات محافظة وتقليدية أشد المحافظة، ونشأت لديهم أيضًا مخاوف متبادلة ترتكز على العنصر، الدين والقومية.
لكن تحديدًا في السنوات الأخيرة، يمكن لإسرائيل أن تفتخر، أو أن تخجل من ظاهرة آخذة في الازدياد. إنها متعلقة بفئة يفوق عددها ثلث مليون مواطن يعرفون كـ “لا دين لهم”. قدم أناس كثيرون إلى إسرائيل في إطار “قانون العودة” (وهو قانون يعطي الحق لكل يهودي في العالم، أبدى رغبته في الاستقرار في إسرائيل، في أن يكون مواطنًا إسرائيليًّا) لكنهم غير يهود حسب الأحكام اليهودية. لا تتيح دولة إسرائيل لهذه المجموعة الكبيرة الزواج في إسرائيل. بالمقابل، عملية التهويد (تحول غير اليهود إلى يهود) ليست خيارًا لأغلبهم، إذ أن الإجراءات طويلة، تدار بتشديد كبير من دور العبادة اليهودية في إسرائيل التي تعسّر على الكثيرين اتخاذ اليهودية دينًا لهم. هذه المشكلة، لسبب ما، أقل عناءً، لأنها لا تعتمد على الخلاف القومي، ولا تمتطي الأمواج العكرة لحملة “الجرف الصامد” والحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس، والتي جرّت عدد غير قليل من موجات العنصرية بين المجموعتين المدنيتين في إسرائيل.
طبعًا، لا يتيح القانون الإسرائيلي نفسه الزواج في إسرائيل بين الأديان المختلفة، ولهذا لو لم تُسلم مورال، لم يكن الاثنان ليتزوجا في إسرائيل التي يخضع الزواج فيها للأحكام الدينية التي تمنع الزواج بين اليهود والعرب.
لكن، هذين الزوجين يمكنهما التزوج خارج البلاد والتسجيل في إسرائيل كمتزوجين، أو أن يعيشا معلنين زواجهما بين الجمهور، أو من المفضل التذكر أن منع الزواج بين اليهود والعرب هو، للأسف الشديد، القانون السائد. منع الزواج بين الأديان المختلفة يخدم المفهوم الذي بحسبه يجب “حماية” النساء اليهوديات من “التهديد العربي”.
نعم، إن منظمة “لهفاه” معروفة ويدور الحديث عنها أكثر من أي وقت مضى، لكن المنظمة المتطرفة، من غير أن تنتبه، أضرت بالموضوع المعلن الذي أرادت عرضه- منع الانخراط، على الأقل كقناع لكره العرب. لقد حوّلت المنظمة العروس مورال إلى بطلة اليوم. وُصف المعترضون على الزواج الشخصي كمتعصبين خارج جدار الشرعية. لا دليل على ذلك أفضل من رد الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، الذي على ضوء الحملة التي قادتها “لهفاه”، تمنى كل خير للزوجين الغضّيْن.