هناك احتمال عندما تزورون مصر أن تسمعوا حكاية مزعجة بحسبها فإنّ سمكة القرش التي هاجمت سائحا على الشاطئ في شرم الشيخ كانت قد دُرّبت من قبل الموساد الإسرائيلي. نظريات المؤامرة، بطبيعة الحال، ليست حصرية بالشرق الأوسط. فالناس في جميع أنحاء العالم قد تربّوا على قصص مثل “لم يهبط الإنسان على القمر أبدا” و”إلفيس ما زال حيّا”. مع ذلك، لا يمكن أن ننفي بأنّ نظريات كهذه هي أكثر شعبية لدى العرب والفرس. وإليكم بعض النماذج:
1. الدولة الإسلامية قد أُنشِئت من قبل الغرب.
2. الولايات المتحدة اتصلت بالإخوان المسلمين من أجل تدمير مصر. كان مرسي يخطّط لإعطاء كلّ شبه جزيرة سيناء لحماس.
3. تعرض إحدى حلقات “عائلة سمبسمون” كيف أنّ الولايات المتحدة متّهمة بإشعال الربيع العربيّ.
4. جلبت معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر السرطان، التهاب الكبد وغيرها من الأمراض إلى الدولة العربية.
5. وضع هنري كيسنجر خطّة لطرد جميع المسيحيين من مصر عندما اندلعت الحرب الأهلية عام 1975.
6. الأسرة السعودية المالكة هي في الواقع يهودية. وهكذا أيضًا القذافي والخليفة أبو بكر البغدادي، الذي اسمه الحقيقي هو شمعون إليوت.
7. أعطت الولايات المتحدة الدفعة الأخيرة لصدام قبل غزو الكويت.
8. يحتوي مشروب الكوكا كولا والبيبسي على الخنزير والكحول.
9. كان الخميني، قائد الثورة في إيران، في الواقع، عميلا بريطانيّا سرّيا.
10. اليهود هم المسؤولون عن مقتل كينيدي ولينكولن ويقفون وراء الثورة الفرنسيّة.
11. قرش فقط؟ أرسل الموساد نسرًا للتجسّس على السعودية.
12. خططت الولايات المتحدة وإسرائيل لأحداث الحادي عشر من أيلول.
عندما يتمّ تحليل نظريات المؤامرة هذه لأجزاء، يبدو أنّها تتبع نمطا معيّنا. في غالب الحالات، فهي تتعلّق بأحداث شهيرة، على سبيل المثال حادثة الحادي عشر من أيلول، صعود الإخوان المسلمين في مصر ومقتل كينيدي. وهي تعرض أيضًا وجهة نظر مثنوية وتميل إلى توجيه الاتهامات لإسرائيل و/أو إلى الغرب (يُوصف كلاهما بالشيطان الأكبر). في المقابل، تلك في الواقع مجرّد نظريّات، نظريّات لا يمكن دائما دحضها بواسطة النظر أو التجربة، ممّا يزيد جدّا من صعوبة محاربة وجودها.
ومن المثير للاهتمام أنّ هذه النظريّات ليست شائعة في أوساط “الرعاع” فحسب. إذ تتبنّاها أيضًا شخصيات مثقّفة وسياسية شهيرة. على سبيل المثال، هناك الكثير من السياسيّين الذين ما زالوا يزعمون أنّ أحداث الحادي عشر من أيلول وُضعت ونُفّذت من قبل الولايات المتحدة. وفي هذا السياق، تلعب وسائل الإعلام دورا مهمّا. فإنّها لا تُحضر فقط موقف الطرفين، وإنما تسمح أيضًا لكلّ نظرية غريبة أن تصل إلى جمهور واسع. هناك معضلات لم يتمّ حلّها مثل اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005، تنشئ شائعات ونظريات مؤامرة وتصبح بمثابة فخّ.
أداة سياسية؟
على الرغم من طابعها المثير للسخرية، تعتبر نظريات المؤامرة أداة سياسية وموشور عملي عندما يتم تحليل العلاقات بين الحكومات والمجتمعات في الشرق الأوسط. بالنسبة للمواطنين، فإنّ هذه النظريات تعرض طريقة للتعبير عن إحباطهم من التعتيم على صنع القرار، ولكنها من الممكن أيضًا أن تتسبّب بحالات من تجاهل مظالم النظام. في نهاية اليوم، ترسم هذه النظريات القادة كضحايا أكثر من أن يكونوا منفّذين لمظالم. وهي أيضًا أداة ذات قيمة للسيطرة، وطريقة لدراسة ولاء الجمهور والتأكد من أنه ملتزم وموحّد ضدّ الأعداء الخارجيين. استخدم صدام حسين مثل هذه النظريات بمهارة كبيرة خلال حرب الخليج.
وكثيرا ما تتغذّى نظريات المؤامرة هذه على الجهل، النابع من عدم فهم التاريخ. هذه الحالة هي نتيجة لأوجه القصور في الأنظمة التعليمية في تلك الدول نفسها، والتي يعبّر حتى زعماؤها عنها. ولكن لا تكون دائما الحالة كذلك؛ ففي الكثير من البلدان يخشى المواطنون من التعبير عن أفكارهم ويخترعون نظريات أو يعتقدون بها، بحيث تعرض زعماءهم بشكل إيجابي، مهما كانت غريبة.
ويجب أن نأخذ بالحسبان أيضًا الجانب التاريخي. فقد عانت منطقة الشرق الأوسط من التدخّل الأجنبي الكبير على مدى التاريخ، والذي تضمّن بذاته مؤامرات؛ من سايكس بيكو وحتى أزمة السويس عام 1956. ولذلك فإنّ انعدام الثقة هو صفة مفهومة جدّا على ضوء حقيقة أنّ سكان المنطقة يتّهمون الغرب بتحطيم الوعود.
لقد نمت المجتمعات العربية على فكرة السرّية، ولذلك فإنّ مثل هذه الأنواع من النظريّات وُلدتْ من التشكّك تجاه السلطة، السياسيين والدولة؛ فالمواطن العربي معتاد على أن يكذبوا عليه. وفي بعض الأحيان، يكون الواقع المؤسسي على درجة من التعقيد بحيث يصبح التوجّه إلى النظريّات المبسّطة أكثر سهولة ببساطة. في النهاية، فقد نمت نظريّات المؤامرة أيضًا كتوجّه موحّد مع اختلاف الأيديولوجيّات – القومية العربية، والإسلامية، الشيوعية وغيرها – داخل المجتمعات المنقسمة بشكل منتظم. نظريات المؤامرة هي بمثابة حلم يؤدي إلى الشعور بالراحة لـ “الدماغ المحاصَر” لدى المواطنين العرب.
يستند هذا المقال إلى مقال نُشر في مدوّنة Your Middle East
نُشر هذا المقال لأول مرة في موقع “ميدل نيوز”