لو قلتم لأحد ما، وحتى لو كان يهوديا، إنّ هناك جالية من الأفارقة اليهود في أوغندا، فمن المرجّح أنه سيظن أنكم تسخرون منه. ولكن الجالية اليهودية في أوغندا، والتي تسمي نفسها “ابايودايا” مثيرة للدهشة وموجودة فعلا في الواقع. يتحدث أفرادها اللغات الإفريقية المحلية، إضافة إلى الإنجليزية والقليل من العبرية، لديهم زعيم روحي بل وخلافات فقهية كما في كل جالية دينية، وكنيس واحد، أقاموه في قلب غابات إفريقيا الوسطى.
بدأ كل شيء بشكل مثير للدهشة، من قبل مبشّرين مسيحيين ومسلمين قدِموا إلى أوغندا للمرة الأولى عام 1860 وحاولوا تحويل دين الملك. كان سماي كاكونجولو (1928-1868) أحد معتنقي المسيحية وكان زعيما لإحدى الممالك التقليدية في أوغندا، والتي تدعى بوغندا، والذي وجد اليهودية بعد رحلة طويلة.
في البداية رحّب كاكونجولو بالغزاة البريطانيين. لقد قاتل من أجلهم، وانتصر في المعارك، واحتل من أجلهم أراض كثيرة وفي عام 1880 تنصّر بمساعدة مبشّرين مسيحيين. بعد أن انتهكوا وعدهم بمنحه السلطة على أجزاء البلاد التي غزاها، أهمل كاكونجولو القتال في خدمة البريطانيين وتخلّى عن دينهم. لقد توجه في رحلة خاصة، حيث كانت ذروتها، في عام 1913 عندما وصل إلى قبيلة تؤمن بالمزج بين المسيحية واليهودية. وحينها صادف الكتاب المقدس للمرة الأولى، وكان ذلك حبّا من النظرة الأولى.
ألّف كتابا للصلاة بلغته الإفريقية “لوغندا”، وأقام جالية من الأفارقة الذين تركوا في أعقابه المسيحية وانتقلوا للحياة وفقا لمبادئ اليهودية. بدأوا بالاحتفال بالأعياد اليهودية، تناول اللحوم الموافقة للشريعة اليهودية، تسمية الأطفال بأسماء من الكتاب المقدّس وارتداء القلنسوات، ولكن على مدى السنين لم تكن لهم أية علاقة مع الجاليات اليهودية الأخرى في أنحاء العالم.
بلغ تعداد الجالية في ذروتها ألفي شخص، ولكن بعد صعود الدكتاتور الشهير عيدي أمين، في السبعينيات، أجبِر معظمهم على اعتناق الإسلام. “دمّر جنوده كنيسنا، وألقي شيوخ الجالية في السجن، عُذّبوا وقُتلوا”، كما قال أحد أعضاء الجالية. نجي من تلك الأزمة 500 عضو فقط من الجالية وظلّوا يهودا.
ولكن عاد الكثير من هؤلاء الذين تركوا الجالية في فترة حكم عيدي أمين إلى حضنها بعد سقوطه وبدأت الجالية بالازدهار مجددا. والآن يرغبون بشكل أساسيّ في أن يعترف اليهود في أنحاء العالم بوجودهم، وأن يساعدوهم على توسيع المعرفة الدينية واللاهوتية الخاصة بهم. نجح اثنان من كبار الجالية في القدوم إلى إسرائيل عام 2012. يوضح أحدهم أنّه رغم توقه الكبير إلى العيش كيهودي في أرض إسرائيل، إلا أنه يعتقد أنّ ليس على اليهود فقط أن يعيشوا في الأراضي المقدّسة، وإنما عليهم أن “يدعوا بقية الأمم للانضمام”.