من هو وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الذي تريد حماس اغتياله؟ يُعتبر ليبرمان، الذي تم تعيينه عام 2009 كوزير لخارجية إسرائيل، شخصية مميّزة ومثيرة للاهتمام في السياسة الإسرائيلية، ويثير أيضًا عددا غير قليل من التساؤلات.
ولد ليبرمان عام 1958 في كيشينيف في مولدافيا (التي كانت جزءًا من الاتّحاد السوفياتي) لأسرة يهودية، وانتقل للعيش في إسرائيل بعد عشرين عاما من ذلك. بعد أن تولى عدة مناصب سياسية صغيرة، جرى بينه وبين بنيامين نتنياهو اتصال، تواصل الاثنان وبدأ ليبرمان بتولي مناصب كبيرة. عندما انتُخب نتنياهو كرئيس للحكومة عام 1996، عُيّن ليبرمان كمدير عام لديوان رئيس الحكومة.
لم يمض وقت طويل حتى تقاعد ليبرمان من وظيفته وأسس حزب “إسرائيل بيتنا”، وهو حزب يميني توجه أيضا للإسرائيليين القادمين من الاتّحاد السوفياتي. وبخلاف أحزاب أخرى، كان هذا الحزب حزب الواحد، مع مؤسّسة حزبية دون قوة، ومن الواضح لجميع منتخبي الحزب بأنّه حزب ليبرمان، حيث لا يمكن عزله. ترشح الحزب منذ ذلك الحين في سلسلة من المعارك الانتخابية، لوحده أحيانا وبالاتحاد مع أحزاب أخرى في أحيان أخرى (مثل الانتخابات الأخيرة عام 2013، التي ترشح فيها مع حزب الليكود بقيادة نتنياهو). منذ عام 2006 حظي ليبرمان بنجاحات غير قليلة في الانتخابات واعتبر قوة سياسية كبيرة، ومنذ عام 2009 تولى منصب وزير الخارجية الإسرائيلي حتى أعلن عن الانتخابات الجديدة (17 أذار).
إنّ رسائل ليبرمان السياسية مثيرة للاهتمام. في سنواته الأولى في السياسة كان معروفا بمواقفه الشديدة ضدّ المفاوضات مع الفلسطينيين والسعي للتوصل إلى تسوية سياسية معهم. بالإضافة إلى ذلك، ففي العقد الأخير طرأ تليين خفيف على آرائه، وهو يدعم إقامة دولة فلسطينية بشروط مقيّدة، ولكنه السياسي صاحب القوة الوحيد في إسرائيل الذي يدعم فكرة نقل أراض إسرائيلية، يعيش فيها سكان عرب (مثل أم الفحم)، إلى الدولة الفلسطينية المستقبلية.
رغم دعمه لإقامة دولة فلسطينية، لا يرى ليبرمان بمحمود عباس شريكا في الرؤيا ويعتبر عباس عدوًا. الطريق الوحيد للوصول إلى حل شامل للصراع، وفقا لليبرمان، هو التوصل إلى تسوية مع جميع الدول العربيّة في الشرق الأوسط، حيث إنّ الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني هو جزء من الصراعات الأوسع: الصراع الإسرائيلي – العربي والصراع بين الإسلام والغرب.
وبصفته وزيرا للخارجية، تم في العديد من المرات توجيه انتقادات لليبرمان بخصوص تصرفاته غير الدبلوماسية، والتي بلغت ذروتها في الخطاب السياسي غير الرسمي الذي ألقاه في الأمم المتحدة. وخلال توليه كوزير للخارجية تدهورت بشكل كبير العلاقات بين إسرائيل وتركيا وتصدّعت مكانة إسرائيل الدولية في العالم. ومع ذلك، يعمل ليبرمان من أجل تعزيز العلاقات بين إسرائيل وروسيا وبين إسرائيل وعدد من الدول في إفريقيا.
وفي المجالات الداخلية الإسرائيلية أيضا تعتبر مواقف ليبرمان قوية وصلبة: يحاول ليبرمان دعم تعديلات على القانون، وبحسبها فعلى كل مواطن إسرائيلي أن يصرّح بولائه لدولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، ولقوانينها ومبادئها. فضلا عن ذلك، يدعم ليبرمان تغيير طريقة الحكم في إسرائيل، حيث يصبح للسلطة قوة أكبر، على حساب قوة الأحزاب الأصغر والمجموعات الصغيرة في المجتمع الإسرائيلي.
وسوى ما ذكرناه أعلاه، فقد تم التحقيق مع ليبرمان من قبل الشرطة خلال العديد من السنوات للاشتباه بأنّه كان مشاركا بالتهرّب الضريبي بملايين الشواقل، بل إنّ بعض الاشتباهات كانت شديدة جدا. قبل نحو عام تم تقديمه للمحاكمة بتهمة أنّه عمل بشكل مخالف للقانون عند تعيينه سفيرًا إسرائيليًّا، ولكنه فاز في هذه القضية.
شهد حزب ليبرمان قبيل الانتخابات المقبلة صدمات كثيرة بعد أن تمّ اتهام رؤسائه بتلقّي الرشاوى والتزوير. تركه كثيرون وبقي ليبرمان وحده تقريبا في المعركة. ويقف حزبه الآن “إسرائيل بيتنا” أمام الاختبار النهائي: هل سيكون قادرا على الدخول إلى الكنيست القادم؟ هل سيتولّى ليبرمان أساسا أي منصب في الحكومة الإسرائيلية القادمة؟ تتوقّع معظم الاستطلاعات أنّ ليبرمان سيتلقّى هزيمة قاسية ولكن في الوقت الراهن لا يعوّقه ذلك بأنّ يستمرّ في إطلاق التصريحات بقوة ضدّ عرب إسرائيل، والحاجة إلى الترانسفير لبعضهم في حال قيام دولة فلسطينية بل وقدّم التماسا للمحكمة العليا ضدّ قرار توزيع الصحيفة الساخرة شارلي ايبدو في إسرائيل وفاز في المعركة.
ماذا سيكون مصير من اعتُبر في إسرائيل قبل مدة قصيرة بأنّه قد يكون رئيس الحكومة القادم لإسرائيل، ما زال الأمر ليس واضحًا.