يواجه حزب العمل الإسرائيلي، أعرق الأحزاب في إسرائيل، تحت قيادة السياسي آفي غباي، تحديات كبيرة تهدد بأفول نجمه وتحوله إلى حزب صغير وهامشي. فآخر ضربة للحزب كانت إعلان عميرام ليفين، شخصية أمنية معروفة في إسرائيل (شغل منصب نائب رئيس الموساد في الماضي) الانسحاب من دعم الحزب ورئيسه الحالي.
ويأتي هذا بعد إعلان النائبة عن الحزب أيليت نحمياس فاربين، الأسبوع الماضي، الاستقالة من الحزب، واصفة حزب العمل تحت قيادة أفي غباي بأنه ليس نفس البيت السياسي الذي كان. ماذا أدى إلى تدهور الحزب الذي انبثق عن حزب “ماباي” التاريخي الذي حكم إسرائيل حتى عام 1977؟
الأمل تحول إلى خيبة
شكّل انتخاب آفي غباي، عام 2017، رئيسا لحزب “العمل” لحظة أمل في تاريخ الحزب، فعدا عن انتخاب سياسي من أصول شرقية لرئاسة حزب ليفي أشكول وغولدا مئير وإسحاق رابين، آمن المراقبون الإسرائيليون ومنتسبو الحزب بأن غباي سينقذ الحزب الديموقراطي الاشتراكي من التدهور وسيدخل إليه “روحا” شعبية جديدة خلفا ليتسحاق هرتسوغ.
لكن خبثة الأمل بغباي ازدادت مع مرور الوقت، خاصة بعد محاولاته استقطاب أصوات اليمين وإدلائه بتصريحات بعيدة عن مواقف اليسار الإسرائيلي، أبرزها أن “اليسار نسي يهوديته”، وقد تعهد بأنه لن يخلي مستوطنات في إطار اتفاق سلام، ولن يجلس في ائتلاف سياسي مع القائمة العربية المشتركة. فانتهى الأمر بغباي أنه خسر اليسار بدل أن يستقطب اليمين.
وربما كانت القشة التي قصمت ظهر البعير فض التحالف مع السياسية تسيبي ليفني على نحو مهين، وتفكيك الاتحاد السياسي معها. فكان غباي قد عقد مؤتمرا صحفيا أعلن فيه ببث حي عن التخلص من ليفني دون إبلاغها مسبقا. فأدت هذه الخطوة إلى تراجع دعم غباي من قبل أعضاء الحزب.
وقد زادت الانقسامات في الحزب بعد أن صادق أعضاء الحزب في المؤتمر الأخير على تغيير دستور الحزب ليزيد من صلاحيات غباي، ومنحه الحق في ترتيب قائمة المرشحين. وهاجم النائب البارز في الحزب، أيتان كابل، غباي ووصفه بأنه يدمر الحزب.
غانتس يغيّر الخارطة السياسية
سبب آخر غير الأسباب الداخلية أدى إلى تراجع قوة حزب العمل هو دخول رئيس الأركان الأسبق، بيني غانتس، معترك السياسة في إطار حزب مستقبل وليس الانضمام إلى حزب سياسي قائم. فانضمام غانتس إلى حزب العمل كان بلا شك سيعزز قوة الحزب، لا سيما أن رئيس الأركان الأسبق يتقدم في الاستطلاعات على بقية المرشحين، فهو اليوم صاحب الحظوظ الأقوى لهزم نتنياهو.
فالمعروف عن الناخب الإسرائيلي أنه يثق في جنرالات الجيش الذين ينتقلون إلى السياسية أكثر من غيرهم. الإسرائيليون يفضلون الجنرال غانتس على رجل الأعمل غباي، والأخير يعرف هذه الحقيقة، لذلك هو يدعو إلى تأسيس كتلة سياسية تجمع المركز واليسار ضد نتنياهو، ومطلبه أن يتعهد شركاء هذا الاتحاد أنهم لن يجلسوا في حكومة يرأسها بنيامين نتنياهو.
لكن المسألة الشائكة هي من سيرأس هذه الكتلة؟ خاصة أن غانتس هو الأقوى في الاستطلاعات. فهل سيقبل غباي أن يكون رقم 2 أو 3 في كتلة كهذه لإنقاذ حزبه؟ أم أنه سيخوض الانتخابات على رأس حزب العمل مخاطرا في دخول اسمه التاريخ بأنه الذي دمر الحزب الذي أقام دولة إسرائيل.