انقسم المحللون في إسرائيل حول خطوة الجيش المصري إطاحة الرئيس الإسلامي محمد مرسي، والذهاب إلى انتخابات مبكرة، إن كانت هذه الخطوة ستؤدي إلى المزيد من الفوضى في مصر، أو هي تصحيح لمسار الثورة التي انطلقت عام 2011، وأطاحت بالديكتاتور حسني مبارك. لكنهم اتفقوا على أمر واحد، وهو أن الشعب المصري أثبت أنه صاحب السلطة في مصر، وأنه شعب يتوق إلى حرية حقيقية.
بعد سماع بيان المؤسسة العسكرية في مصر وإعلان إطاحة الرئيس محمد مرسي، تساءل محللون في إسرائيل عن مصير الحركة التي حكمت مصر بعد الانتخابات التي جرت في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، “الإخوان المسلمين”- هل ستقبل الحركة قرارات المؤسسة العسكرية التي انحازت إلى ملايين المصرين الذين خرجوا إلى الشوارع، مطالبين برحيل مرسي والإخوان، أم لا، خاصة أنهم يدعون أن سلطتهم شرعية وقد انبثقت عن صناديق الاقتراع.
وحذّر المحلّل السياسي لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، ألكس فيشمان، من أن الإخوان قد يلجؤون إلى العنف بعد أن بنوا قوتهم السياسية لأكثر من ثمانين عاما في مصر، والآن فقدوا السلطة في غضون أيام. واقترح آخرون أن الإخوان لن يستسلموا في هذه السرعة، وأن مصر ستواجه كثيرا من الصعوبات حتى تصل إلى بر الأمان.
وكتب سفير إسرائيل لدى مصر في السابق، تسفي مزال، على صفحات الصحف الإسرائيلية، أن إطاحة مرسي هي تصحيح لمسار الثورة المصرية. لكنه أشار إلى أن عزل “الإخوان المسلمين” يكشف عن أن مصر تمر بأزمة سياسية- اجتماعية -حضارية عميقة، متمثلة بصراع بين قوى إسلامية وأخرى غير إسلامية.
وأضاف مزال أن الثورة الأولى كانت ضد الدكتاتورية، والثورة الراهنة تبدو ثورة حضارية ودينية، موضحا أن “الصراع الحالي في مصر ليس ضد دين الإسلام إنما هو ضد الإسلام السياسي”. وكتب أن الجيش شعر بأن الفرصة سانحة لإطاحة حكم الإخوان، ولم يتردد لأنه علم أن الإخوان لو استمروا في الحكم لكانوا استولوا على الشرطة، وأجهزة الأمن، والاستخبارات.
وكتب المحلل الاقتصادي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، سبر بلوتسكر، أن أسباب ثورة الشعب المصري الراهنة ليست اقتصادية كما يروّج كثيرون، بل هي ثورة من أجل الحرية. وأضاف بلوتسكر أن الشعب المصري يطمح في الحقيقية إلى العيش في جو سياسي، واجتماعي، وحضاري، لا يسوده الخوف من الحكام. “حركة الإخوان المسلمين لا تفهم ما معنى هذا الطلب الأساسي، العيش بحرية، لأنها حركة دينية- شمولية”.
وأضاف المحلل كاتبا “قبل وقت قصير سمعنا أن الإسلام السياسي سيسيطر على الثورات العربية، واتضح الآن أن هذا غير صحيح، لأن الثورة الراهنة موجّهة ضد رجال الدين”. وخلص بلوتسكر كاتبا “إننا نشهد في إسرائيل بداية الديموقراطية في العالم العربي، والتي يكتبها الشعب المصري بدمه، في الشوارع والميادين”.
وحسب رأي المحلّل في صحيفة “هآرتس”، آري شفيت، فإن الأخبار السارة من مصر هي أن أرض الكنانة لا تخطو نحو النموذج الإيراني، وأنها أقرب إلى النموذج التركي القديم، أي صعود حكم عسكري بغطاء ديموقراطي. ولكن شفيت يعتقد أن خيار الفوضى ما زال يهدد مستقبل مصر رغم انجاز القوى المدنيّة إطاحة القوى الإسلامية، والتي اعتقدت أنها غير مهزومة. “لقد استنتج الشعب المصري أن الإسلام ليس الحلّ” كتب شفيت، “خلافا لشعار الحركات الإسلامية”.
وأضاف المحلل الإسرائيلي أن الأخبار غير السارة هي أن مصر ليست قريبة من الاستقرار، فهي تواجه أزمة اقتصادية عميقة، وكذلك لا توجد في الساحة المدنيّة قوة سياسية باستطاعتها فرض القانون والنظام في مصر.
وركّز بعض المحللين على مصير حركة “حماس” في أعقاب إطاحة حكم الإخوان، مقترحين أن سقوط الإخوان هو ضربة قاسية للحركة الفلسطينية، خاصة في هذه الفترة الزمنية، بعد أن فقدت الحركة المسيطرة على غزة دعم إيران وسوريا بسبب مواقفها السياسية. وذُكر في الصحف الإسرائيلية أن الجيش المصري شدّد الحصار على القطاع في الآونة الأخيرة، خشية من دخول عناصر مسلحة إلى مصر.