سيتم اليوم تعيين غادي إيزنكوت رئيسا للأركان رقم 21 لإسرائيل- انضمّ إيزنكوت ، البالغ من العمر 54 عاما، إلى لواء جولاني وقام بأداء دوره هناك في سلسلة من المناصب القيادية: ابتداء من قائد فصيلة، قائد الفوج المضاد للدبابات، وقائد الكتيبة 13، حتى تم تعيينه قائدا للواء جولاني عام 1997. عمل إيزنكوت كسكرتير عسكري لرئيس الحكومة ووزير الدفاع.
تمّ تعيينه لاحقا قائدا لكتيبة الضفة الغربية، وقاد قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة بين عاميّ 2003 – 2005، وشارك في الانتفاضة الثانية. بعد ذلك، عُيّن إيزنكوت رئيسا لقسم العمليات، وهي مهمّة قام بأدائها خلال حرب لبنان الثانية، والتي عُيّن بعدها كقائد للواء الشمال. تولى إيزنكوت لخمسة سنوات منصب قائد لذلك اللواء، رُشّح خلالها لوظيفة رئيس الأركان، ولكنه قال في المقابلات التي أجريت معه للمنصب، إنّ صديقه في هيئة الأركان العامة، بيني غانتس، مناسبًا للمنصب أكثر. يقطن إيزنكوت في هرتسليا، وهو متزوج وأب لخمسة.
ويُجمع المحلّلون العسكريون والسياسيون الإسرائيليون أنّ وزير الأركان المعيّن قد يصل إلى المنصب وهو رصين ولديه خبرة كبيرة. قضى إيزنكوت سنوات طويلة في مراكز اتخاذ القرارات، منذ أن تولى وظيفة السكرتير العسكري لرئيس الحكومة إيهود باراك وأريئيل شارون، بين عاميّ 1999 – 2001، حتى بدا أنّه لن تكون هناك حاجة لفترة دخول وتكيّف مطوّلة للمنصب الأكبر في الجيش الإسرائيلي.
وقد وضعه نهجه الأساسي والمعقّد في أداء مهامّه بوصفه رجلا عسكريا أكثر من مرة في اشتباكات مع رؤسائه: بداية من قراره كقائد الفرقة الاحتياطية بفرض تعليمات صارمة على جنوده في حدود قطاع غزة لإطلاق النار، من أجل منع الإضرار بالأبرياء في الانتفاضة الثانية، مرورا بخلافه مع رئيس الأركان دان حالوتس ووزير الدفاع عمير بيرتس في حرب لبنان الثانية، وصولا إلى الرسالة التي أرسلها لنتنياهو، بوصفه قائد لواء الشمال، والتي تحفّظ فيها من الهجوم الإسرائيلي المستقلّ على المواقع النووية في إيران.
بالمقابل، فقد عرف إيزنكوت في جميع هذه الخلافات كيف يحافظ على مكانه المناسب في التسلسل الهرمي: رجل عسكري يخضع للقيادة السياسية، ولكنه أدرك جيّدا أيضًا حدود القوة وأحكام القانون. آراؤه بخصوص استخدام القوة حذرة ومنضبطة. ليس هو الشخص الذي سيدفع بالجيش الإسرائيلي، وعلى إثره دولة إسرائيل، إلى مغامرات عسكرية غير ضرورية.
لقد بدأ اختيار إيزنكوت بالرجل اليسرى. في الظاهر، فإنّ تحفّظ نتنياهو على تعيينه لا ينبغي أن يزعج رئيس الأركان الذي يهدف إلى ملء منصبه، ولكنه يخيّم على بدء العمل المشترك المتوقع بين الاثنين.
أمام رئيس الأركان تحدّيات أكبر وأكثر تعقيدا من سابقيه، بدءًا من التعامل مع الموافقة على الميزانية السنوية للدفاع، والتي تواجه في الوقت الراهن العديد من الصعوبات. بدءًا من الموافقة على زيادات بقيمة 7 مليار شاقل (نحو 2 مليار دولار) والتي طلبها رئيس الأركان المنتهية ولايته، بيني غانتس، والدروس المستفادة من الحرب في غزة في الصيف الأخير، والجيش الذي خفّض بشكل كبير من مناوراته العسكرية، وعملية التسريح المتوقعة للآلاف في الصناعة الدفاعية والعسكريين بسبب التقليصات المتوقعة في القوة العسكرية لإسرائيل، وقضية النووي الإيراني وتعاظم قوة التنظيمات الإرهابية على الحدود الجنوبية (حماس وتنظيمات الجهاد العالميّ في سيناء)، الشمالية (حزب الله وتنظيمات الجهاد المقاتلة في سوريا) والشرقية (قلق كبير على أمن الأردن في أعقاب مشكلة اللاجئين السوريين وتعاظم قوة العناصر السلفية الجهادية) لإسرائيل.
وصل غادي إيزنكوت إلى رأس الهرم في مسيرته العسكرية بفضل وحسّ البقاء الذي لديه: لم يبحث عن مواجهات، انتقل من منصب إلى آخر تدريجيّا، يعرف المنطقة والتهديدات الأمنية العديدة التي تواجه إسرائيل والأهم من كلّ معرفة اجتياز منصب السكرتير العسكري للحكومة، وهو منطقة رمادية حيث تأتي فيه السياسة والشؤون العسكرية إلى واجهة من التحدي.
يبدو أنّ الشرق الأوسط ينتظر فترة طويلة من عدم الاستقرار المتطرّف، والذي قد تؤدي فيه الحوادث الحدودية المعزولة أو سلسلة من سوء الفهم إلى تدهور الأوضاع. سيجد رئيس الأركان القادم سلسلة من التنظيمات المعادية في كلّ حدود ممكنة. وعلاوة على ذلك، تزيد التوترات مع السلطة الفلسطينية من خطر اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة في العام القادم. ورغم أنّ الجيش – رغم إنكاره والشكاوى الخاصة به- قد خرج منتصرا في صراعات الميزانية بعد حرب غزة في الصيف، فهو يعمل الآن أيضًا في بيئة ميزانية أخرى. إنّ تدهور الوضع الاقتصادي لإسرائيل، إلى جانب التأييد المتزايد عند الشعب لتخصيص الموارد من أجل حلّ المشكلات الاجتماعية الملحّة؛ سيصعّبان في المستقبل على الجيش الإسرائيلي أنّ يقنع الحكومة بعدالة مطالبه بزيادات في الميزانية.
سيضطرّ إيزنكوت إلى أن يوسع كثيرا خطوات بدأها غانتس، والتي تهدف إلى تجهيز القوى البشرية لقتال تنظيمات مثل حماس وحزب الله، في قلب منطقة مكتظة بالسكان، بدلا من حرب مقسّمة ومدرّعة في المناطق المفتوحة لسيناء والجولان في الماضي.