رغم أن إذا كنتم لا تؤيدون الدولة الإسلامية أو أنكم لستم معجبين متحمسين للخليفة أبو بكر البغدادي، فمن المرجح أنكم سمعتم ذات مرة عن التمجيد والثناء على عدالة طريق الخلافة الإسلامية الجديدة.
ويبدو أنه في كل وسيلة إعلام ممكنة، فيس بوك، تويتر، إنستجرام، يوتيوب تظهر وتبرز الأناشيد الإسلامية المتطرفة لداعش وأنصارها. ففي الفترة الأخيرة هناك من يدعى أنّ الأناشيد الوطنية لكل دولة ودولة عربية أيّا كانت تخلي مكانها للباكورة الموسيقية لداعش.
لا يمكننا من خلال هذا المقال أن ندرس بأدوات علمية إذا ما كان فعلا عصر الأناشيد الوطنية قد انتهى وهل فعلا حلّ التوق إلى الخلافة الإسلامية الموحدة ورموزها مكان تلك الأناشيد، ولكن، مع ذلك، من المهم أن نسلط الضوء وأن نحاول فهم ما الذي يجذب الكثيرين في العالم العربي إلى سماع الأنشودة الداعشية، من إصدار “أجناد”.
النشيد – آلة وعي مشحّمة جيّدا
إلى جانب نجاحات داعش العسكرية في ساحة المعركة، لقد حقق التنظيم إنجازات ملحوظة أيضًا في معركة الوعي والإعلام التي يديرها. فأعضاؤه يستغلون مواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق أهدافهم المختلفة مثل تجنيد المقاتلين، تجنيد الأموال، نشر أيديولوجية التنظيم وكذلك من أجل الحرب النفسية.
ففي إطار منظومة الوعي تبث أجهزة التنظيم الإعلامية من يوم لآخر أفلاما توثق المعارك، الاجتياحات، الإعدامات وتهديدات الأعداء، إلى جانب أفلام توثق تطبيق الشريعة الإسلامية، حياة السكان تحت حكم الخلافة بل وأفلام طبيعة ومناظر تهدف إلى أن تُظهر إلى أي مدى دولة الخلافة جميلة، بهدف التأكيد إلى أية درجة الحياة تحت حكم الخلافة عادية، هادئة وممتعة
https://www.youtube.com/watch?v=hIoY4RiLbTM
وإلى الجانب المرئي للأفلام يبرز الجانب الصوتي، أي يدور الحديث عن “الأناشيد”، وهي أغاني تصدرها شركة الإنتاج الصوتي لدى داعش، واسمها “الأجناد”. تنشئ هذه الأغاني، بالإضافة إلى الأفلام، الصور، الشعارات، الأعلام، والرموز الأخرى التي تنتمي إلى داعش، ثقافة فرعية كاملة تهدف إلى تعزيز رواية داعش، أي إقامة الخلافة الإسلامية فورا مع إخضاع الأعداء الذي يقفون في طريقها.
لقد منح العصر الحديث وتوسع وسائل الإعلام الاجتماعية، جهودَ داعش في نشر رسائلها، قدرات لا نهائية حيث إنّ الأناشيد الوطنية الرسمية لدول الشرق الأوسط، والتي في غالبيتها نشأت في وقت ما في الأربعينيات أو الخمسينيات وما بعدها من القرن الماضي، لم تحظَ بمثل هذا الانتشار الواسع.
من أجل معرفة مدى انتشار الأناشيد الوطنية مقارنة بأناشيد داعش، من خلال اختبار ليس تمثيليا، لقد اخترنا التركيز على اختبارين. الاختبار الأول هو اختبار البحث في محرك البحث جوجل من أجل العثور على عدد الإجابات الممكنة. والاختبار الثاني هو اختبار اليوتيوب من أجل فحص عدد الأفلام التي تتناول تلك الأناشيد. ومن أجل هذا الاختبار اخترنا تحديدا التركيز على نشيدين شعبيَين جدا، أحداهما هو النشيد الوطني المصري “بلادي بلادي” والثاني هو النشيد الداعشي “أمتي قد لاح فجر”.
وإليكم النتائج:
اختبار نتائج البحث في جوجل
عند البحث عن النشيد الوطني المصري، “بلادي بلادي”، عثرنا في جوجل على مليار و 490 مليون نتيجة.
وأما عند البحث عن نشيد الدولة الإسلامية، “أمتي قد لاح فجر”، عثرنا في جوجل على 82900 نتيجة فقط.
اختبار عدد الأفلام في يوتيوب
عند البحث عن النشيد الوطني المصري، “بلادي بلادي”، عثرنا في اليوتيوب على 553000 فيلم.
ولكن عند البحث عن نشيد الدولة الإسلامية، “أمتي قد لاح فجر”، عثرنا في يوتيوب على 3060 نتيجة فقط.
يبدو ظاهريا أن النشيد الوطني المصري أكثر انتشارا في شبكة الإنترنت من النشيد الداعشي ولكن هناك أيضا تكمن المشكلة. فقد تم اعتماد النشيد الوطني المصري الحالي من قبل الجمهورية المصرية عام 1979. هذا النشيد، الذي كتبه محمد يونس القاضي ولحّنه سيد درويش، موجود في شبكة الإنترنت على أبعد تقدير في الـ 15 سنة الأخيرة. بينما تم رفع نشيد “أمتي قد لاح فجر” إلى الإنترنت للمرة الأولى في 29 حزيران عام 2014، أي قبل نحو عام وخمسة أشهر. يمكننا إذا كان الأمر كذلك أن نقول إنّ وتيرة انتشار نشيد داعش مذهلة. ومع كل هذا يمكن أن نقول إنّ سياسة النشر في يوتيوب على سبيل المثال هي سياسة صارمة والكثير من الأفلام التي نشرت النشيد الداعشي تمت إزالتها بسبب انتهاك حقوق الاستخدام واستخدام منصّة اليوتيوب من أجل نشر مواد عنف.
بخلاف مصر أو أية دولة عربية أخرى، تعمل داعش على عدة جبهات: في سيناء بمصر، في العراق، في سوريا ومنذ وقت غير بعيد تعمل أيضًا ضدّ “الكافر الغربي”. ولكل جبهة من أولئك هناك نشيد خاص بها يمجّد المقاتلين في الجبهة المحددة ويشجّع الشباب المسلمين المترددين على الانضمام إلى صفوف الجهاد. إن التنوع واسع والأفلام والأناشيد كثيرة. على سبيل المثال، نشرت شركة “أجناد” نشيدا خاصا بمقاتلي سيناء.
https://www.youtube.com/watch?v=0WJT_EtkLZM