في الطبيعة، كما لدى البشر، يكون الذكور هم المسؤولين عن نشاطات التناسل، أما الإناث فهنّ مسؤولات عن الإنجاب. على الرغم من ذلك، يبدو أنّ السلوك الأمويّ للإناث في الطبيعة مكتسب أكثر من كونه غريزيّا. لنفس السبب، لماذا لا يقوم الرجل بسلوك الأمّهات المزعوم، كالعناية بالأطفال في رياض الأطفال؟
من سمع عن “معلّم روضة” يعتني بالأطفال في الروضة، وليس “معلّمة روضة”؟ ومن سمع مؤخرًا عن سكرتير وليس سكرتيرة؟ عمّارة وليس عمّار؟ سبّاكة وليس سبّاك؟ يبدو أنّ الموضوع في تسارع أكبر في العصر الحديث حيث يقلّ الوضوح في الحدود بين الجنسين لتمكين البشر من التقدّم بالمجتمع الإنساني وتمكينه من تجارب جديدة بين الجنسين، والتي كانت تعتبر حتّى وقت قريب من المحرّمات الاجتماعية.
كيف يتمثّل الفرق الجنسي بين الرجال والنساء؟ الفرق، في الواقع، يظهر في اللحظة التي ندخل بها إلى متجر ملابس الأطفال ونميّز الفروق في الألوان والأسماء بين قسم الأولاد وقسم البنات. يزعم علماء النفس والباحثون في المجتمعات الإنسانية أنّ التمييز بين الألوان هو اجتماعي تمامًا وبناء على طلب الوالدين. وينطبق نفس التمييز بالنسبة للألعاب وبالطبع بالنسبة للكتب المصمّمة للأولاد والبنات. كتاب البنات يسلّط الضوء على نمط نسائي ناعم ومجهّز بما لا يُحصى من البريق، في حين يعمل الأولاد بمهنة رجولية جدّا مثل ميكانيكي أو البناء.
الرسالة التي تُمرّر للأطفال منذ الرضاعة، كما يوضح علماء النفس، هي رسالة “قوية جدّا” وتقرّر التمييز الجنسي باعتباره ثقافيّا أكثر من كونه بيولوجيّا. من هنا، من السهل أن نفهم كيف تربط النساء أنفسهنّ بدور الأمومة، في حين يُكيّف الرجال أنفسهم مع صورة الجسم القويّ.
بالطبع أخيرًا هناك بدائل اليوم، لعب أو كتب تمرّر رسائل أكثر تركيبًا. المشكلة أنّه في نهاية الطريق يظلّ الولد يأتي إلى النظام التعليمي، يقضي الأوقات مع الأصدقاء في الحارة ويجرّب تجارب اجتماعية كاملة تكون الأمور فيها محدّدة تمامًا: الرجل هو القويّ والمرأة هي الرقيقة. قد تتسرّب رسائل المساواة بين الجنسين بالشكل الأمثل على وجه التحديد في بيت لم يُلوّن بالأزرق والوردي، وتقوم فيه مساواة حقيقية بين الجنسين.
تدلّ التجارب السريرية التي أجريت حول العالم أنّه في سنّ الرضاعة، يختار الرضّع والأطفال بين السيارة والدمية، ثمّ إنّ الأطفال في سنّ 3-4 يعرفون كيف يفضّلون مسبقًا اللعبة الملاءمة – كما يزعمون – لجنسهم البيولوجي.
جاءت رياح التغيير: إنّهم يظهرون في الحدائق مع عربات الأطفال، مع حمولات معقّدة، ومع حقائب ظهر فيها الكثير من الأحزمة وفيها مناشف، ملابس إضافية للتغيير، زجاجات الحليب وبدائل غذائية. هؤلاء هم الآباء العظماء، سلالة جديدة من الآباء الذين يكرسون أنفسهم من أجل تربية أطفالهم. يمكن تمييزهم من خلال ابتساماتهم الرقيقة والقلقة، التركيز على مهمّتهم وانخراطهم في مهمّات ترفيه الأطفال بواسطة الكرة وقضاء الكثير من الوقت مع الطفلة في تلوين صفحات التلوين الجديدة.
النسوية، لا يحتاج أحد إلى التذكير، تدعو إلى المساواة في المنزل وليس فقط في العمل والعالم. الحديث عن توزيع متساوٍ للأعباء، بما في ذلك رعاية الأطفال وإعالة العائلة. هذا أمر عادل وصحيح وجيّد. ولكنّه ليس الذي يحدث في الواقع. من السهل أن نتفق على التوزيع المتساوي للأعباء في المنزل، ولكن من الصعب التوصّل إلى ذلك فعليًّا. في عام 2014، لا يزال المجتمع الإسرائيلي يجد صعوبة في استيعاب الأمّهات اللواتي يعملنَ ساعات طويلة خارج المنزل أو الآباء الذين يتّخذون لأنفسهم أدوارًا “أمويّة” إذا جاز التعبير.