إنّ التحدّيات الأمنية الجديدة والقديمة، والتي تشهدها وحدة “ريمون” في جنوب إسرائيل على الحدود بين مصر وإسرائيل ليست سهلة. مع تقويض الشعور بالأمن في سيناء على الجانب المصري: تغلغل التنظيمات الإرهابية السلفية، الضرر الميؤوس منه في شبكات نقل الغاز من مصر إلى إسرائيل قبل نحو عامين وما لا يُحصى من الكمائن وحوادث إطلاق النار الصعبة بين الجيش المصري والشتات البدوي المدعوم من قبل التنظيمات الإرهابية، مع كل ذلك؛ تصبح القصة أكثر تعقيدًا.
يدلّ الواقع الأمني في السنوات الثلاث الأخيرة في الحدود الجنوبية لإسرائيل على ضرورة وجود وحدة مقاتلة من النخبة. تُعتبر وحدة “ريمون” الأخت الصغرى للقوات الخاصة في الجيش الإسرائيلي. خلال وقت قصير، أصبح مقاتلو الوحدة جزءًا من المنطقة، وهم مندمجون فيه كالحرباء. من أجل الوصول إلى مستوى عال جدا، يجتاز المقاتلون مسار تأهيل طويل وبعده مجموعة متنوعة من التدريبات وورش العمل. وقد أنهت مؤخرا إحدى فرق المقاتلين التابعة للوحدة أسبوع ورشة العمل الصحراوية، ونجح الإعلام الإسرائيلي بشكل نادر جدّا في الحصول على لمحة عن التأهيل والتدريبات القاسية التي يجتازونها.
قدرات لم تظهر حتى الآن في الصحراء
حسب قادة الوحدة، لا تكتفي وحدة “ريمون” بتعلّم تقنيات التمويه على الأرض، بل يجتاز المقاتلون أيضا محاضرات يلقيها المختصّون في موضوعات الجغرافيا والجيولوجيا. يعلّمهم الجيولوجي على سبيل المثال عن بنية التربة وعن ماضيها خلال عشرات ومئات الآلاف من السنين. والعلم كما هو معلوم يساوي القوة. “لقد شرح لهم كيف نشأت المنطقة التي يقاتلون فيها وما الذي مرّت به على مرّ السنين. وهذا يربط المقاتل بالمنطقة، عندما نريد أّن يحبّوا جدّا المنطقة ويرتبطوا بالأرض. في النهاية يتطلّب الأمر منا أن نحيا في المنطقة وهذا يعطينا أدوات تساعدنا”، هذا ما قاله أحد قادة الوحدة في مقابلة قدّمها للإعلام الإسرائيلي، حول الوحدة وعمليّاتها في الصحراء.
وفي إطار أنشطتهم يتطلّب من مقاتلي “ريمون” أن يعملوا في ظروف صعبة للغاية. الصحراء في النهار حارّة، وفي الليل باردة حتى التجمّد، وتضاريس المنطقة ليست سهلة إطلاقا، وتتميّز بالكثير من المنحدرات والصخور. ليس من السهل ربط المقاتل بالمنطقة، ناهيك عن أن يحبّها، ولكنّ ورشة العمل الصحراوية تهدف إلى ذلك تحديدا. “إنّنا ندخل في هذا الأسبوع أيضًا مسائل تجريبية، سواء كان ذلك الطبخ في الهواء الطلق أو رصد النجوم والتوقف عند مناظر طبيعية جنونية”، كما يقول القائد.
تكتيكات القتال
خلال العديد من مسيرات الوحدة جنوبا باتجاه إيلات وعلى الخطّ الفاصل بين الحدود المصرية والإسرائيلية، يتعلّم الجنود كيفية تحديد مواقع المياه في المنطقة وتنقيتها من خلال وسائل يحملونها معهم. تضع المنطقة أمام المقاتلين أوضاعا متطرّفة يتعلمون منها التأقلم والاستجابة. وهناك مجال آخر مثير جدا للاهتمام تعامل معه المقاتلون وهو تدريبات قطع الاتصال.
