قبل بضعة أسابيع، أصدر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أمرًا بإقامة منتدى مشترك للحكومة ولممثلي الطائفة المسيحية، الذي سيعمل على دفع تجنيد المسيحيين قدما في الجيش الإسرائيلي وللخدمة الوطنية. هل يجري الحديث عن مبادرة حقيقية، تتضمن أيضا استعدادًا لتقديم حوافز للشباب المسيحيين لتجنيدهم أم أنها مجرد خطوة للعلاقات العامة، التي تتيح للحكومة التلويح في كل مرة يتم فيها طرح موضوع المساواة في العبء بين أوساط المجمع العربي؟
وقد عيّن ديوان رئيس الحكومة نائب الوزير أوفير أكونيس، ليقود المشروع، غير أنه في هذه المرحلة لم تبدأ نشاطات فعلية ويمكن الافتراض أن إقامة المنتدى وتخطيط نشاطاته لن يبدأ قبل دورة الكنيست القادمة، بعد عيد العُرش لدى اليهود. ينهي نحو 3000 شاب وشابة مسيحيين المدرسة الثانوية كل سنة وبضع مئات منهم ينخرطون اليوم في سنة خدمة وطنية. الخدمة الوطنية بالذات – حظيت حتى اليوم باستجابة بين أوساط الطائفة المسيحية وأما الخلط بين المواضيع – الخدمة العسكرية و/أو الخدمة الوطنية – قد يُبعد الشباب الذين اختاروا المشاركة في سنة الخدمة الوطنية.
شادي خلول، 38 سنة، من سكان قرية الجيش، يعمل في شركة هاي تك، وكان قد خدم في سلاح المظليين وتم تسريحه برتبة ملازم أول، قال في حديث هاتفي معنا أن نية ديوان رئيس الحكومة جدية ولكنه أضاف أنه إذا لم تكن للمنتدى خطة محددة يتم اقتراحها على الشباب والشابات المسيحيين الناطقين بالعربية (“ليس العرب، بل المسيحيين الناطقين بالعربية” شدّد خلول)– امتيازات، مِنح، مساعدة (بمنح) تفوق الحوافز المقترحة اليوم للشباب اليهود – سيكون من الصعب اجتذاب الأشخاص إلى البرنامج.
خلول هو من بين قادة المبادرة بين أوساط المسيحيين الناطقين بالعربية وحين سيتم إقامة المنتدى بالتعاون مع ديوان رئيس الحكومة، ينوي أن يكون ناشطًا”. أعتقد أن خلال السنوات القريبة، في الفترة المرحلية، يجب أن يكون التفضيل المصحح لصالح الشباب المسيحيين بشكل يتيح اجتذابهم إلى برنامج التجنيد. بعد بضع سنوات، حين يدرك الناس ويرون أن هناك تغيير وأن الأمر مجدٍ، عندها سيكون بالإمكان إلغاء الحوافز”.
يقول خلول”عندما تجندت أنا كان ذلك أمرًا ليس سهلا. كان علينا أن نتوجه إلى وزير الأمن وأن نطلب. أعتقد أن هذا الأمر أصبح أبسط اليوم. الدولة ترى في ذلك أهمية وطنية وتريد مساعدة المسيحيين في الانخراط ليكونوا جزًءًا منها”.
هل ستكون أنت جزءًا من المنتدى؟ كيف تنوون العمل من أجل التجنيد؟
“لدينا منذ الآن مركّزون للمنتدى يعملون في القرى العربية. يجب مساعدتهم لأن الشباب في المدارس الثانوية اليوم لا يحصلون من الدولة على أي معلومات فيما يتعلق بالإمكانيات المتاحة أمامهم. لا يشبه الأمر ما يحدث بين أوساط الجمهور اليهودي الذين يتحدثون معه عن الجيش منذ الصف العاشر. الشباب لدينا لا يعرفون شيئًا، وخاصة المعنى، أين يخدمون وماذا تقدم لهم الخدمة”.
“ستكون هناك حاجة إلى تحضير الامتيازات التي ستُقترح عليهم. تفضيل الشباب المسيحي سيمنح المشروع شهرة جيدة. يجب أن تكون العملية بشكل يقوم فيه مركزونا بنشر حُزم المساعدة للشاب والشابة المسيحي والمسيحية لإثارة اهتمامهم”.
هل تعتقد أنه يجب التوجه فيما بعد باتجاه التجنيد الإلزامي؟
“لا. هناك أشخاص لا يجب على الدولة أن تجندهم. أنا شخصيًا كنت سأرفض جزءًا من الأشخاص فورا لأسباب أمنية. سواء كانوا يؤيدون التوجهات الشيوعية أو أنهم يؤيدون العروبة التي تكره إسرائيل”.
