إن كنتم تعتقدون أن أشعار نزار قباني في مديح نهدي المرأة وجمالها جريئة، فكتاب “يقظات” (AWAKEN) الإسرائيلي أجرأ بكثير. هو ليس كتاب مديح لجمال المرأة، دُوّن بقلم رجل، إنما وثيقة نسائية دونت بقلم نساء قررن “تمزيق الملابس” عن تجربتهن الجنسية، والخوض في عالم الشهوة الجنسية المسكوت عنه في مجتمعنا الذكوري. وكما تقول الكاتبة، تمار مور سيلع، “الكتاب يجمع أصوات نساء قررن الاحتفال بالرغبة الجنسية الخاصة بهن، وبالنار المتقدة في داخلهن”.
يضم الكتاب الذي يتصدر هذه الأيام قائمة الكتب الأكثر مبيعا في إسرائيل، 23 قصة قصيرة، جمعتها مور سيلع على مدار سنوات من محادثات مع نساء تحدثن معها في موضوع واحد وهو الجنس على مراحله وتقلباته، والصراع بين شهوات الجسد، المكبوتة عادة، والدور الاجتماعي للمرأة كأم وزوجة. إنه كتاب يبدأ في الجسد، فيخرج منه إلى الزواج والأمومة والخيانة والإخلاص، ويكشف على نحو أصيل كيف يبدو العالم الجنسي للمرأة من “مصدر أول”.
فجنسانية المرأة حسب الكاتبة لا تقتصر على ممارسة الجنس، إنما معرفة ما يرضي المرأة وما يجعلها إنسانة سيعدة. “هي الانسجام بين أنت الحقيقية وأنت التي تعيش في العالم” كما تكتب مور سيلع. يراكم الكتاب تجارب نسائية عديدة، منها المؤلم، ومنها المضحك، ومنها المفيد، وجميعها تكشف هذا العالم الذي يخص النساء، لكن تجدر معرفته من قبل الرجال، فهو مدخل لعالم غامض وسحري.
إليكم نظرة إلى ما روته النساء في الكتاب بترجمة “حرّة”:
آلام التجربة الأولى
كاتي، 45 عاما، أم ل3 أطفال تروي عن تجربتها الجنسية الأولى حين كانت تبلغ 17 عامًا: “المرة الاولى كانت مؤلمة جدا. الألم كان مثل تشقق زجاجي. مثل تمزيق شيء رقيق وجامد. لقد علمت مسبقا أن هذا ممكن، وأن هنالك احتمالا لظهور دم، لكن الشاب الذي نمت معه أصيب بالذعر لمشهد الدم. لم يتحمل الفكرة أنه يسبب لي الألم.. لقد كان تمزيق الغشاء العذري بالنسبة لي انتقال إلى عالم آخر. رفعت راية الوضع الجديد الذي أنا فيه بفخر”.
وتتابع “بلغت من العمر 26 عاما، ولم أحقق ذورة النشوة الجنسية. كان هذا الأمر يشغلني جدا. حاولت وبحثت في الموضوع لوحدي ومع آخرين، داعبت نفسي بطرق مختلفة وغربية واشتريت كتبا عن الجنس. أردت أن أعرف ما هي النشوة الجنسية (أورغازم) التي يتحدث عنها الجميع، وكيف أن الجميع يشعر بها إلا أنا”. وتقول كاتي إنها اكتشفت لاحقا في حياتها أن هنالك نشوتين، واحدة عبر البظر، تكون غير عميقة ومرتبطة بالجسد، ونشوة أكثر عمقا وترتبط بالشريك الجنسي، وهي نشوة المهبل.
الجنس ذنب
عاليزا، 65 عاما، أم ل4 وجدة ل10، نشأت في بيت محافظ وعالمها الجنسي ارتبط بالمفاهيم التقليدية التي شدّدت عليها أمها منذ الصغر إلى اليوم. تكتب عاليزا أن والدتها كانت تسألها دائما بعد أن بدأت الدورة الشهرية عندها وهي طفلة هذا السؤال: “على ماذا يجب أن نحافظ؟”، وكانت عاليزا بدورها تشير إلى عضوها التناسلي وتقول “على هذا”، دون أن تفهم ماذا تعني أمها ولماذا يجب الحفاظ على هذه المنطقة”.
وتتابع عاليزا أن موضوع الجنس بالنسبة لها ارتبط دائما بمفهوم الذنب والممنوع. ففي فترة الخطوبة كانت تسمع من أمها نفس التحذيرات “يا ويلك إن أقدمت على تلك الخطوة.. لو تزوجت ولم أجد الدم. يا ويلك!”.
“بعد أن تزوجت لم أسمح لزوجي أن يقترب مني لمدة 3 أشهر. أمي بعثت شقيقاتي إليّ لكي يستفسرن عن أحوالي فقلت لهن أننا لم نفعل شيئا بعد.. فغضبت أمي وقالت “يجب عليك أن تمارسي الجنس معه وإلا سيتركك”. لكن الأمور لم تتقدم بيننا لأنني لم أرغب في أن يقترب مني”.
