من استطلاع لقناة الكنيست، أجرته شركة ” بانل بوليتيكس” (Panel Politics) يتبيّن أنّ 78% من المشاركين لا يثقون بوزير المالية. يعتقد 65% أن تعامله مع عضو الكنيست عن حزبه، عدي كول، ليس ديموقراطيّا. أمّا المعطى الأصعب بالنسبة للبيد فهو أنّ 82% أجابوا بأنّه غير ملائم لرئاسة الحكومة. وحصل لبيد على علامات منخفضة من الشعب في قضية تعيين العميد، كما كان رضى الشعب عنه أقل من سلفه، يوفال شتاينيتس. وفي المجموع، لو أجريت انتخابات مجددة لنال حزب لبيد، “هناك مستقبل” ، 13 مقعدًا فقط، أقل بستة من عدد المقاعد الحاليّ.
وكان هذا الجو الشعبي المضاد للبيد موجودًا منذ نهاية شهر تموز، نحو نهاية دورة الكنيست .ونشر موقع “هآرتس” استطلاعًا لرضى الشعب عن أداء قادته (مؤيد/ معارض) تبيّن وفقًا له أنّ 63% من الشعب غير راضٍ عن أداء وزير المالية، فيما 25% فقط راضون. ويأتي ذلك بالمقارنة، مثلًا، مع الشعور الأكثر توازنًا تجاه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، حيث إنّ 45% راضون عنه، مقابل 45% غير راضين. ومعطيات وزير المالية أسوأ حتى من تلك التي لوزير الأمن الجافّ والمبتعد عن الناس، موشيه يعلون، حيث إنّ 54% راضون عن أدائه مقابل 20% ليسوا راضين.
ويُعدّ منصب وزير المالية في إسرائيل منصبًا بغيضًا. فلا يكاد وزير المالية يكمل ولايته، وهو يحظى بمحبة الشعب. لكن وضع لبيد خاصّ. فهو زعيم حزب كبير، جاء من فراغ، على أساس كونه شخصًا معروفًا. فقد أتى وسط ترقّب كبير من الجمهور الواسع، الذي يتبع مرةً تلو الأخرى شخصية سياسية رئيسية، ليخيب أمله مجددًا كل 4 سنوات. وبخلاف الأحزاب المتينة والعريقة، مثل حزب العمل أو الليكود، فإن لبيد يستند حصرًا إلى تأييد الشعب، ولذلك فإنّ لهذه الاستطلاعات معنًى أكثر بالنسبة له.
وإضافةً إلى عدم الرضى عن أدائه كوزير للمالية، يتجذّر الاعتقاد أنه لا تأثير لهذا السياسي الجديد في ما يفعل، حيث يسيّره رئيس الحكومة وموظفو المالية كما يشاؤون. وبرز هذا الأمر بشكل خاص في قضية عميد بنك إسرائيل، وهي قضية لم تنتهِ بعد. فبعد الإخفاق في تعيين البروفسور يعقوب فرنكل، اكتفى لبيد بمحادثة هاتفية ودية ليعرف، بالثقة بالنفس التي تميّزه، أنّ البروفسور ليئو لايدرمان مناسب للمنصب. فصفعه الواقع على وجهه مجدَّدًا.
يشتمَ الشعب الإسرائيلي من بعيد رائحة تعيين المقرّبين، الرجال الطيبين، الذي كانوا أيضًا أصدقاء والد لبيد أو جيرانه. ولا يرضى الناس بما يرونه.
تُضاف إلى ذلك أيضًا تصريحات لبيد على فيس بوك التي لا تثير الإعجاب، على أقل تقدير. فقد حظي نقاش تافه مع مدرّس للمدنيات في شأن قانون الحُكم، بتغطية وصدى في الإعلام (الشعبي، كما يندب لبيد( بعد أن أجاب لبيد المدرِّسَ، أرنون بن يائير: “كلنا مغفّلون وكنا غارقين في ظلمة الجهل حتى حدثت الأعجوبة الكبرى وجئتَ أنتَ، الذي لم تكن يومًا في الكنيست، ولم تقُد حزبًا”.
بعد ذلك، أتى عمود صحفي أسبوعي لمؤيدي الحزب، يتبيّن منه للشعب الإسرائيلي، أسبوعًا تلو أسبوع، أنّ لبيد لم يذوّت بعد حقيقة أنه ليس كاتب عمود في صحيفة، بل وزير مالية ذو تأثير على حياة الناس. يندب لبيد بلغة تصويرية، ولكن سطحية، على مناصريه الذين هجروه: “جميعنا، رجال “هناك مستقبل”، مضطرون إلى التعامل بشكل يومي مع أشخاص يتطلعون إلينا مثل كلاب شناوزر عصبيين تُركوا في المطر ويقولون إنّهم خائبو الأمل”.
وفي هذه الأثناء، لا يتوقّف الشعب عن التعجّب، فقد رفعت شابة تعمل لدى لبيد على صفحتها على فيس بوك فيديو مصوّرًا على نمط برنامج الواقع “مترابطون ” تسأل فيه زعيمها أسئلة تأييد أعمى، فيما هو يقود سيارته في ساعة متأخرة من الليل.
كل هذه الأحداث، الانكشاف الزائد للإعلام بمبادرة لبيد، غياب الرقابة على أسلوب الكتابة، والتعالي على الشعب – تجتمع كلها معًا لتشكّل عدم التقدير له.