كيف تشرح معارضة الزعماء العرب الشديدة لهذه الخطوة؟
“هناك جهات عربية تحاول التصدي لنا وتهديدنا. الأب جبريئيل نداف، وهو بين روّاد هذه الخطوة قد تلقى تهديدات بأن ينزعوا منه بزته الكهنوتية. أنا أيضًا تلقيت تهديدات. هناك نشطاء في الفيس بوك، لا يختبئون ويهددوننا علنيا ويتعيّن علي أن أقول أن تقاعس الشرطة في هذا الموضوع هو أمر يثير الغضب. إن الشرطة، ببساطة، لا تفعل شيئًا وهذا يشير بالأساس إلى ضعف الدولة في هذا الموضوع. إذا تواصلت هذه التهديدات، فسيتخوف الناس من التحدث حول الموضوع”.
يتهمونك بأن لك أهداف سياسية؟
“على العكس. هناك أشخاص لديهم مصالح سياسية، مثل عضو الكنيست باسل غطاس (التجمع الوطني الديموقراطي) الذين لا يريدون أن نكون جزءًا من الدولة. للأسف الشديد، يعارضون تجنيدنا داخل الطوائف الأخرى وليس المسلمين فقط. على سبيل المثال، الدروز أو البدو، الذين يتجند جزء منهم، يتخوفون من أن نسلب منهم هذه المكانة، كأشخاص يتجندون ويحصلون على امتيازات. وأما لدينا، فإن احتمال التجنيد سيكون أعلى بشكل ملحوظ، فنحن جمهور أكبر من الجمهور الدرزي، وستتجند فتياتنا أيضا وليس الأبناء فقط”.
* * * * *
عضو الكنيست باسل غطاس، لماذا أنت ترى تجنيد المسيحيين أمرًا سلبيًا؟
“أنا قلق من أن هذا مشروع حكومي بتمويل كل هدفه هو أخذ إحدى الطوائف من أقليتنا، كما فعلوا مع الدروز وفصلها عن البقية بطريقة فرّق تسد. نحن جزء من الأمة العربية، وبكوننا فلسطينيين نحن نعارض أي مبادرة للتجنيد في الجيش وكذلك بدائل التجنيد، مثل الخدمة الوطنية. ومن المؤكد أننا نعارض إذا تم ذلك بطريق الإكراه”.
وإذا تم التجنيد بشكل طوعي ولا يتم بوسائل تشريعية تلزم بذلك؟
“كان هناك دائما مسيحيون قد تجندوا بشكل تلقائي، وهذا أمر لا نعترض عليه. اعتراضنا هو تحويل المشروع إلى مشروع منظمة ومنسّق وممول من قبل الحكومة. الحوافز المقترحة ليست هي الموضوع، بل مبدأ ربط موضوع الحقوق المدنية بالواجبات. أنا أعارض بشكل متواصل ربط موضوع المساواة في العبء بمنح الحقوق. نحن، السكان الفلسطينيون، لم نهاجر إلى هنا، بل عشنا هنا والحقوق التي نستحقها لا تنبع من مجرد أننا حصلنا على الجنسية الإسرائيلية، بل لأننا من مواليد المنطقة”.
ولذلك أنت تعارض المساواة في العبء؟
“المساواة في العبء؟ بالتأكيد أنه يجب أن تكون هناك مساواة، إذًا ليتقاسم كل يهودي معنا الأراضي التي أخذوها منا، وليتقاسموا معنا الجهاز التربوي الفاشل، وإبعادنا عن سوق العمل. نحن مستعدون لنتقاسم كل ذلك. كل هذا الجدل، حول الحقوق مقابل الواجبات، الدولة لا تمنح، على أية حال في نهاية الطريق الدروز الذين يتجندون الحقوق الفائضة التي وكأنها وعدتهم بها. والطائفة الدرزية اليوم تناضل ضد هدم المنازل، مستوى التعليم والبطالة. لم أر أن الخدمة العسكرية قد حسنت حقوقهم”.
لماذا خرجت ضد الكاهن جبرئيل نداف؟
“لم أر شيئا كهذا ذات مرة، أن يقوم رجل كهنوت ورجل دين بتشجيع التجنّد في الجيش واستخدام السلاح. أفراد الكنيسة كانوا يعارضون العنف دائمًا وأي شيء متعلق بالجيش، وهذا الأمر مثير هنا أن يقوم رجل دين بالتعامل مع هذا الأمر”.
شاهدوا رئيس الوزراء نتنياهو يلتقي الأب جبرائيل نداف وأعضاء المنتدى المسيحي الذين يدعون الى دمج أبناء الطوائف المسيحية في جيش الدفاع: