تُوفي ألويس برونر، ضابط “إس إس” الذي كان من أكثر الرجال ولاء لأدولف هتلر وكبير مساعدي أدولف آيخمان، ودُفن في دمشق، هذا ما أفاده وكيل استخبارات ألماني في الشرق الأوسط في الأيام الماضية.
كان برونر أكثر مجرم نازي مطلوب في العالم وكان مسؤولا عن موت آلاف اليهود في فترة الهولوكوست. عمل برونر، المولود في النمسا، كمساعد لأدولف آيخمان وساعد في إدارة عمليات طرد يهود فرنسا، النمسا واليونان إلى معسكرات الاعتقال والإبادة.
هناك قائمة طويلة من الجرائم التي يتولى ألويس مسؤوليّتها بدءًا من عام 1941. كان حينذاك نائبا لآيخمان في مكتب هجرة اليهود وحرص خلال توليه للمنصب على الطرد الجماعي لـ 48,000 يهودي نمساوي إلى خارج البلاد الآرية وأمر بنقلهم إلى معسكرات الاعتقال والإبادة في بولندا، لاتفيا ولتوانيا.
عام 1943، بعد أن تحمّس آيخمان لإمكانيات الشر لدى برونر وعرّفه باعتباره “أفضل رجلّ لديّ”، قام بإرساله إلى اليونان، حيث سارع إلى طرد 46,000 يهودي من سالونيك خلال شهرين فقط. كانت قسوته أشهر من نار على علم. بل إنّ مرؤوسيه في “إس إس” قد كرهوه.
وقد تحدّثت أدلة تمّ جمعها بعد الحرب من الناجين من الهولوكوست في معسكرات أمضى برونر فيها وقتا، عن قسوته وساديّته. اضطر اليهود في إحدى الحالات إلى الركض لساعات في المعسكر وإلقاء أنفسهم في الوحل. بعد أن انهاروا واستنفدوا طاقتهم تمّ ضربهم حتى الإغماء. وقد أمر مرؤوسيه في “إس إس” في إحدى الحالات بقتل أربعة يهود بدم بارد أمام أنظار الجميع. وتحدثت أدلة أخرى كيف أمر بوقوف تسعة من اليهود وهم عراة، في ليلة باردة من شهر تشرين الثاني، لمدة 12 ساعة متواصلة قام خلالها حراس “إس إس” بضربهم.
بعد الحرب، تم إدراج اسمه في قائمة مجرمين الحرب الأكثر طلبا. تمّ اعتقاله وسجنه في معسكرات الأسرى التابعة لجيش الولايات المتحدة والجيش البريطاني، ولكنه تمكّن من التملّص بعد أن أخفى ماضيه وأقنع المحقّقين بإطلاق سراحه. عاد إلى النمسا، وبمساعدة صديق اعتمد هوية مزوّرة، حصل على شهادات جديدة وفرّ إلى مصر. التقى هناك بالزعيم الفلسطيني، الحاج أمين الحسيني، الذي أقنعه بالانتقال إلى مكان أكثر أمنا: سوريا. قبل برونر هذه النصيحة وانتقل إلى سوريا التي انتحل فيها شخصية رجل أعمال وتاجر من أصول ألمانية. وفي هذا الإطار طوّر علاقات مع موظّفي السفارة الألمانية.
اعتُقل عام 1960 من قبل الشرطة السورية للاشتباه بتجارته للمخدّرات. ومن أجل إثبات براءته، اعترف أنّه كان الساعد الأيمن لآيخمان، بعد أن اختطف الأخير من قبل الموساد في الأرجنتين وتم تقديمه للمحاكمة في القدس. سارعت الشرطة السورية وأجهزة الأمن في البلاد إلى إطلاق سراحه. أخذه الرئيس السوري حافظ الأسد تحت رعايته وعيّنه في وظيفة مشابهة لتلك التي عمل بها في النظام النازي؛ مستشارا لشؤون التعذيبات.
على مرّ السنين، امتنع النظام السوري من تسليمه رغم المطالبات الكثيرة من قبل الدول الغربية. نجا من محاولتين للاغتيال كانت كما يبدو من قبل عناصر الموساد، في عامي 61 و 80، بواسطة مغلّفات متفجّرة وفقد إحدى عينيه وثلاثة من أصابعه. رغم أنّ وظيفة برونر الدقيقة في حكومة حافظ الأسد لم يتمّ تعريفها أبدا، ولكن وكالات الاستخبارات وخبراء الهولوكوست أوضحوا بأنّه كان متورّطا في التعامل القاسي مع الجالية اليهودية في سوريا وكان خبيرا في الإرهاب والتعذيب. قال برونر إنّ الشيء الوحيد الذي يندم عليه بأنّه لم يقتل المزيد من اليهود. لم يعبّر عن ندمه أبدا.
ووفقا للمعلومات الجديدة فقد تُوفي قبل أربع سنوات عن عمر يناهز الثمانية والتسعين عاما ولم يحاكم عن جرائمه.