تبدو الصفحات الأولى للصحف الرئيسية في الإعلام الإسرائيلي عادية، كأي يوم عادي. في الأكثرية الساحقة منها، كان يعكوف فرنكل، الذي سحب ترشحه لمنصب عميد بنك إسرائيل بسبب مضايقته وتشويه سمعته كما قال، نجم الصفحات الأولى. استأثر فرنكل بالعناوين الرئيسية، الصور المركزية، الآراء، والتحليلات. وتحدث خبر صغير فقط، في أسفل الصفحة أو على هامشها، عن اللقاء الذي حصل أمس بين المندوبين الإسرائيليين والفلسطينيين في إطار المفاوضات في واشنطن، والذي مثّل ابتداء المحادثات.
ورغم أنّ صحيفة “إسرائيل اليوم”، المحسوبة على رئيس الحكومة نتنياهو، خصّصت للخبر مكانًا صغيرًا في أعلى الصفحة الأولى (التي غطاها إعلان تجاري ضخم لمستحضرات تجميل)، فقد ركّز العنوان على الشكوك المتجددة مع عودة المفاوضات. وخصصت الصحيفة مكانًا للخبر في الصفحة 9، بعد صفحات عديدة تحوي موادَّ تبدو أهمّ من استئناف المحادثات. وفي جريدة “يديعوت أحرونوت”، نال الخبر مكانًا صغيرًا في أسفل الصفحة، مقابل الخبر الضخم عن المرشح الذي سحب ترشحه لقيادة البنك المركزي.
حتى جريدة “هآرتس”، المحسوبة على اليسار في إسرائيل، والتي أعربت مؤخرا عن الدعم والتفاؤل حيال استئناف المفاوضات، قدّمت خبر فرنكل على ذاك المتعلق باستئناف المحادثات. لكنّ الصحيفة كانت الوحيدة التي أفردت للخبر مكانةً محترمة، والتي يمكن فيها إيجاد تحليلاتٍ وآراء منوّعة. أما أكثر الصحف لامبالاةً تجاه الموضوع فهي صحيفة “معاريف”. فبعد صورة ضخمة لفرنكل وعدد من التقارير والتحليلات حوله استأثرت بما يزيد عن نصف الصفحة الأولى، وضعت الصحيفة صورة صغيرة لليفني في أسفل الصفحة، إلى جانب عنوان يقتبس عن مصادر في الاتحاد الأوروبي قولَها: “العقوبات التي فرضناها على إسرائيل سرّعت ابتداء المفاوضات”. ولم يُرصَد في أية صحيفة ابتهاج أو حماسة زائدة لاستئناف المحادثات.
ولا تبدو صورة الصحافة الفلسطينية أفضل بكثير. فالعنوان الرئيسي في صحيفة القدس تطرّق هو الآخر إلى القنوط الموجود لدى الطرفَين، والذي يخيّم حول المفاوضات التي بدأت أمس: “الفلسطينيون والإسرائيليون لا يرون أملا يذكر في محادثات السلام”. ويقتبس التقرير ردود فعل “الناس في الشارع”، ويقتبس عن إسرائيلي قوله: “هذه المحادثات لا فرصة لها وسنظل نقاتل للمئتي عام القادمة”. كما يُقتبَس قول فلسطيني: ”ولا عمرهم بيتفقوا ولا عمره بيصير سلام لأن اليهود ما بدهم سلام، وبدهم الأرض ويطردوا الناس. اليهود ما بيؤمنوا بالسلام .. فقط بالقوة”. وكان موقعُ وكالة “معًا” للأنباء الوحيدَ الذي وضع عنوانًا رئيسيًّا احتفاليًّا بمناسبة استئناف المحادثات، غاب عنه التشاؤم.
في وضع آخر، كان يمكن القول إن ابتداء محادثات السلام يُخبّئ رجاءً لمستقبل أفضل لكلا الشعبَين، رجاءً بدولة فلسطينية مستقلة، وبسلام دائم. لكن يبدو أن المشاعر بعيدة عن ذلك هذه المرة. فهل يعكس التشاؤمُ الواقعَ على الأرض؟ أم إنه يخلق واقعًا جديدًا، ويؤثر عليه سلبًا؟ يبدو أنّ في كليهما شيئًا من الصواب. لكن في كل الأحوال، إذا فتح عريقات وليفني صحف هذا الصباح، فلن يجدا الدفع المعنوي الذي هما بأمسّ الحاجة إليه.