في مجالات الأعمال الرئيسية في القطاع غير الرسمي، مثل إنتاج الحشيش، الاختطاف لطلب الفدية وتزوير الأموال؛ لا تزال قوة المسدّس مسيطرة في هذا الحوض الزراعي الوحشي، الذي يجاور الحدود السورية، هذا ما تذكره مجلّة الإيكونوميست البريطانية. ولكن لا شيء يوضح ثقافة الأعمال القاسية التي تسيطر عليه، وعلى معظم لبنان، مثل الاشتباكات المسلّحة التي تحدث مؤخرًا بين أصحاب مولّدات كهربائية خاصة وشركة كهرباء محلّية.
ليست هناك في لبنان كهرباء متوفّرة على مدار الساعة يوميّا من قبل الدولة منذ الحرب الأهلية، التي اندلعت عام 1975، واستمرّت 15 عاما، ومهّدت الطريق لصعود نوع من المافيا من أصحاب المولّدات الكهربائية.
أعلن موظّفون في مدينة زحلة، في شهر كانون الأول عام 2014، أنّ المدينة و 18 قرية في البقاع الواقعة على سفوح الجبال المثلجة القريبة ستحصل قريبا على التيار الكهربائي على مدار الساعة من مزوّد الكهرباء. ردّا على ذلك، سدّ أصحاب المولّدات الكهربائية المحلّية – الذين يمسكون بما يعتبر تجارة رابحة جدّا – الشوارع وأحرقوا الإطارات. لقد هدّدوا بخطوات أقسى، فقد خشوا من أن يجدوا أنفسهم دون عمل. ومن ثمّ، في بداية شهر شباط عام 2015، هوجمت وأُتلفت في جوف الليل أربعة محوّلات لشركة الكهرباء Electricité de .Zahlé وحتى يتم إصلاحها، يمكن للعديد من السكان في المنطقة التمتع بمعدل 12 ساعة من الكهرباء من الشبكة فقط، ممّا يضطرّهم إلى الاستمرار في شراء الكهرباء من أصحاب المولّدات الكهربائية.
وقال مراسلو الإيكونوميست في المقال إنّ الصوت الأكثر شيوعا في كلّ ركن في لبنان هو ضجيج المولّدات الكهربائية. في المناطق الأكثر نأيًا في البلاد، يحصل السكان على أقل من أربع ساعات من التيار الكهربائي يوميّا من شبكة الكهرباء القطرية. في بيروت هناك سكان يتعقّبون أوقات قطع الكهرباء اليومي بمساعدة تطبيق في الهواتف الذكية.
لقد سئم المحليّون في قرية زحلة من البلطجية الذين يبالغون في الأسعار مقابل ترك الأضواء مشتعلة. “عندما ينخفض سعر النفط، يجب أيضًا أن تنخفض أسعار التيار الكهربائي من المولّدات، ولكن لا يحدث ذلك”، كما يقول السكان.
واللوم ملقى على الدولة. لم يمرّر البرلمان المنقسم تشريعًا حقيقيّا منذ سنوات، ولم ينجح في اختيار رئيس منذ أيار عام 2014. ويصل الدّيْن القومي الآن إلى 211% من الناتج المحلّي وهو مستمرّ في الصعود، وهناك منظومة راسخة من الأسر الحاكمة تؤكد أنّ حفنة من الأسر تقسّم فيما بينها ثروات لبنان.
يعكس النزاع حول الكهرباء مشكلة تواجهها البلدان التي تتعافى من الحروب الأهلية. أنشأ انهيار الدولة فراغًا، وبقيت العصابات التي ملأته في الحكم حتى بعد انتهاء الحرب. حتى في مناطق العاصمة التي تتمتع بحياة ليلية عصرية، يستخدم مزوّدو خدمات مواقف السيارات الأسلحة أحيانا من أجل الدفاع عن مساحتهم.