الشهر الماضي، انتهت حملة متوسطة أخرى للمنتخب الإسرائيلي. يواصل مشجّعو كرة القدم في البلاد التحسّر على الخيبة من مستوى اللّعب المنخفض واللياقة البدنية السيئة للّاعبين، الذين سيشاهدون كأس العالم في البرازيل من بيوتهم. وحين يصوّب المشجّعون أنظارهم نحو الشرق، يصبح الوضع أسوأ. ففيما تخفق إسرائيل في التأهل لبطولة كبرى عبر التصفيات الأوروبية، وحتى للمنافسة في الملحق على التأهُّل، فإنّ الجار الأردني، الذي لم يشارك في كأس العالم في حياته، يظهر قدرة لا بأس بها.
يوم الأربعاء، سيدخل الأردنيون أرضية ملعب “الملك عبد الله” في عمّان محاولين إتمام المهمّة وخلق نبأ مثير بمقياس عالميّ. سيكون في انتظار الأردنيين في الجانب الآخر من الملعب، منتخب الأوروغواي المميَّز، الذي حلّ خامسًا في مجموعة التصفيات الأمريكية الجنوبية، ولذلك سيواجه الأردن، ممثّل آسيا، في مباراتَي ملحق. أمّا مباراة الإياب فستُقام بعد أسبوع بالضبط من مباراة الذهاب، وذلك على ملعب “سنتيناريو” في مونتيفيديو. وسينتظر كلُّ من دييغو فورلان، إدينسون كافاني، ولويس سواريز المنافسَ المجهول.
شاهِدوا هدفًا نموذجيًّا لسواريز أمام الباراغواي
http://www.youtube.com/watch?v=gxVFuwexA9M&feature=youtu.be
لا تشارك منتخبات الشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية كثيرًا في بطولة كرة القدم الأهم عالميًّا. فباستثناء المشاركة السعودية أعوام 1994، 1998، 2002، و2006، كانت مصر والإمارات العربية المتحدة (1990)، العراق (1986)، الكويت (1982)، وإسرائيل (1970) آخر الذين حظوا باستعراض قدراتهم الرياضية على المنصة الموقّرة عالميًّا. لكن حتى في المقاييس المتوسطة لكرة القدم الإقليمية، يُعتبَر الأردن منتخبًا ضعيفًا، ضعيفًا جدًّا. ذروة إنجازاته في كرة القدم العالمية كانت الوصول لربع نهائي كأس أمم آسيا عامَي 2004 و2011، حيث خرج أمام كل من اليابان وأوزبكستان. لذلك، فإنّ مجرد كون 180 دقيقة فقط تفصل بينه وبين كأس العالم مذهل حقًّا.
بدأ الأردنيون طريقهم الطويلة نحو كأس العالم في البرازيل في تموز 2011، بعد شهور معدودة من مشاركتهم الناجحة نسبيًّا في البطولة الآسيويّة. وقد كانت قرعتهم في الجولة الثانية أمام النيبال، حيث فازوا بتسعة أهداف نظيفة في الذهاب، وتعادلوا بهدف لمثله في الإياب، لينتقلوا إلى دور المجموعات مع العراق، الصين، وسنغافورة. كان الفوزان على العراق والصين، إلى جانب النقاط الست التي أُحرزت في المواجهتَين أمام سنغافورة، كافية لضمان التأهل لدور المجموعات القادم، بعد مجرّد أربع مباريات. والمميّز خصوصًا في تلك المرحلة كان المهاجم عبد الله ذيب، الذي يلعب في صفوف نادي العروبة في الدوري السعودي.
