بدأ نتنياهو يشن حربا بينما يتعرض مقربوه للتحقيق أو الاعتقال وتقف وسائل الإعلام ضده
لا يذكر كبار الصحافيين الإسرائيليين أحداث كهذه: ففي منتصف الليل، ودون “ترويج” أو إشعار مسبق، أجرى رئيس الحكومة الإسرائيلية، مقابلة مع مراسل القناة 20، وهي قناة تلفزيونية متماهية مع اليمين ومع نتنياهو، وتصل نسبة مشاهدتها إلى نحو 1.5%.
“قررت أن يسمع الجمهور أقوالي…وأريد توضيح بعض الأمور. ولكن أحتاج إلى منصة للتحدث فيها”، أوضح نتنياهو قرار اختياره هذه القناة تحديدًا.
وهاجم نتنياهو كعادته وسائل الإعلام الإسرائيلية متهما إياها بمنح معاملة ودية أكثر لأبو مازن مقارنة به. وفق ادعائه، فإن سلسلة الأحداث المعقّدة التي يمر بها المقربون منه تشكل “عائقا مركزيا في العودة إلى خطوط 67”.

إن الضغط الذي يتعرض له نتنياهو معروف. فقد كان من المتوقع أن يجري اليوم زيارة رسمية إلى فرنسا ولكن تم إرجاؤها حتى عشية يوم السبت بسبب الأزمة. دعا نتنياهو أعضاء الكنيست المقربون منه إلى مكتبه حيث وجه إليهم تعليماته ونقل رسائل شبيهة إلى وسائل الإعلام.
ما الذي يؤرق نتنياهو؟
السبب هو أن المقرّبون منه، وأمناء سره منذ سنوات، يتعرضون للتحقيق أو الاعتقال المنزلي. أولا، يدور الحديث عن محاميه وقريب عائلته، دافيد شمرون، المتهم بقضية الغواصات (القضية ذات الصلة بالغواصات التي أصر نتنياهو على شرائها من ألمانيا، خلافا لرأي المنظومة الأمنية الإسرائيلية). كذلك، هناك مقرّب آخر من نتنياهو وهو مدير عامّ وزارة الاتّصالات، شلومو فيلبر، الذي اعتُقِل بسبب قضية أخرى ذات صلة برشاوى حصلت عليها شركة “بيزك” للاتّصالات الكبيرة في إسرائيل والتي يرأسها مقرّب منه.

ويُجرى تحقيقان أيضا: تحقيق بشأن قضية الهدايا التي حصل عليها نتنياهو بطريقة غير قانونية، مثل السجائر والشامبانيا، وتحقيق آخر بسبب علاقته مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” الأكثر تأثيرا في إسرائيل.
وقال وزير الأمن السابق، يعلون أمس إن “نتنياهو فاسد” وهناك شعور عام أنه إذا كانت وسائل الإعلام تلاحق نتنياهو فهذا يعني وفق رأي المثل “لا دخان من دون نار”، ويشهد عدد التحقيقات والقضايا على مشكلة صعبة في قيادة الدولة.
يمكن أن نضيف إلى كل ذلك التغييرات الأخيرة التي طرأت على المنظومة الإسرائيلية بعد انتخاب آفي جباي لرئاسة حزب العمل والشعور السائد في اليسار الإسرائيلي أن هناك بديلا لنتنياهو.

وفق ادعاء نتنياهو، الوضع الإسرائيلي ممتاز، عسكريا، اقتصاديا ودوليا، كما يتضح من زيارة رئيس حكومة الهند إلى إسرائيل مؤخرا. وفق ادعاءات اليسار الإسرائيلي، فإن نتنياهو لا ينجح في السيطرة على الحكم في الانتخابات، لذا بدأ يمارس ضغطا على الجهاز القضائي وعلى الصحافة للعمل ضده، لإسقاط حكمه ديمقراطيا.
تشير عناوين الصُّحف إلى “تضييق الخناق” حول نتنياهو. سنعرف في الأسابيع القادمة إذا كان هذا تصريح في وقت باكر.