وتواصل “عندها دخل أبي إلى الصورة ودعا زوجي شلومو إلى حديث صريح وأرشده كيف عليه أن يتصرف لأن زوجي جاء من بيت متدين وكان جاهلا في ما يخص المرأة وعالمها الجنسي. وشرح له والدي أن عليه أن يشتري ورودا، وأن يطبخ وجبة رومانسية، وأن يقبل المرأة بلطف وأن يحضنها قبل الجماع.. وهكذا فعل زوجي وكان الجنس رائعا تلك الليلة”.
أنشطة جنسية غير تقليدية
يعارا، 53 عاما، أم لثلاثة أطفال: “عندما انكشفت لعالم الBDSM (أنشطة جنسية قائمة على الاستمتاع بالسيطرة)، علمت أن براعم المتعة موجدة هناك. فجأة فهمت أن العلاقات الجنسية التقليدية لا توقظني”. وتكتب يعارا عن واحدة من تجاربها الجنسية في هذا العالم الذي قررت خوضه في أعقاب طلاقها “في لحظة ما أمرني السيد أن أنام على ركبتيه، وبدأ يضربني على مؤخرتي، شعرت بألم الضربات لكن ذلك كان ممتعا.. إنها لعبة الألم والمتعة، إلا أن ذلك لا يقتصر على هذين القطبين. هنالك أيضا الإعجاب الذي تحظين به من شخص يهتم بك جدا”. وتكتب يعارا أنها بعد أن تركت هذا العالم لكي تجد علاقة طبيعبة، أصحبت تشعر بالإحباط، لأنها كانت تدرك دائما أن هنالك عالما واسعا من المتعة كانت لا تطرق بابه. وتنهي قصتها القصيرة بالقول “العلاقات الجنسية بالنسبة لي اليوم تتلخص بالعادة السرية، كما كانت الحال حين كنت ابنة 14 عامًا. أمتع نفسي بنفسي”.
موت الشهوة الجنسية
إستي، 51 عاما، تروي عن تجربتها الجنسية بعد أن تعرضت وهي في ال14 للاغتصاب: “لقد تجولت في العالم لسنوات طويلة وأنا جنسانية جدا وخائفة جدا. لم أسمح لكثير ممن مارست معهم الجنس أن يلمسونني في مناطق معينة في جسدي. أشياء كثيرة كانت تعيد لعقلي ومضات الاغتصاب.. حين كان الجنس يتخذ منحى عنيفا كنت أدخل إلى ضائقة. لسنوات عديدة كنت أطلب أن أكون المبادرة والمسيطرة في الجنس”.
وتتابع إستي أنها “تعافت” من هذه الحالة الجنسية بعد أن تجاوزت ال50، فأصحبت تسمح لنفسها أن تسلم نفسها لشريكها وتتمتع أكثر في ممارسة الجنس.
نيتع، 46 عاما، تتحدث عن التجربة الجنسية في مرحلة الأمومة وتقول: “بعد أن أصحبت أمّا، توقفت عن أن أكون مخلوقا جنسيا. لم أعد احتمل الفكرة. كيف يمكن ذلك؟ إنني أرضع، إنني الأم تريزا (راهبة). إنني مقدسة. لن أقبل أن يضاجعني أحد.. كنت أنام مع زوجي حين لم يبقَ مفر لكي أحافظ على السلام في البيت”.
وتتابع “حدثتني صديقتي مرة أن أمها كانت تقول لها: “في الزواج يجب عليك أحيانا أن تستلقي على ظهرك وتفتحي رجليك وأن تنتظري حتى ينتهي الأمر”. لقد كانت تشعر بالغضب حين تسمع هذا الكلام من أمها. لكنني وجدت نفسي في نفس الوضع الذي وصفته أمها”. وتتابع “إنه أمر صعب أن ننظر إلى الحقيقة مباشرة وهي أن الحياة الزوجية الطويلة تقتل الجنس”.
دانا، 45 عاما، تقول “جسدنا خُلق لكي يكون جنسيا. ليس لكي يركض ماراثون. لقد خلق ليتحرر من نفسه بواسطة الجنس – هذا الشيء العظيم المحرر – وليس لأن يكون عقلا فقط. إنه شيء روحاني. الامرأة لا تستطيع أن تكون سعيدة من الأطفال فقط. يجب أن يكون لديها عشيق. إنها بحاجة لشخص يلمس جسدها ويواسيه ويحرره”.
وتقول “المرأة حين تبلغ عمر ال40 تكتشف أن الوقت حان ل “الأوديسة” الجنسية الخاصة بها. وعندها تقوم بسحق كل ما يقف في طريقها. إنها لا تستطيع التخلي عن ذلك الشيء. هذا إن كانت المرأة تؤمن أن السعادة لا تكمل دون الجسد”.