شاهدوا هدف ذيب الهامّ أمام العراق
في المرحلة الرابعة من التصفيات، كان المنتخب الأردني في مجموعة تضمّ اليابان، أستراليا، عُمان، وغريمه التقليدي، العراق. بعد مباراتَين، بدا وضعُ الأردنيين سيّئًا جدًّا. فبالكاد حقّقوا تعادلًا بيتيًّا أمام العراق، فيما هُزموا بستّة للا شيء أمام اليابان، وبدَوا في الحضيض. لكنّ انتصارَين باثنَين مقابل واحد على أستراليا القوية واليابان جاءا. وفجأة، أصبح النشامى (تعبير يُشير إلى البسالة البدوية الأردنية) أبرز المرشّحين للمنافسة على المركز الثالث المؤهِّل لمرحلة ملحق إضافية (تأهل المنتخَبان اللذان حلّا في المركزَين الأولَين بشكل مباشر لكأس العالم). في الجولة الأخيرة في المجموعة التقَوا بعُمان في مباراة بيتيّة، وفازوا بهدف نظيف من تسجيل أحمد هايل، الذي كان إلى جانب عُدَي الصيفي، من أبرز لاعبي المنتخَب في هذه المرحلة.
شاهدوا عُدَي الصيفي يُنهِك أستراليا بتمريرة حاسمة رائعة
في الحقيقة، يكمُن تميّز المنتخَب الأردنيّ في المساهمة الكبرى التي يقدّمها عددٌمن اللاعبين، كلٌّ في توقيتٍ مختلف. ورث المدرّب المصري، حُسام حسن، المنتخَبَ من المدرّب العراقي، عدنان حمد، وتابع الدرب نفسه: كثافة دفاعيّة، عَدو لاعبي الأطراف بأقصى سُرعة لهجمات مرتدّة، والكثير من التصميم، الإقدام، والتضحية. كان أمام حسن، أحد أعظم لاعبي إفريقيا في التاريخ، شهران فقط لتحضير المنتخَب للقاءَي الملحق أمام أوزبكستان، المنتخَب نفسه الذي أطاح بالأردن من كأس آسيا قبل عامَين فقط.
انتهت المباراة الأولى، التي استضافها الأردن، بالتعادل 1:1، بعد أن تقدّم الأردن من هدف للاعب الوسط المُهاجم، مُصعَب اللحّام. بعد أربعة أيّام، خرج تلامذة حسن من غرفة تبديل الملابس إلى أرضية ملعب “بونيودكور” في طشقند. بعد 5 دقائق على الافتتاح، سجّل أنزور إسمائيلوف لصالح أوزبكستان، ليذهب بعيدًا في حُلم مونديال البرازيل. لكن في الدقيقة الثانية والأربعين، أطلق لاعب الوسط سعيد مرجان قذيفة هائلة لا تُصدّ ولا تُردّ من 25 مترًا، سكنت الشباك لتحقّق التعادُل.
بعد 90 دقيقة، دخلت المباراة الوقت الإضافيّ. في الدقيقة 100، تعطّلت الكهرباء في الملعب، لتُستأنَف المباراة بعد 18 دقيقة. انتهز الأردنيّون وقت الراحة الذي سنح لهم، فعادوا إلى الملعب بطاقةٍ إضافية لينجحوا في الحفاظ على نظافة شباكهم وسَحب أوزبكستان إلى معركة ركلات ترجيح من 11 مترًا. فوّت أوديل أحمدوف ركلة الأوزبكيين الأولى، فيما سجّل الأردنيّون كل الركلات الأربع الأولى حتى يتمكنوا من الحسم في الركلة الخامسة، لكنّ هايل أخطأ الشباك نتيجة الإهمال.
فقط بعد 10 ضربات لكل فريق، وبعد مواصلة الأردنيّين التسجيل في مرمى زوخوروف، أتى الحسم. فإسمائيلوف تحديدًا، الذي سجّل هدف أوزبكستان، سدّد كرة ضعيفة، لتجد الحارس عامر شفيع في انتظارها، فتصدّى لها لتُحسم النتيجة بـ 9 مقابل 8 بركلات الترجيح، في الطريق للمرحلة القادمة الحاسمة حقًّا. سنتابع باهتمام شديد المباراتَين أمام الأوروغواي ونؤازر جيراننا. فرغم الغيرة، نحن مع الحلقة الأضعف…
شاهدوا التصدي لركلة الترجيح واحتفالات الأردنيّين