في بداية الأسبوع، في يوم الأحد صباحا، دُهِش عالم الصحافة الإسرائيلية. فبعد أن دار الحديث بشكل أساسيّ حول التحقيق الذي أجريَ مع رئيس الحكومة نتنياهو، في نهاية الأسبوع، نشرت صحيفة “هآرتس”، يوم الأحد صباحا أن الشرطة بحوزتها تسجيلات لمحادثة أجراها نتنياهو مع رجل أعمال إسرائيلي كبير، تثبت تلقي رشاوى.
في ساعات الظهر الباكرة، نشرت القناة الثانية أن رجل الأعمال الكبير هو أرنون (نوني) موزيس، مالك صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ومحررها الرئيسي، المعروف بصفته عدوا لدودا لنتنياهو، والذي دفع قدما أثناء المعركة الانتخابية عام 2105 خطوة جدية ضد نتنياهو منعا لفوزه في الانتخابات.
نجحت عملية الدهس التي وقعت في القدس ساعات الظهر في صرف النظر لوقت قليل عن التحقيق، الذي حظي بلقب “ملف 2000” على اسم ملف تدوين القضية في الشرطة. ولكن كُشفت تفاصيل أخرى لاحقا صدمت الإسرائيليين.
لم تُنشر محتويات المحادثة بعد، ولكن وفق شهادات مختلفة، المواضيع التي تم التطرق إليها بشكل أساسيّ هي طلب نتنياهو بأن تكون التغطية أكثر إيجابية، لا سيّما حول ابنه يائير، وفي المقابل طلب موزيس، على ما يبدو، من نتنياهو أن يتوقف عن نشر صحيفة “إسرائيل اليوم” التي توزع في نهاية الأسبوع، ومالكها هو مقرّب من نتنياهو، شيلدون أدلسون، والمعروفة بتغطيتها الإيجابية لنتنياهو. باتت الصحيفة التي توزع مجانا الصحيفة الأكثر شعبية في إسرائيل، وألحقت ضررا ملحوظا في عائدات صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ومكانتها.
الاقتباس الذي ظهر بشكل خاص من المحادثة هو ليس اقتباس أقوال رئيس الحكومة تحديدًا، بل اقتباسات لمحرر الصحيفة موزيس الذي قال لنتنياهو إنه إذا دفع قدما قانونا يمنع نشر الصحيفة المنافسة مجانا، فسيعمل من جهته كل ما في وسعه ليكون نتنياهو رئيس الحكومة كل الوقت الذي يرغب فيه.
يتضح أمران هامان ومثيران للجدل جدا من الاقتباسات. الأول، الصحافة في إسرائيل “مبيوعة”، وتخل في دورها في إصدار التقارير “الحقيقية” للإسرائيليين. إن خرق ثقة الإسرائيليين بالإعلام مهم وربما غير مسبوق في تاريخ الصحافة في إسرائيل. لم يصب الجمهور الإسرائيلي بدهشة فحسب عند سماع الأخبار، بل عمال الصحيفة بشكل أساسيّ أيضا الذين يحصلون على أجرهم من نوني موزيس، والذين عرفوا الآن أنهم عملوا في هيئة محرّفة تقترح رشاوى على رئيس الحكومة.
المعنى الآخر هو أنه خلافا لادعاءات نتنياهو أن ليست لديه أية صلة بالأخبار التي تنشر في صحيفة “إسرائيل اليوم”، فإنه يتفاوض مع رجال أعمال حول إمكانية إصدار ملحق أسبوعي للصحيفة أو عدم إصداره. لا يعني هذا أن رئيس الحكومة الإسرائيلي يسيطر كليا على الهيئة الإعلامية التي تتظاهر بأنها “حرة” فحسب، بل ربما يدور الحديث عن جريمة جنائية حقا، تجعل حقيقة نشر الصحيفة رشوة يحصل عليها نتنياهو من مالكها، شيلدون أدلسون. جاء إضافة إلى ذلك النشر أن الصحيفة، التي توزع مجانا، لحقت بها خسائر بمئات الملايين منذ بدأ توزيعها عام 2007.
ما زالت القضية في بداية طريقها، وما زال مسؤولان كبيران وهما رئيس الحكومة نتنياهو والمسؤول عن صحيفة يديعوت أحرونوت، نوني موزيس يمران بتحقيق شرطي. تُنشر يوميا تفاصيل أخرى تسلط الضوء على القضية، التي باتت القضية التي تثير الضجة الأكبر في عالم الصحافة في السنوات الماضية. هل التحقيق في هذه القضية سيؤدي إلى سقوط نتنياهو؟ ما زال مبكرا أن نعرف..