لم يعد ذلك سرا، أن مئات المقاتلين من الدولة الإسلامية هم ليسوا عربا مطلقا أو من أصل إسلامي. يصل عشرات آلاف المقاتلين كل عام من أجل الانضمام إلى حروب الجهاد الدموية في سوريا والعراق، تحت رعاية الخلافة الإسلامية.
المثير للاهتمام هو أن التنظيم يتفاخر في كونه يستخدم أدوات غربية تماما من أجل تجنيد مقاتليه من أوروبا، الولايات المتحدة ودول آسيا. ويتجند الجميع بهدف الجهاد، في دول ممزّقة.
إحدى الأدوات الأكثر غربية لتجنيد المؤيدين المتحمسين هي شبكة الإنترنت. تستخدم الدولة الإسلامية هذه الأداة لنشر أيديولوجيّتها تماما كما نشر الخميني أيديولوجيّته بواسطة أشرطة التسجيل، في وقت ما في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، ضدّ الشاه والغرب وتأييدا للثورة الإسلامية في إيران. كذلك، يجنّد التنظيم النشطاء لخدمته بواسطة الإنترنت عن طريق منصّات الفيس بوك والمحادثات الأخرى.
الهدف هو تجنيد الشباب المسلم، بشكل عام الجيل الثاني والثالث للشبان ذوي والدَين مسلمَين، المهاجرون إلى دول أوروبا والذين وصلوا إلى القارة، ولم يتمتّعوا بالديمقراطية الغربية ولم يندمجوا بالمجتمع.
يبحث عملاء الدولة الإسلامية عن هؤلاء الشباب، والذين بشكل عام أيضًا يتوبون ويمدحون الجهاد. الشبان الذين يبنون أحلاما في هذا الواقع، واقع القرب من الله وفرصة ذهبية “لامتلاك البطاقة الذهبية” باتجاه فريضة الجهاد في أراضي الدولة الإسلامية.
هذه الفرصة غالية جدا بالنسبة لأولئك الشباب الذين سئموا من حياة الفجور في المجتمع الغربي، وضاقوا ذرعا بالقمع، بصعوبات الاندماج لذلك يرحّبون بالدعم الذي يمنحهم إياه عملاء الدولة. يحدث كل هذا من بعيد، من خلال العالم الافتراضي، عن طريق الفيس بوك وتويتر وبعيدا قدر الإمكان عن أعين الأهل.
الحلم يتحقق: مرحلة بعد مرحلة
تبدأ العملية باتخاذ قرار ترك أوروبا مع حقيبة على الظهر باتجاه سوريا أو العراق بهدف القتال مع التنظيم. بعد اتخاذ القرار، ووفق التقارير الاستخباراتية، يبدأون بالتدرب جسديا، أحيانا، في معسكرات في أوروبا دون سلاح أو في معاهد اللياقة البدنية إلى جانب الأوروبيين.
بعد ذلك يتم الاتصال بينهم وبين التنظيم في سوريا بواسطة الإنترنت ويشقون طريقهم إلى تركيا، من خلال تهربهم من المراقبة. وهناك، يسافرون بالمواصلات العامة التي يصلون بواسطتها إلى الحدود السورية ومن ثم يتسللون بسهولة.
https://www.youtube.com/watch?v=tGy1o6Ql31o
ويلتقون على المعابر الحدودية بجهات تابعة للتنظيم والتي تأخذ منهم جميع جوازات سفرهم وهواتفهم النقالة وحينذاك يبدأون في سلسلة من التدريبات، والنشاطات ذات الصلة التي تستغرق أشهر ثم بعد ذلك يتحقق حلمهم. وخلال ذلك يتطلب منهم قتل مدنيين أبرياء من أجل فحص وحشيتهم ويقومون بذلك أمام الكاميرات.
ويسمون “كتائب المهاجرين”، ويتم تقسيمهم في أماكن السكن بحسب اللغة. وسوى مشاركتهم الفاعلة في القتال، في نهاية المطاف، يتم استخدامهم كسفراء من أجل تجنيد مقاتلين جدد من أوروبا.
الدول الكبرى لمصدّري الجهاد في أوروبا
يسافر المئات من مواطني بلجيكا إلى الأراضي السورية والعراقية من أجل الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية. في الواقع، بالنسبة لعدد سكانها، تصدّر بلجيكا من مقاتلي الجهاد أكثر من أية دولة أخرى في أوروبا.
وقد كشف عن هذه البيانات فريق باحثين من الأمم المتحدة، والذي يقدّر أنّ أكثر من 500 بلجيكي قد سافروا إلى الدولة الإسلامية بدءًا من العام 2010. سافر 207 منهم إلى سوريا، حيث إنّ 62 منهم لم يستطيعوا الدخول إليها، و 128 استطاعوا العودة إلى بيوتهم في بلجيكا و 77 قُتلوا في المعارك. وكشف الفريق أيضًا أنّ 46 مقاتلا كانوا ينتمون إلى Sharia4Belgium (نشطاء داعش في بلجيكا)، قد تم اعتقالهم ومحاكمتهم.
“تختلف ملفات تعريف المقاتلين الأجانب، مع معدّل أعمار 23 فما تحت”، كما أشارت إحدى الباحثات، “أيضًا عدد النساء اللواتي يغادرن آخذ في الازدياد”. ويوضح الباحثون أنّ الدوافع الأكثر شيوعا لأولئك الشباب للانضمام إلى التنظيم الإرهابي هي الشعور بالانتماء والقبول، المعتقدات الدينية والهروب من ماض إجرامي.
وتتراوح المبالغ التي يدفعها الجهاديون لأسر المجنّدين في الغرب بين 2,000 إلى 10,000 دولار. “إذا كان يدور الحديث عن شخص ذي تعليم عال، مثل طبيب أو خبير حاسوب، فسيكون مبلغ الدفع أكبر”، كما أضاف أحد الباحثين.
من الصعب جدا قياس عدد المنضمين أو الذين يغادرون أراضي الجهاد الواقعة تحت سيطرة الدولة الإسلامية في سوريا أو العراق، ولكن، تحاول أجهزة الاستخبارات في معظم الدول الأوروبية، الولايات المتحدة، أستراليا، روسيا ونيوزيلندا أن تراقب عن كثب هذه الأعداد وأن تتعقّب هؤلاء الشباب وأن ترصد أنشطتهم في الشرق الأوسط.
في شهر كانون الثاني عام 2015، نشر موقع الإذاعة الحرة في أوروبا (Radio Free Europe) مقالا وقائمة بيانات حول عدد المنضمين إلى صفوف داعش بحسب إحصاء من مليون مواطن بالمعدّل في كل دولة ودولة. وقد جمعت هيئة تحرير الراديو هذه البيانات من تقارير الوزارات المختلفة التي تتعامل مع هذه الظاهرة، وزارات الداخلية والدول الأوروبية، أجهزة إنفاذ القانون والاستخبارات. وهذه هي الأرقام بحسب بعض الدول التي تظهر في القائمة:
شمال أفريقيا
ليبيا: 600 مجاهد
تونس: 3000-1500 مجاهد
المغرب: 1500 مجاهد
أوروبا
بريطانيا: 600 مجاهد
إيرلندا: 30 مجاهدا
فرنسا: 1200 مجاهد
ألمانيا: 500-600 مجاهد
روسيا: 400-500 مجاهد
بلجيكا: 450-500 مجاهد
هولندا: 200-250 مجاهد
النرويج : 60 مجاهدا
السويد: 250-300 مجاهد
الولايات المتحدة: أكثر من 100 مجاهد
أستراليا: أكثر من 100 مجاهد