التوتر في العلاقات التركية المصرية وصل في الآونة الأخيرة إلى مستوى غير مسبوق في حدته. فقد اتهمت أوساط أمنية مصرية تركيا، بمحاولة العبث في أمن مصر عبر تمويلها لنشاطات بعض المجموعات الجهادية الفاعلة على الأراضي المصرية، وتحديدا في شبه جزيرة سيناء.
وأكدت مصادر دبلوماسية مصرية أنه وبعد اعتقال عدد من الجهاديين خلال عمليات الجيش المصري في سيناء، اعترف هؤلاء أنهم تلقوا أموالا وتدريبات من المخابرات التركية. بحسب المصادر المصرية المخابرات التركية لجأت إلى التعامل وإلى دعم هذه المجموعات الجهادية بعد رفض التيار المركزي في حركة الإخوان المسلمين إعادة انشاء جناح عسكري خاص به.
وتقول المصادر إن بعض نشطاء الإخوان على علاقة بهذه الأنشطة التركية وبهذه المجموعات الجهادية لكنه لا توجد علاقة تنظيمية واضحة بين من تم اعتقالهم وبين تنظيم الإخوان.
وقد أكدت المصادر المصرية أنه وخلال العمليات التي قام بها الجيش والقوات الأمنية في سيناء، أنه تم ضبط ضابطي مخابرات أتراك خلال هذه الحملة. حتى الآن لم يعلن الجيش المصري رسميا اعتقال رعايا أتراك وما هي طبيعة العمل الذي كانوا يقومون به، لكن الجانب المصري يؤكد أنه سيتم نشر كافة التفاصيل المتعلقة بعمل هذه الخلية التركية بعد الانتهاء من كافة الإجراءات والتحقيقات وأن الجانب المصري ينوي طرح هذا الموضوع مع بعض الدول العربية والغربية للتأكيد على الدور السلبي الذي تقوم به تركيا في مصر بحسب هذه المصادر.
واتهمت الحكومة المصرية تركيا، منذ اللحظة الأولى للإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، بأنها تدعم سياسيا وماليا وإعلاميا، جماعة الإخوان المسلمين، وأنها تسمح لبعض قيادات الإخوان قيادة حملات التحريض ضد نظام الرئيس السيسي وقيادة عمل الإخوان من خلال الأراضي التركية، لكن هذه هي المرة الأولى التي تشير فيها جهات مصرية وبشكل واضح إلى تورط تركيا في دوامة العنف التي تعصف في مصر في الأشهر الأخيرة وتحديدا في سيناء.
خطورة الاتهامات المصرية أنها تأتي في فترة تحاول الحكومة التركية إبعاد نفسها عن تنظيم الدولة الإسلامية، وترفض كل التهم الموجهة لها من قبل أطراف إقليمية ودولية وخاصة من قبل أحزاب معارضة تركية في هذا الصدد.
وإذا قام الجانب المصري بنشر أسماء وعرض ضباط أتراك اعتقلوا على الأراضي المصرية فإن هذا الأمر سيشكل إحراجا كبيرا للرئيس التركي، وسيؤكد ادعاءات سوريا والعراق وقوى تركية معارضة من أن تركيا ساهمت بشكل كبير في تطور تنظيم الدولة الإسلامية ونموه، حتى وصل التنظيم ليصبح بهذا الحجم الذي يستطيع أن ينشط في عدة دول عربية شرق أوسطية وشمال إفريقية ويهدد عدد من الدول الغربية.
ليس سرا أن مصر السيسي لا تشاطر حليفتها السعودية فيما يتعلق بالأزمة السورية، كما وأن مصر ليست جزءا من حالة العداء بين بعض الدول العربية بقيادة السعودية وبين إيران وأن هناك اتصالات مصرية إيرانية لتحسين العلاقات الثنائية، وقد توجت هذه الاستقلالية المصرية باستضافة وفد حزب المؤتمر اليمني بزعامة علي عبدالله صالح عدو السعودية وحليف الحوثيين، وهي إشارة واضحة من مصر أنها لا تتفق مع السعودية وسياستها التي تقضي بالتعاون مع كل من يعادي إيران والنظام السوري وأن مصر تعتقد بأن السياسة السعودية وخاصة الدعم المقدم من تركيا لبعض هذه التنظيمات يشكل خطر كبير على أمن المنطقة. هذا يعني أن المرحلة المقبلة قد تُفرز تحالفات جديدة في المنطقة من شأنها خلط أوراق الربيع العربي من جديد.