أصدر العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أمرين ملكيين، بتعين الأمير خالد بن بندر رئيسًا للاستخبارات العامة، والأمير بندر بن سلطان مستشارًا ومبعوثًا خاصًا له، وهذا ما أبلغت به وكالة الأنباء السعودية. هذه التبادلات الرجولية في النخبة الاستخباراتية، والقلب النابض للأمن الوطني السعودي، يأتيان بعد يومين فقط من قيام الملك بعزل نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن بندر من منصبه، وذلك بعد 45 يومًا من تعيينه، وهذا التغيير وهو الرابع من نوعه في هذا الموقع خلال 15 شهرًا.
كما صدر أمر ملكي بإعفاء الأمير فهد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن من منصبه نائبًا لوزير الدفاع، وتعيين الأمير سلمان بن سلطان بدلا منه في مطلع أغسطس 2013.
كل هذه الأمور تأتي بعد تصريحات العاهل السعودي ضدّ زيادة قوة الإسلام المتطرف، عندما تطرق إلى “داعش” التي تفعل كل ما يحلو لها في العراق وإلى فيالق القاعدة التي تقاتل المتمردين في سوريا. في الثامن والعشرين من حزيران، في خطاب ألقاه الملك عبد الله بن عبد العزيز كتهنئة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، قال إنه لم يمنح قلة قليلة “من الإرهابيين أن يرتدوا الإسلام بزّة لتغطية مصالحهم الشخصية، وأن يخيفوا المسلمين الوادعين أو أن يلحقوا الضرر بوطننا (وهو يقصد هنا العربية السعودية) أو أي من مبانيها أو الماكثين فيها ”.
وقد جاء تصريحه بعد يومين من إصدار أوامر الملك للعمل حسب الوسائل المطلوبة بهدف حماية الدولة من “تهديدات إرهابية” ممكنة كنتيجة للتأرجح الحاصل في العراق المجاورة. يتطرق الملك إلى نجاحات المسلحين التابعين “لمنظمة الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا (داعش)، التي تعتبرها المملكة العربية السعودية منظمة متطرفة وإرهابية، لتحتل مواقع السنة في العراق بمساعدة قوات محلية.
يجدر الذكر أن لدى منظمة داعش تأثيرًا كبيرًا على سكان المملكة العربية السعودية المتهمة بأن جزءًا ملحوظًا من مسلحي المنظمة هم في الواقع مواطنو المملكة العربية السعودية، وفي أكثر من مرة، ادعي أن المنظمة تحصل على تمويل من داخل الدولة، الأمر الذي تستنكره السعودية بعزم. وفقًا لادعاء السعوديين، فقد تم الإعلان في شهر آذار الأخير أنه تم إدراج منظمة داعش في قائمة المنظمات المعلن عنها في السعودية كمنظمة إرهابية.
تشهد استنكارات السعوديين النشطة، التي تأتي إلى جانب تبادل الكثير من الرجال والمتسرع، على الضغط. ليس من المنكر أن الملك السعودي، الذي يحب أن يعتبر نفسه الزعيم الأقوى في العالم السني، بدأ يشعر بالتهديدات على مكانته، وعلى الاستقرار النسبي السائد في مملكته على ضوء الكثير من الثورات في المنطقة المجاورة.
في حين أن الولايات المتحدة معنية بإخضاع ثوار داعش، وفي رفعة بندقية يمكنها أن تلغي جهود الثوار في العراق في السنوات الأخيرة، يتعين على الملك السعودي أن يواصل الحفاظ على احترام الإسلام السني، بموجب مكانته، والإصغاء إلى تمنيات قلوب بني شعبه، ومن ناحية ثالثة عليه أن يتابع الحفاظ على قوته، ويبدو أن مكبس الضغط بدأ يُظهر تأثيره على الملك المسن، وأن تهديد أبي بكر البغدادي المعروف بسمعته السيئة قد نجح في تخطي الحدود والوصول إلى المملكة العربية السعودية الكبيرة.