هل يمكن أن يجد الشعب الفلسطيني، بعد المأساة التي لحقت به في الصيف المنصرم، مواساة له مع وصول الانقسام الفلسطيني إلى نهايته؟ تزداد الدلالات على هذا الأمر أكثر فأكثر في الآونة الأخيرة، رغم رياح الخصام التي تهب بين الحين والآخر بين غزة ورام الله.
لا يزال عزام الأحمد مستمرًا بأداء مهامه، دون توقف، بصفته هو المحرك الذي يقف خلف اتفاقية المصالحة، وبصفته المسؤول عن تطبيق الاتفاق. كالعادة، لا يزال الأحمد يوزع الرسائل المتفائلة بخصوص تقدم المصالحة الفلسطينية.
وعد الأحمد أمس (الإثنين) بأن حكومة المصالحة الفلسطينية ستبدأ مهامها بكل جهد ممكن بعد عيد الأضحى مباشرة. إن أهمية الأمر هي عودة تاريخية للسلطة الوطنية الفلسطينية لتسلم السيادة في قطاع غزة، الأمر الذي فقدته السلطة بعد سيطرة حماس على القطاع عام 2007.
وتعمل السلطة الفلسطينية بكل قوتها، لتحظى بدعم مناصري حماس، على إتمام مشروع القرار الذي ستقدمه السلطة للأمم المتحدة والذي سيجبر إسرائيل على إنهاء الاحتلال حالاً. ولكن، يبدو أنه بعد صيف دامٍ وحرب صعبة جدًا، لا تجد البضاعة السياسية التي تعرضها السلطة الفلسطينية لها صدىً لدى أي فلسطيني.
اختبار آخر ينتظر الحكومة هو دفع رواتب الموظفين في غزة الذين تم تعيينهم من قبل حكومة حماس. وكان رئيس حكومة الوفاق، رامي الحمد الله، قد وعد في الأيام الأخيرة بأنه “يتم التنسيق مع جهات دولية لدفع الرواتب لموظفي غزة”.
يشير دليل آخر إلى أن المصالحة التاريخية باتت أمرًا واقعيًا وهو تعيين النائب العام في حكومة غزة السابقة والمستقيلة المستشار إسماعيل جبر كوكيل للسلطة الوطنية الفلسطينية في قضيتها ضد نشاط شركة المياه في قطاع غزة التي لم تستوفي التزاماتها أمام سلطة المياه. جبر، الذي تم تعيينه من قبل حماس، حصل على مباركة حكومة الوفاق ليعمل باسمها، ويمكننا أن نرى دلالة أُخرى على المصالحة بين السلطات في غزة وبين السلطة الفلسطينية.
حاليًّا، تشير تصريحات مسؤولي حماس إلى أن الأجواء العدائية لم تنتهي تمامًا. انتقد، البارحة، مسؤولون في حماس السلطة الفلسطينية بسبب ما يسمونه ”ضعف استثمار الانتفاضة الفلسطينية الثانية”. وقالت الحركة، في بيان بمناسبة الذكرى 15 لانطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثانية إن “منظمة التحرير لم تستطع أن تُقدر حجم التضحية التي قدمها شعبنا، لذلك كان استثمارها للانتفاضة ضعيفًا”.
تلك أيضًا كانت فرصةً بالنسبة لحماس لتوضح أن اتفاق المصالحة لا يزال غير نافذ على الأرض وأن الحركة ليست في جيب أحد. كذلك قيل أن اتفاق المصالحة الفلسطينية “إذا لم يترجم على الأرض بصدق، وفي ظل شراكة حقيقية في القرار الوطني، وفي ظل عدالة اجتماعية، وحرية وكرامة تليق بالشعب الفلسطيني، فإن هذا الاتفاق لن ينجح أبدا”.