تنتشر أنباء إعلامية في الأيام الأخيرة في وسائل الإعلام العربية، جاء فيها أن مقاتلي حزب الله يحاولون في الفترة الأخيرة تجنيد “جيش نساء” خاص لصالحهم، لتأمين “أهداف داخلية”، كما يسميها التنظيم الشيعي.
الهدف: تأمين وحماية مواقع حزب الله في لبنان من “الجواسيس” والإرهابيين السنيين مثل داعش وفصائل عبد الله عزام، الذين يمكنهم أن يضروا بأهداف استراتيجية لحزب الله في جنوب لبنان، على خلفية الحرب في سوريا والعراق. يجدر الذكر أن مجمّع المجنّدات الجديدات يرتكز على أقرباء مقاتلي حزب الله.
يقدّر بعض المحللين العسكريين أنه إذا كان التنظيم الشيعي يجنّد لخدمته نساء ورجالا صغار العمر، فتيانًا، هذا يعني أنه في أزمة تجنيد حقيقية ويخشى من تنفيذ عمليات تفجيرية كبيرة، تخططها المليشيات السنية.
عمليًّا، ليست هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها حزب الله دمج النساء الشيعيات داخل التنظيم رغم ما يبدو من مساواة بين الجنسين فإن الواقع يُثبت أمرًا آخر.
“الأمر المهم هو التركيز على التأثير، فتؤثر الأخوات (أي النساء) على المجتمع والبيئة”، هكذا عرف نصر الله في جملة واحدة معنى مساهمة النساء الشيعيات داخل التنظيم سواء العسكري أو السياسي.
تحظى نساء التنظيم بتقدير كبير في أوساط القيادة وهن منخرطات في فروعه، لكن تُظهر نظرة أعمق فجوة بين الطموح والوعود المتقدمة نسبيًّا وبين الواقع على أرضه. بصرف النظر عن الإيحاء بالانفتاح، فمن الواضح للعيان أن مرتبة المرأة الشيعية في أوساط متخذي القرار بعيدة عن تلك التي لدى النساء الأُخريات في العالم العربي.
تتبع نساء حزب الله لأقسام التنظيم المسمّاة “جهات نسائية” ومن ضمنها الفرع الثقافي والتربوي، الفرع الاجتماعي والعلاقات العامة وفروع الاتصال. يمنح توزيع الجهات سيطرة نسائية في السلطة. ففي المجال العسكري، يحظى الرجال باحتكار مطلق تقريبًا وفعالية النساء معرفة “كشراكة في مصنع المقاومة”. وظيفتهن هو العمل كأمهات، أخوات ونساء، تحضير المقاتلين للمعارك وعلاجهم أو علاج عائلاتهم في حالات الإصابة أو الموت.
كما هو معروف، عملت النساء في التنظيم سابقًا في ساحات معارك وتلخص عملها بتعقب حركات العدو ونقل السلاح والمعلومات. لا ينحصر عمل المرأة فقط في دعم المقاتلين، وقد عانيّن أيضًا من الاعتقال وحتى التعذيب.
ما زال المجال السياسي في حزب الله في النطاق الرمادي. عندما أعلن التنظيم في بداية طريقه سنة 1985 عن ميثاقه السياسي، لم يتطرق أبدًا إلى حقوق المرأة السياسية. تكرر الأمر سنة 2009 أيضًا، لكن في حالات كهذه أصبحت الحاجة ماسة لتقوية وظيفة المرأة. منذ عام 1996، تصاعدت فكرة وضع النساء من التنظيم كمرشحات للانتخابات البرلمانية، لكن في نهاية المطاف لم تبصر النور.
لقد شكل عام 2004 تحولا ما لنساء حزب الله. في اللجنة التي أنشأها التنظيم، طُرحت توصية لزيادة مشاركة المرأة في المجال السياسي بواسطة التمثيل النيابي في قسم من مجالس صُنع القرار. في السنوات الأخيرة، سُمح للنساء من التنظيم أن يترشحن في الانتخابات للسلطة المحلية في لبنان بل ونجح قسم منهن في ذلك.
سنة 2004، وقع حدث تاريخي حين عُينت ناشطة واسمها ريما فخري كنائبة أولى في المجلس السياسي للتنظيم، الذي ضم في أروقته 17 رجلا. يستمر التاريخ النسائي بشخصية عفاف الحكيم، المسؤولة عن الوحدة المركزية لتنظيم النساء في حزب الله، التي نالت حق المشاركة فعليًّا في نقاشات المجلس التنفيذي- أحد هيئات اتخاذ القرار في التنظيم.
طبعًا، ما زال الطريق للقمة لنساء حزب الله طويلا. عندما طُلب من ريما فخري بنفسها أن تجيب لماذا ما زالت النساء لا تتحملن قسطا من العمل البرلماني أو الحكومي، أوضحت أنه “ليس هناك اعتراض عملي أو تنظيمي أن تكون المرأة نائبة برلمان أو وزيرة. هنالك مجالس كثيرة تشارك فيها نساء. أما عن الأسباب لماذا لا تتواجد نساءَ في البرلمان، فإن الأمر يتعلق بظروف معينة. لكن بصرف النظر عن دخول نساء حزب الله بالبرلمان، ما يعنينا هو التمحور في التأثير، والأخوات يتركن أثرهن في المجتمع والبيئة”.