30 عام على صياغة ميثاق حماس، تعتبر فترة طويلة. فعلى سبيل المثال، عندما كُتِب ميثاق حماس الحالي، كان رونالد ريغان رئيس الولايات المتحدة، سطع نجم ترامب على غلاف مجلة “نيوزويك” بصفته ملياردير نيويورك وصاحب “الآنا” البارز، لم تحدث الانتفاضة الأولى، وسيطر الرئيس الأسد على سوريا وساد الأمان. ليس الأسد الحالي، بل السابق.
تفهم حماس أنه قد طرأت تغييرات وأن سر الحركة، التي كافحت من أجل بقائها، يكمن في مرونتها السياسية وملاءمتها للظروف. في الأيام القريبة سيعرض رئيس حماس المنتهية ولايته، خالد مشعل، ميثاق الحركة الجديد، الذي يشكل إضافة إلى انتخابات القيادة الجديدة، “عملية تجميلية” لحماس. إليكم بعض الأمور التي يجدر بكم معرفتها:
تجدر الإشارة إلى التغييرات في حماس، لا سيّما عند مقارنتها بالجمود السياسي لدى خصمها التاريخيّ – حركة فتح. خلال أشهر قليلة، نجحت حماس في تغيير قادتها ونص مبادئها مجددا، رغبة منها في بدء العمل على علاقاتها مع العالَم العربي وتحسين صورتها. بالمُقابل، يسود ركود ونقص الطاقة في حركة فتح.
يمكن أن نصف الخطوة السياسية التي تحاول حماس اتخاذها – من جهة، إقامة علاقات سليمة مع إيران، ومن جهة أخرى مع السعودية وحليفاتها في العالم العربي – كمشجع كرة قد يحب منتخبي برشلونة وريال مدريد في آنٍ واحد. تبدو هذه الخطوة غير ممكنة، ولكن لا مناص أمام حماس سوى أن تحاول – فالجناح العسكري الخاص بها مرتبط بالحرس الثوري الإيراني ماديا، وأما الجناح السياسي فهو مرتبط بدول الخليج. يحاول كل طرف شد الحبل، وأحيانا ينجح أحد طرفيها على حساب الآخر، ولكن حماس ليست قادرة على التخلي عن أي منهما. لذلك، هي عازمة على عدم تكرار الأخطاء التي ارتكبتها عندما خرجت ضد بشار الأسد في سوريا، وأغضبت الإيرانيين، والبقاء حيادية والتركيز على القضية الفلسطينية.
يحتاج قطاع غزة إلى الهواء، إلى منفذ إلى العالم. المنفذ الوحيد المحتمل هو من جهة مصر، عبر معبر رفح. بهدف التخلص من الخناق من جهة السيسي، تعتزم حماس القيام بخطوة استثنائية والانفصال عن حركة الأم، الإخوان المسلمين. تجدر الإشارة إلى أن الحديث لا يدور عن انفصال أيدولوجي، بل عن التوضيح أن حماس حركة مستقلة لا تخضع للمرشد العام للإخوان المسلمين.
الفصل بين اليهود وإسرائيل – ميثاق حماس الأصلي معروف بأنه مرفوض لأنه مستند معاد للسامية بكل معنى الكلمة، وعنصري ضد اليهود. في عهد ترامب تحديدًا، عهد الصواب السياسي المنافق، هناك شعور في حماس أنه من المهم تعديل الصورة المعادية للسامية، لدوافع نفعية. هناك جهات في الحركة توضح أن إسرائيل تستخدم ميثاق حماس للإشارة إلى أن حماس حركة تدعم الجهاد ضد اليهود. بالمناسبة، سينشر نص الميثاق بالعربية والإنجليزية تجنبا للتحليلات المختلفة للنص بالعربية.
بالنسبة لحدود 67 – لا تعتزم حماس الاعتراف بإسرائيل، من بين أمور أخرى، فهي مستعدة للاعتراف بدولة فلسطين. أي، أنها توافق على دولة فلسطينية على حدود 67، وعاصمتها القدس، ولكن دون التنازل عن حلم تحرير فلسطين بأكملها. مَن يعتقد أن حماس تغيّر طريقها، تغييرا ملحوظا فهو مخطئ. يفهم المسؤولون في حماس أنهم يديرون في الواقع الخطوة الأقرب لإقامة دولة فلسطينية مستقلّة في غزة، وعليهم استخدام اللغة الدبلوماسية بشكل أنجع، في حال كانوا يرغبون في السيطرة على الضفة قريبا أيضا. في هذا السياق، تتبنى حماس تكتيكة عرفات – إطلاق تصريحات معتدلة (نسبيًّا) من دون التنازل عن النزاع المسلح، الذي يُدعى في العالم، الإرهاب الإسلامي. هل هناك من يقتنع بهذه التصريحات المعروفة؟ ربما. تعتقد حماس أنه من المجدي على الأقل أن تحاول.