لقد أنهى أمين سر رئيس الحكومة، اللواء احتياط يعقوب عميدرور، أمس (الأحد) منصبه بشكل رسمي وودع وزراء الحكومة. عميدرور، الذي تولى المنصب طيلة سنتين ونصف، قام أمس بتقديم إرشاد وداعي للوزراء، قال عن بعض الوزراء الذين حضروا اللقاء إنه “صريح وحكيم”.
وقد بدأ عميدرور وظيفته في مكتب نتنياهو كصقر أيديولوجي وكمن يدب الرعب في قلوب الدبلوماسيين الأجانب. شخص يوجّه آراءه السياسية إلى مكان ما بين أيديولوجية الليكود وأيديولوجية “البيت اليهودي”، ولكنه تحوّل، خلال توليه لمنصبه، إلى إحدى الشخصيات البراغماتية والمسؤولة في مكتب نتنياهو، وإلى أحد أكبر الموظفين الإسرائيليين الأكثر قبولا في واشنطن وفي العواصم الأوروبية.
وقد حظي الموضوع الإيراني بنصيب كبير في الاستعراض الذي قدمه عميدرور. وقد ادعى مستشار الأمن القومي، حسب مصادر مطلعة على مضامين الاستعراض الذي قدمه عميدرور أنه قد طرأ تغيير في إيران بكل ما يتعلق بالاستعداد لإدارة محادثات مع الغرب، غير أن هذا التغيير ينبع بالأساس من الضغط الذي يقبع تحته النظام الإيراني بسبب المقاطعة الدولية الشديدة. من جهة أخرى، لم يغير الإيرانيون بعد سياسة تخصيب اليورانيوم. “لهذا السبب بالضبط يجب الاحتفاظ بالعقوبات”، قال عميدرور. “إن استمرار العقوبات فقط، إلى جانب تهديد موثوق به بالهجوم، سيؤثر على إيران للتقدم في المفاوضات مع الغرب”.
وقال ” ثمة تهديد وجودي واحد على إسرائيل ويجب بذل كل الجهود لإزالته”. “إذا كان ذلك ممكنا بواسطة مفاوضات، فهذا جيد. إذا لم يكن بالإمكان بواسطة مفاوضات، إذن يجب أن يكون بطريقة أخرى”. لقد شدد على أنه يجب على إسرائيل أن تحدد سقفًا متشددًا بكل ما يتعلق بمميزات التسوية بين إيران وبين الغرب وذلك على الرغم من الانتقاد الموجه ضده في العالم.
وقد حذر عميدرور، خلال الاستعراض، الوزراء من تأثيرات فشل ذريع في المفاوضات مع الفلسطينيين. لقد ادعى أن فشل المفاوضات سيزيد من عزلة إسرائيل في العام، وسيشجع العقوبات الاقتصادية ضدها، مثل مقاطعة المستوطنات التي بادر إليها الاتحاد الأوروبي.وادعى أن قرار الاتحاد الأوروبي كان واعيًا في الخروج ضد إسرائيل، من الناحية السياسية والاقتصادية على حد سواء. لقد شدد على أن إسرائيل قد أخذت الخطوة الأوروبية على محمل الجد، وقال أنه نوع من المقاطعة الاقتصادية، والتوضيح للأوروبيين لماذا توجد لديهم مصالح لمواصلة العلاقات الاقتصادية أو العلمية مع إسرائيل.
أما في المسألة السورية فقد شدد عميدرور على أن نظام الأسد قد طوّر تعلقًا وثيقًا بحزب الله في إطار محاربته للمتمردين. على حد أقواله، هذا التعلق يؤدي بالسوريين إلى نقل الأسلحة الأكثر تطورًا والفتاكة إلى أيدي حزب الله، الأمر الذي يمكنه أن يؤثر كثيرًا على جولة القتال القادمة بين حزب الله وإسرائيل، إن حدثت.
من جهة أخرى، بدا عميدرور متفائلا بعض الشيء في الموضوع المصري. لقد وضح أن جنرالات الجيش المصري قد نجحوا في كبح قوة الموجة الإسلامية. حسب تعبيره، فقد أدت التطورات في مصر إلى ضعف ملحوظ لحماس في غزة.
وقد حظيت مسألتان استراتيجيتان هامتان بتطرق عميدرور في استعراضه. الأولى تتعلق بمكانة الولايات المتحدة، حيث ادعى أن عالم يربط بشكل مباشر بين الولايات المتحدة وإسرائيل وأنه كلما ضعفت مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ستضعف إسرائيل أيضا: “من يأمل في أن يضعف أوباما، عليه أن يأخذ ذلك بالحسبان. ستضعف إسرائيل أيضا وهناك علاقة بين الأمور”.
المسألة الثانية التي طرحها عميدرور متعلقة بالسلاح النووي، الكيميائي والبيولوجي الموجود بين أيدي إسرائيل حسب منشورات أجنبية. وأشار مستشار الأمن القومي إلى أن التقدم في نزع السلاح الكيميائي السوري هو تطور إيجابي، ولكنه يخفي تحدٍ مقلق بالنسبة لإسرائيل. ويقدر عميدرور أنه إذا تم نزع السلاح الكيميائي السوري كما هو مخطط، فستجد إسرائيل نفسها تدافع عن نفسها أمام سلسلة من الضغوط الدولية التي ستطالبها بإبداء شفافية بالنسبة للسلاح غير التقليدي الموجود بحوزتها للوهلة الأولى.
سيخلف عميدرور في منصبه يوسي كوهين، الذي شغل منصب نائب رئيس الموساد حتى الفترة الأخيرة. وكان كوهين قد اجتاز في الشهرين الأخيرين تدريبا مكثفا إلى جانب عميدرور، وحتى أنه رافق رئيس الحكومة في جولاته السياسية الأخيرة في الولايات المتحدة وإيطاليا.