إلقاء ثلاثة خطابات خلال أقلّ من أسبوعين هو أمر ليس معتادا عندما يتعلق الأمر بالأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله. قبل أسبوعين، ظهرت شائعات عن مرض نصر الله الصعب مما جعلته يتحدّث للكاميرات من أجل دحضها. في الأسبوع الماضي كان “يوم الأسير”، لذلك تحدّث نصر الله بمناسبته إلى الشعب في لبنان، وكان أمس خطاب ذكرى يوم انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان.
تحدّث نصر الله أمس إلى أنصاره، عميقًا من داخل ملجئه. بخلاف التوقّعات، لم يهتمّ جوهر خطاب نصر الله، كما يكون عادة في مثل هذا الوقت، بـ “العدو الصهيوني”، ولم يتضمّن تهديدات واضحة ضدّ مواطني إسرائيل، ولكن ذُكر الموضوع بشكل هامشي نسبيًّا.
بدلا من ذلك، فقد اهتمّ جزء كبير من خطاب نصر الله، مجدّدا، بالحرب التي لا تزال مستعرة في سوريا، والتي يشارك فيها حزب الله حتى أعلى رأسه، وأكثر من ذلك بالفقاعات الأخيرة في المعارك الجارية في منطقة القلمون.
دعا نصر الله اللبنانيين للتجنّد من أجل الغاية المهمّة في سوريا، وأشار إلى أن “داعش يتنقل من مدينة إلى أخرى ومن سوريا إلى العراق بمرأى من الولايات المتحدة الأمريكية، والمراهنة على أمريكا لن تعيد الموصل ولا الرمادي”. وقد حذّر أيضًا بأنّ “جبهة النصرة” هي كداعش إلا أنها فصيل شامي، ويعمل تحت مسمى جديد هو “جيش الفتح”، وجيش الفتح هو النصرة أي القاعدة”.
وبخصوص إسرائيل، قال نصر الله إنّ تنظيمه لن يغادر هذه الجبهة، وإنّهم “في ذروة الاستعداد”.
ومع ذلك، كما بدا ذلك من مشاهدة خطاباته الأخيرة، فإنّ نصر الله قلق جدّا من الحالة التي وصل إليها تنظيمه في سوريا، على الرغم من الانتصارات الأخيرة المنسوبة إليه في القلمون. ويقول مسؤولون إسرائيليون كبار أيضًا ممّن يتعقّبون نشاطه إنّ خطاباته الثلاثة الأخيرة “تظهر التواترات التي لم يُعرف مثلها منذ بداية الحرب في سوريا قبل أربع سنوات”، كما نُشر صباح اليوم في صحيفة “يديعوت أحرونوت”. ورغم أنّ نصر الله قد بقي كاريزماتيا، وخطب بشكل ممتاز كما هو معتاد، إلا أنّ لغة جسده وشيئا ما في مظهره يشهدان على الضغوط والتوترات الكبيرة التي يعاني منها.
ويبدو أنّ إسرائيل تحديدًا راضية عن هذه الحالة، والتي كما يبدو تضمن هدوءًا نسبيا في الحدود الشمالية، طالما أنّ حزب الله متورّط عميقًا داخل سوريا، ولكنها لا تكفّ عن تعقّب نشاطات نصر الله عن قرب، والذي يحرص في جميع الأحداث الأخيرة على الاختباء في ملجئه، ولا يظهر علنًا إطلاقا، سواء خوفًا من إسرائيل، أو خوفًا من الثوار السوريين.