أحد أهم المراسم في إسرائيل هو مرسم إشعال الشُعل الذي يجرى سنويا عشية يوم الاستقلال، في الباحة القريبة من قبر كبار الجمهور في جبل هرتسل في إسرائيل. ترمز المراسم الاحتفالية إلى الانتقال من يوم ذكرى ضحايا الحروب الذي يصادف قبل يوم من عيد الاستقلال، وبدء احتفالات يوم الاستقلال، التي تتضمن إشعال الشُعل، استعراض أعلام، واستعراض إطلاق ألعاب النارية.
في كل سنة يتم اختيار فنان إسرائيلي للمشاركة في المراسم. هذا العام، للمرة الأولى في تاريخ دولة إسرائيل، ستغني فنانة عربية مسلمة أمام الجمهور الإسرائيلي المتحمس. المطربة نسرين قادري، عربية مسلمة وُلِدت في حيفا وترعرعت في اللد، وهي إحدى نجمات الغناء الشرقي المشهورات في السنوات الأخيرة في إسرائيل. في مقابلة معها لصحيفة “يديعوت أحرونوت” قالت إنها تفاجأت وتأثرت عندما تلقت الدعوة للمشاركة في المراسم، فاستجابت لها فورا. من المتوقع أن تغني في المراسم مع مطرب إسرائيلي آخر مقطوعات غنائية عن القدس.
ستُغني قادري في يوم الاستقلال وفي يوم ذكرى ضحايا معارك إسرائيل ومتضرري الأعمال العدائية أيضا الذي يصادف قبل يوم من عيد الاستقلال. هذان الاحتفالان هما رمزان إسرائيليان هامان جدا، ولكن يمر أبناء المجتمع العربي في إسرائيل بأيام صعبة في هذين اليومين لأنهما مثيران للجدل، وممزوجان بمشاعر مختلطة وألم. لذلك فإن الرد الإيجابي الفوري للمطربة نسرين قادري فاجأ الكثيرين.
عندما سُئلت نسرين عن الصعوبات التي تتعرض لها مطربة عربية مسلمة عند الغناء في يوم ذكرى شهداء الجيش الإسرائيليين، قالت إنها لا ترغب في التطرق إلى الموضوع وأضافت: “نواجه واقعا صعبا وجنونيا، وليس طبيعيا. توجهي هو توجه إيجابي ويتميز بتسهيل الأمور. أشعر بالانتماء من خلال صعودي على منصة الاحتفالات. أنقل رسالة من السلام والأخوة، بعيدة عن العنصرية والعنف. وأعتقد أن في وسع الموسيقى أن تجمع القلوب”.
رغم أنه من المتوقع حدوث الكثير من ردود الفعل الصعبة في المجتمَع العربي بسبب اختيار قادري، توضح قادري أنها لا تخشى من ذلك، وهي تشعر أنها تجعل العرب يشعرون بالانتماء. لذلك، ورغم الصعوبات هناك أهمية كبيرة لتمثيل المجتمَع العربي في مراسم هامة في المجتمَع الإسرائيلي.
إضافة إلى قادري، سيشارك مسلم آخر بدور هام في المراسم. سيُشعل البروفيسور أحمد عيد، مدير قسم الجراحة العامة في مستشفى هداسا في القدس، شعلة أثناء المراسم، ويحظى القليل من الإسرائيليين بهذه الفرصة في كل سنة، وتعتبر هامة جدا. البروفيسور عيد من مواليد قرية دبورية في شمال إسرائيل، ولكنه يعيش منذ سنوات في القدس. يعالج في إطار عمله، من بين أمور أخرى، متضرري الأعمال الإرهابية وهو مسؤول عن توفير رد طبي فوري لسكان المدينة.
في تعليلات اختياره لإشعال الشُعلة كُتب: “يشكل عمل البروفيسور عيد رمزا للفسيفساء المقدسي للطوائف المختلفة ويشير إلى التزامه بقيم الحياة”. في مقابلة معه لمحطة إذاعة إسرائيلية تطرق البروفيسور عيد إلى حقيقة أن كل من يقوم بإشعال الشعلة، في نهاية المطاف يعلن أنه يشعلها “فخرا بدولة إسرائيل” ما قد يؤدي إلى نظرة إشكالية في المجتمع العربي. “سأقول بكل سرور الأقوال المتبعة “فخرا بدولة إسرائيل”، قال البروفيسور عيد. أنا ابن هذه الدولة، وكل ما حققته هو بفضلها”.
