صادقت الحكومة الإسرائيلية، مطلع الأسبوع، على خطة تعليمية خاصة بالقدس الشرقية، تقضي بإدخال مناهج التعليم الإسرائيلية إلى المدارس الفلسطينية في شرقي القدس. وتعد الخطة بنقل ميزانيات لكل مدرسة تتبنى الخطة وتنتقل إلى تدريس المضامين الإسرائيلية بدل الفلسطينية. ويأمل المبادران للخطة، وزير التربية والتعليم، نفتالي بينت، ووزير شؤون القدس، زئيف إليكين، أن تساعد الخطة على تقليص الفجوات التعليمية والاقتصادية بين الفلسطينيين والإسرائيليين في القدس.
وفي حين يعدّد الجانب الإسرائيلي مزايا الخطة ومنها أنها ستمنح الفلسطينيين فرصة للاندماج في سوق العمل الإسرائيلية، وستمكنهم من دخول الجامعات الإسرائيلية، لا سيما الجامعة العبرية في القدس، واجهت الخطة انتقادات واسعة من قبل السلطة الفلسطينية، التي تحذر من “مشروع يستهدف تهويد المناهج التعليمية في القدس” و “محاولة لأسرلة القدس وضرب مقومات الهوية الوطنية الفلسطينية”.
ووفق بيان وزارة التعليم الإسرائيلية تهدف الخطة إلى “تحسين جودة الحياة لسكان الأحياء العربية في القدس، وتعزيز قدرتهم على الاندماج في المتجمع الإسرائيلي واقتصاده”. وقال مسؤول في وزارة التعليم إن “الخطة خيارية وليس إجبارية”.
وتوصي الخطة بزيادة عدد الغرف للصفوف الأولى الأساسية في مدارس شرقي القدس، حيث ستطبق المناهج الإسرائيلية. إضافة إلى زيادة عدد حاملي شهادة البجروت الإسرائيلية، وزيادة عدد حاملي الشهادة المهنية، والحد من نسبة الطلاب المتسربين من الصفوف الثانوية. وتعد وزارة التعليم الإسرائيلية المدارس الفلسطينية المستعدة لتطبيق الخطة، بميزانيات خاصة وبدعم غير مسبوق.
ولا يخفى أن الوضع السياسي الذي يعيشه الفلسطينيون في القدس الشرقية معقد، فمن ناحية هم مرتبطون بصلة وثيقة بالسلطة الفلسطينية والهوية الفلسطينية، لكنهم يطمحون إلى العمل في إسرائيل، كونهم حاملين الهوية الإسرائيلية التي تمنحهم الحق بالعمل في إسرائيل، دون انتظار تصاريح عمل مثل سكان الضفة الغربية. لكن عائق اللغة والثقافة يحدان من فرصهم في أماكن العمل الإسرائيلية، الأمر الذي دفع فلسطينيين كثيرين إلى تعلم اللغة العبرية وإطلاق مبادرات بهذا الاتجاه لزيادة فرص التحاق الشبان والشابات الفلسطينيات بالجامعات الإسرائيلية، وأماكن العمل الإسرائيلية.
وتشير معطيات بلدية القدس إلى أن أعداد الطلاب الفلسطينيين الذي يتقدمون لامتحان “البجروت” الإسرائيلي (المقابل للتوجيهي الفلسطيني)، في ارتفاع متطرد، حيث بلغ عددهم عام 2016 نحو 2000 طالب، في دلالة أخرى على رغبة الفلسطينيين سكان مدينة القدس في تحسين فرص قبولهم إلى المجتمع الإسرائيلي.
وانتقدت جهات إسرائيلية في وزارة التربية والتعليم الخطة قائلة إن إسرائيل بعد سنوات من إهمال التعليم في القدس الشرقية، تقرر فرض شروط على المدارس الفلسطينية لدعمها، بدلا من نقل الدعم المالي المطلوب دون شروط.
يذكر أن الأغلبية العظمى من المدارس في القدس الشرقية، تعلم في الراهن وفق مناهج التعليم الفلسطينية. ومنذ التوقيع على اتفاقات أوسلو “ب” عام 1995، المناهج الإسرائيلية تعلم في 8 مدارس فلسطينية من 180 مؤسسة تعليمية في القدس.
وعلى نقيض هذه الخطة التي ترمي إلى ضم الأحياء الفلسطينية في القدس تحت سيادة إسرائيل، كانت النائبة الإسرائيلية عنات بركو عن حزب ليكود، قد اقترحت خطة اقترحت فيها فصل الأحياء الفلسطينية عن مسؤولية إسرائيل، في إشارة إلى تناقض السياسية الإسرائيلية إزاء القدس الشرقية.
والعجيب أن خطة بركو التي تقضي بنقل المسؤولية الإدارية لأحياء فلسطينية في القدس الشرقية، إلى السلطة الفلسطينية، لقيت قبولا لدى رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والذي قال إنه سيدرس الخطة، طالبا من النائبة عن حزب ليكود، بعدم نشرها للإعلام. وتعني الخطة عمليا سحب الهوية الإسرائيلية من السكان الفلسطينيين.
وتدل هاتان الخطتان على تيارين متباينين في الحكومة الإسرائيلية ينظران إلى مستقبل القدس الشرقية بنظرة مختلفة، فهنالك من يريد إبقاء السيادة الإسرائيلية على الأحياء اليهودية والأماكن المقدسة، لا سيما الأقصى والحائط الغربي، ونقل مسؤولية الأحياء الفلسطينية إلى السلطة الفلسطينية، وبين شق يريد أن يفرض السيادة الإسرائيلية على الأحياء الفلسطينية لأنها جزء لا يتجزأ من القدس، حتى لو كان الثمن إضافة الفلسطينيين إلى كاهل الخزنة الإسرائيلية.
طبعا، كلا الجانبان لا يؤمن بأن القدس الشرقية ستكون عاصمة فلسطين المستقبلة، وبالنظر إلى زيارة الرئيس الأمريكي الأخيرة إلى إسرائيل وإلى الحائط الغربي على وجه التحديد، ونتائجها على أرض الواقع، يبدو أن الجانب الأمريكي مقتنع بأن القدس عاصمة إسرائيل، رغم عدم إعلان ترامب ذلك بصورة صريحة.