لا يستطيع نتنياهو، كما يقول مقرّبوه، أن ينتظر حتى ينهي بيريس ولايته. ولحسن حظه فإن الموعد قريب: وسيحلّ في تموز من هذا العام، ولكن هناك شك إن كان انتهاء المنصب الرسمي لمن اعتبر أحد أشهر الرؤساء الذين عرفتهم إسرائيل، من شأنه أن يشكل مؤشرًا لانتهاء طريقه السياسي. لا يخطط بيريس، كما يقول مقربوه، إلى الخروج للتقاعد.
ففي السنوات الأخيرة، وربما يكون ذلك غريبًا، كانت العلاقة بين الاثنين جيدة، على الرغم من الخلافات السياسية العميقة بينهما: نتنياهو هو زعيم اليمين منذ سنوات طويلة، وأما بيريس فهو زعيم معسكر السلام. ترك بيريس رئيس الحكومة ليقود العمليات السياسية وركّز، على الأقل على ما يبدو، على جوانب المنصب التمثيلية والرمزية (في إسرائيل، هناك وظيفة رمزية فقط لرئيس الدولة بينما يدير رئيس الحكومة أمور الدولة).
لقد شارك نتنياهو بيريس في الاستشارات، واستعان به عند الحاجة إلى شرح الموقف الإسرائيلي أمام العالم، بل وقد اعتاد نتنياهو وزوجته سارة على دعوة الرئيس إلى وجبة العشاء المشتركة.
ولكن في الأشهر الأخيرة، قبل الخروج إلى التقاعد، كانت هناك سلسلة من الحوادث التي تسببت بتوتر كبير بينهما. وقد يزعم بعضهم أن جذور القضية تعود إلى محاولة رئيس الحكومة إشعال قضية نفقات الرئيس المبالغ بها، وذلك من خلال محاولته تشجيع الصحفيين على الاشتغال بنفقات بيت الرئيس.
وهناك حساسية أخرى على خلفية جنازة نيلسون مانديلا، حين أعلن نتنياهو بأنه لن يشارك فيها، بسبب النفقات الكبيرة، ونسي أن يخبر بيريس بأن عليه أن يذهب مكانه. وقد بلغت تلك الحساسية ذروتها حين لم يتلق بيريس دعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للمفاعل النووية في ديمونا، والذي كان مؤسسها. وقدّر محللون سياسيون إسرائيليون أن بصمات نتنياهو لا تخفى عن الأمر.
وربما يعود السبب الحقيقي للتوتر إلى خطط بيريس لليوم الذي يلي اعتزاله من منصب رئيس الدولة، يبدو أنه لم يكن يقصد الترشح لمنصب رئيس الحكومة، بسبب سنّه المتقدم، ولكنه كان يقصد أن يتحوّل إلى ناشط كبير في قضية السلام مع الفلسطينيين وأن يحاول استخدام نفوذه للتأثير على المنظومة السياسية في القضية. ويمكن فقط أن نتوقع، أن نتنياهو لا يرغب في ذلك.