عَلِمَ بداية هذا الأسبوع موشيه أوحايون، لاعب الوسط الموهوب في نادي أنورثوسيس فاماغوستا، أنه اختير لاعب الشهر في كانون الثاني في الدوري القبرصيّ. لم يكُن الاختيارُ مفاجئًا، إثر الشهر الممتاز الذي مرّ به المحارِب الإسرائيلي. فقد سجّل ثلاثة أهداف، ساهم في اثنَين آخرَين، وكان عاملًا مركزيًّا في تحسين قدرات الفريق، الذي لم يخسَر بعدُ في عام 2014، ويحتلّ الآن المركز الخامس في ترتيب الدوري. يلعب إلى جانبه مهاجِمان إسرائيليان – عميت بن شوشان وروبرتو كولواتي – اللذَين نجحا في التسجيل، ولكن يُتوقَّع منهما الحفاظ على قدراتٍ عالية لوقتٍ طويل.
ولكن، لنعُد إلى أوحايون. اختير لاعب الوسط، ابن الثلاثين عامًا، من قِبل الصحفيين، وقال ردًّا على ذلك: “هذا مقابل للعمل الشاقّ وللثقة – برهنتُ أنّنا لا ننسى لعب كرة القدم”. قبل افتتاح الموسم، وبعدَ فترتَين قصيرتَين غير ناجحتَين في ليغيا وارسو البولندي ولوزيرن السويسريّ، ظنّ البعض أنه قد أنهى المسيرة. أدّى تعاقُب الإصابات القاسية والشكّ من صعوبة اندماجه في أسلوب اللعب السريع في قبرص، إلى تحوُّله إلى مقامرة. لكن بعد 18 مباراة هذا الموسم، تبدّدت المخاوف. فهو يوجِّه اللعب بحكمة، يستغلّ الثغرات لإرسال كراتٍ بارعة، كما نجح في تسجيل هدف الموسم في قبرص. مباشرةً في الهدف!
هدف كهذا لا يأتي كل شهر، ولا حتى كل موسم – نرفع القبّعة إجلالًا لموشيه أوحايون:
كما يمكن أن نرى في مقطع الفيديو، لم يتمكّن موشيه أوحايون من استيعاب الخطوة النادرة التي قامت بها قدماه بسهولة. تجمّع زملاؤه في الفريق حوله مُحتفِلين، لكنّه حاول أن يفهم كيف نجحت الكرة التي أرسلها في تجاوُز حارس الخصوم، برونو فالي، واستقرّت بدقةٍ أسفل الشباك. يمكن الافتراض أنه بعد المباراة، حين عاد إلى بيته، بدأ يتصفح الإنترنت بحثًا عن أهدافٍ مشابهة. أو بكلمات أخرى: أيّ نادٍ شرفيّ أصبح عضوًا فيه؟
نبدأ مع دافيد فيّا. دخل مهاجم أتليتيكو مدريد الشجاعُ القائمة عام 2006، حين كان في فالنسيا. فخلال مباراة في الدوري ضدّ ديبورتيفو لا كورونيا، وصلته الكرة على خطّ منتصف الملعب. تحرّر من اللاعب الذي يراقبه باستدارة في موضعه، رفع قدَمه اليمينيّ وأرسل كرة ذات قوسٍ عالية بشكل خاصّ، مرّت من فوق يدَي حارس الفريق الخصم. حاول الحارس خوسيه مولينا القفز عبثًا، لكنه أخفق في لمس الكرة، حتّى بأطراف أصابعه.
يوضح هذا الهدف لمَ يخشى حرّاس العالم إلى هذا الحدّ من قدم دافيد فيّا اليمنى:
http://www.youtube.com/watch?v=sNEavT-_u7k&feature=youtu.be
فيّا هو استثنائيّ في القائمة، لكونه مُهاجمًا. فغالبًا، يُسجِّل أهدافًا من هذا النوع لاعبو الوسط. هذه هي، على سبيل المثال، حالة دايفيد بيكهام. فلاعب الوسط الإنجليزي الأسطوري جدير بأن يُذكَر هنا بسبب هدفَين مختلفَين: الأوّل في شبابه، مع مانشستر يونايتد؛ والثاني، قُبيل نهاية مسيرته، مع لوس أنجلس غالاكسي. شكّل بيكهام، المعروف بقوّة تمريراته وبتسديداته الهائلة – سواءٌ من كرات حرّة أو خلال اللعب – خطرًا دائمًا في كلّ موضع على أرض الملعب. لكنّ هذا كلّه لم يكُن كافيًا أحيانًا. كما حدث في الوقت الإضافيّ من مباراة فريقه الأمريكي مع كانساس سيتي ويزاردز.
بيكهام يستغلّ خروج الحارس الخصم إلى هجمة – تسديدة قويّة عن 70 مترًا مباشرةً إلى الشِّباك:
http://www.youtube.com/watch?v=8hkACDd4KoQ&feature=youtu.be
على لائحة الشرف هذه، ثمّة ممثّل آخَر لإسرائيل. فعام 2004، كان أفيرام بروخيان، لاعب وسط بيتار القدس، لاعبًا شابًّا موهوبًا كان قد انتقل لتوّه من فريق الشباب في النادي. في إحدى أوائل مبارياته، ضدّ هبوعيل بئر السبع، وصلته كرة من أحد لاعبي الخصم، في منتصف الملعب تمامًا. تقدّم قليلًا، وبجرأة شبابيّة أطلق تسديدة هائلة، مع قوسٍ متوسّطة. حلّقت الكرة بشكلٍ متواصل، ولم تتوقّف عن الدوران إلّا بعد أن سكنت شباك موردي شفارتس.
أفيرام بروخيان يوضح لمَ نال في بداية مشواره لقب “الماسة”:
لكن مع كلّ التقدير للأهداف المذهلة في الوقت الإضافي أو في مباريات الدوري الاعتياديّة، سواء في إسرائيل أو في أوروبا، فإنّ مسك ختام هذه المقالة هو أهمّ هدف سُجّل عن بُعد مثير للعجب، إذا أخذنا في الاعتبار المكانة والتوقيت. ففي موسم 1994/1995، جرت المباراة النهائية لكأس الكؤوس الأوروبية، بين أرسنال الإنجليزي وسرقسطة الإسبانيّ. وبعد 90 دقيقة من التعادل بهدف لمثله، دخلت المباراة الوقت الإضافيّ.
في الدقيقة 119، حين كانت الصافرة تقترب من فم الحكم، وصلت كرة هوائيّة إلى نعيم، لاعب الوسط الأسطوري للنادي الأندلسي. بلمسةٍ واحدة، تاريخية حقًّا، دفع الكرة إلى الطيران في الجوّ نحو المرمى، عن بُعد نحو 50 مترًا. لم يتمكّن دايفيد سيمان، حارس أرسنال المعروف بقدراته الرياضية العالية وبوصوله إلى جميع الكرات، من فعل أيّ شيء. فقد حاول القفز وصدّ الكرة، لكن دون جدوى. فاز ريال سرقسطة بالمباراة، ودخل نعيم التاريخ من أوسع أبوابه، بهدفٍ يستمرّ في إثارة حماسك حتّى لو شاهدتَه مئات المرّات.
ذكريات جميلة – شاهدوا الهدف الرائع الذي جلب أول وآخر لقب أوروبي لسرقسطة: