سنحفظ كلنا، كما يبدو، الاسم التالي على مدى السنوات الأربع القادمة: جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الذي عُيّن رسميّا كبير مستشاري الرئيس المنتخب. ويقول مقرّبو ترامب إنّ ترامب يعتبر منذ زمن، كوشنر أحد الأشخاص الأكثر تأثيرا فيه.
قد يضللنا مظهر كوشنر الشاب، الذي احتفل هذه السنة بعيد ميلاده السادس والثلاثين. هناك إجماع في أوساط مسؤولين ملمّين بما يحدث في الدائرة الداخلية للرئيس المنتخب على كون كوشنر أحد الشخصيات الأقوى فيها – ربما الأقوى على الإطلاق، إلى جانب زوجته والابنة المفضّلة لدى ترامب، إيفانكا.
قدّم كوشنر، وهو يهودي متديّن، الكثير لحماه خلال حملة الانتخابات الرئاسية. يظهر تأثيره في عدة قرارات مهمة اتخذها ترامب خلال الحملة: فقد دفع كوشنر قدما تعيين مايك بنس، الذي كان سابقا حاكما لولاية إنديانا، نائبا للرئيس، وهو التعيين الذي هدّأ من مخاوف المؤسسة الجمهورية من ترامب؛ وكتب خطاب حماه الشهير في مؤتمر أيباك في آذار العام الماضي، وكذلك الخطاب الذي وضع حدّا للشكوك بخصوص دعم ترامب لإسرائيل؛ وقد تسبب كوشنر – وفقا للإشاعات – في تسريح كريس كريستي، حاكم نيوجيرسي، من رئاسة الفريق الذي اختار مرشّحين لمناصب كبرى في إدارة ترامب. السبب، وفقا للشائعات – الانتقام من كريستي، الذي قدّم عندما كان مدّعيا عاما فدراليا في نيوجيرسي ادعاءً ضدّ والد كوشنر بتهمة جرائم مالية؛ أدين الوالد بموجبه وسُجن.
كوشنر هو كما ذكرنا ابن لأسرة يهودية عريقة ومعروفة، تملك شركة عقارات كبيرة جدا مقرها في نيويورك. والداه، بالمناسبة، معروفان بعلاقاتهما بالحزب الديمقراطي تحديدا، بل وكانا في الماضي نشيطين فيه. في أعقاب تورّط والده الجنائي، أدار جاريد الشركة في السنوات الأخيرة.
ليس واضحا دور كوشنر في البيت الأبيض، ولكن كما يبدو أنه سيكون مشاركا في موضوعات تتعلق بالشرق الأوسط، بما في ذلك العلاقات مع إسرائيل (يبدو أنه سيكون جهة الاتصال بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وبين السفير رون ديرمر في البيت الأبيض)، الاتفاقات الدولية والمتابعة الحثيثة لأداء المكاتب الحكومية الرئيسية. ويخطط كوشنر للعمل بشكل وثيق مع وزير التجارة القادم في قضايا التجارة الحرة والمعاهدات متعددة الجنسيات، وهي موضوعات يحبها ترامب.
تدل حقيقة أنّ ترامب أمر بأن يتم تسليم كل القضايا المتعلقة بالشؤون الخارجية إلى كوشنر حتى أدائه يمين الولاء في 20 كانون الثاني، على الأهمية التي يوليها لصهره، رغم أنّ كوشنر يفتقد أية تجربة في هذا المجال.
سيرة ذاتية مثيرة للإعجاب
درس كوشنر تعليمه اليهودي في ثانوية يهودية، وأنهاه عام 1999. بعد ذلك التحق بالدراسة في جامعة هارفارد. وحصل على اللقب الثاني، في إدارة الأعمال، في جامعة NYU المرموقة.
في عام 2006، عندما كان لا يزال في الخامسة والعشرين، فاجأ كوشنر الشاب عالم الأعمال الأمريكي عندما اشترى صحيفة “New York Observer” بعشرة ملايين دولار، وما زال مالكها. بعد عام من ذلك اشترى الشركة التي يديرها، مبنى مكاتب فخم في الجادة الخامسة في نيويورك بمبلغ خيالي بلغ 1.8 مليار دولار – وهي الصفقة العقارية الأبهظ ثمنا في الولايات المتحدة في ذلك الوقت.
عام 2009 تزوّج كوشنر إيفانكا ترامب – ليس قبل أن يتأكّد من كونها قد أتمّت إجراءات اعتناق اليهودية. يحرص جاريد وإيفانكا على زيارة الكنيس والحفاظ على قدسية يوم السبت. لدى الزوجين ثلاثة أطفال، وتُكثر إيفانكا (اسمها اليهودي – ياعيل) من التقاط الصور معهم ونشرها في صفحتها على إنستاجرام.
https://www.youtube.com/watch?v=bHmINZRwiZU
وقد حظي انتقالهما المتوقع إلى واشنطن، عقب عمل جاريد الجديد في البيت الأبيض، بتغطية كثيفة. اشترى الزوجان المتألّقان منزلا في حيّ فخم بمبلغ 5 ملايين دولار، ولكن تركّز معظم اهتمامهما في بحثهما عن كنيس يمكنهما فيه الصلاة في العاصمة الأمريكية.
سيكون تعيين كوشنر مستشارا كبيرا لترامب المرة الأولى التي يعمل في هذا المنصب المهم أحد أفراد أسرة الرئيس. إنّ أعمال كوشنر الكثيرة تزيد من تعقيد الأمر حيث إنّها قد تنشئ تعارض مصالح مع شخص يقف في مركز مفترق اتخاذ القرارات الأهم في العالم. ومن أجل ذلك استأجر كوشنر مؤخرا مكتب محامين كبير في واشنطن، من شأنه أن يحلّ القضية القضائية التي نشأت.
هناك علامة سؤال كبيرة بخصوص تكيّف كوشنر مع الانتقال من عالم الأعمال إلى عالم الإدارة. إنّ حقيقة أن ترامب أيضا، رئيسه، قد وصل إلى المنصب وهو عديم الخبرة في المجال ومع ذلك اختار أن يحيط نفسه بأشخاص دون خبرة في الحكومة، تثير شكوك الكثيرين في أوساط المسؤولين في واشنطن.