“لقد قاموا بتدريبات كثيرة في قطع الاتصال. في الوقت الذي يُعطى فيه زمنا للاختفاء فإنّك تنفصل بسرعة عن المنطقة التي توجد فيها”، كما يشرح أحد قادة الوحدة. يهدف قطع الاتصال إلى مساعدة الجنود في الاختفاء بالمنطقة في أوقات المطاردات أو عند الحالات التي تُهدّد حياتهم.
بعد أسبوع قاس تضمّن الكثير من المحاضرات والتدريبات، يتمّ اختبار المقاتلين بتدريب مداهمة ليلية يلخّص الورشة الصحراوية. “هو تدريب في إطار الفريق يبدأ بالتقدّم لعدة كيلومترات ونقوم فيه بفحصهم بناء على حركتهم، كيف تتم، من أين يختارون المشي، وبعد ذلك نجري تخفّيا في إحدى المنشآت. وهناك نفّذ المقاتلون تخفّي الفرق في الميدان وفي النهاية قاموا بالهجوم على مجمّع مبني”.
وكما يمكننا أن نرى من خلال الصور التي تم التقاطها خلال التدريب، فإنّ الوحدة مجهّزة جيّدا لمهمّتها. الزيّ الصحراوي وحتى الأسلحة التي تمّت ملاءمتها بشكل خاصّ للوحدة. كل قطعة قماش، كل نوع من أسلحة المقاتلين تمّت دراستها بعناية شديدة.
تحدّيات أمنية
تُعتبر المناظر الطبيعية على الحدود بين إسرائيل ومصر مذهلة بجمالها ومنطقة مطلوبة للتنزّه. بعضها صحراء مسطّحة فيها بعض الكيبوتسات والقرى والحقول. والجزء الجنوبي جبليّ ومرتفع. 250 كيلومترا من المناظر الطبيعية الخلابة، ولكن دون ترتيبات الدفاع والأمن، فإنّ هذا الجمال قد يتحوّل إلى جحيم بسهولة.
من أجل ذلك أقام الجيش الجدار الحدوديّ الذكيّ ونقل إلى الجنوب عددا كبيرا من نخبة المقاتلين. إنّ الورقة الرابحة للجيش في هذا القطاع، هي وحدة “ريمون” التي أنشأت عام 2010 من قبل اللواء يؤاف غالنت، الذي كان حينذاك قائد المنطقة الجنوبية. يبدو أنّ اللواء غالنت قد رأى ما سيأتي ولا عجب أنّه أصرّ على إنشاء هذه الوحدة.
هيكل الوحدة
تنقسم “ريمون” إلى كتيبتين: كتيبة التجميع وهي مسؤولة عن الاستخبارات القتالية وكتيبة الهجوم والتي يدلّ اسمها على دورها. وتواجه الوحدة اليوم تحدّيات معقّدة تضع أمامها القبائل البدوية من مصر والتي ترتبط مع تنظيمات الجهاد العالمي. معظم الأشخاص الذين يجتازون الحدود هم من مرتكبي الأعمال الجنائية، ولكن يعلم الجميع أنّ طريق الإرهاب يستغلّ غالبا الطريق الجنائي.
وأوضح أحد ضباط الوحدة بأنّ الوحدة مشغولة في الآونة الأخيرة بشكل أساسيّ في تحديد وتتبع الأنشطة الواسعة لمجموعات تنظيم القاعدة وسائر المجموعات السلفية التي تنشط في سيناء.
في معظم الحالات نحن لا نسمع عن عمليات واستعداد الوحدة التي تكون طوال الوقت على مستوى عالٍ. منذ إنشائها قبل أربع سنوات، اكتسبت نجاحات عمليّاتية وجوانب أخرى ممنوعة من النشر لأسباب مختلفة.
يعلم جنود وقادة وحدة “ريمون” أنّه لا يمكن إغلاق الحدود الجنوبية لإسرائيل تماما، وفكرة الوحدة تتركّز على وضع الكمائن والظهور بشكل مفاجئ ومتابعة أي نشاط معادٍ.
لا يشكّ قادة الجيش الإسرائيلي بأنّ حدود السلام التي تحوّلت إلى واحدة من المناطق الساخنة، تتطلّب منهم المزيد من الاهتمام وبذل الجهد. في الوقت الراهن، يستمرّ جنود الوحدة في تجميع المعلومات الاستخباراتية حول تهريب المخدّرات مدركين الخطر الكامن في تهريب الأسلحة أيضاً.