حتى وقت قريب كان مروان البرغوثي مسجونا في غرفة فيها، بالإضافة إليه، أسيران فقط، وهذه ظروف سجن تتناسب مع منصبه الرفيع باعتباره كان رئيس التنظيم (فصيل مسلّح تابع لحركة فتح) خلال الانتفاضة الثانية، وتمت محاكمته بخمسة أحكام بالسجن المؤبد لضلوعه في عمليات قُتل فيها عشرات الإسرائيليين.
في الأسابيع الأخيرة، طرأ تغيير واضح للأسوأ في الظروف المعيشية للأسير البرغوثي. لقد نُقل من سجن ريمون إلى سجن آخر ثم إلى سجن جلبوع، حيث إنه مسجون في غرفة فيها 9 سجناء آخرين، بالإضافة إليه، ولا يصل أي سجين إلى مكانته بل إن بعضهم صغار جدا في العمر أو أنهم معتقلون بسبب ارتكاب جرائم خفيفة نسبيًّا مثل إلقاء الحجارة.
هناك فجوة كبيرة بين مكانة مروان البرغوثي العامة خارج السجن – حيث يتم الحديث عنه باعتباره مرشّحا لخلافة أبو مازن، وهناك من يحاول تقديمه إلى جائزة نوبل للسلام، ويخطط آخرون لإطلاق حملة دولية لإطلاق سراحه، وبين الواقع الذي يعيشه داخل السجن.
يجد البرغوثي داخل السجن صعوبة في التأسيس لزعامة قوية لنفسه بين الأسرى. يجب ذكر الحقيقة عندما يكون الأمر متعلقا أيضًا بالانقسام التام بين حماس وفتح بين جدران السجن. يتصرّف الأسرى من كلا التنظيمين بشكل منفرد تماما، اقتصاديا وتنظيميا.
وفي حين أن أسرى حماس يتصرّفون بشكل منظّم وجادّ، مع إجراء انتخاب كل عامين للقيادة القطرية للأسرى وكل أربعة أشهر للقيادة في كل سجن، فإنّ الأمور في فتح أكثر تعقيدا وتتعلق أولا وقبل كل شيء بالانتماء الإقليمي. إن التقسيم الإقليمي مهيمن جدا، فهو لا يقتصر على المحافظات فقط (نابلس، رام الله وما شابه)، بل يتطرق أيضًا إلى انتماءات مدينية أو قروية محددة.
في مثل هذا الوضع، لا يُعتبر البرغوثي قادرا على غرس الانضباط لدى أسرى فتح في السجن، وإنما فقط أولئك الذين هم من منطقة رام الله. وتُذكر حادثة حاول فيها قيادة إضراب احتجاجا على ظروف المعيشة للأسرى. لذلك طالب الأسرى بإعادة وجبتهم الصباحية وعدم تناولها (نوع من الإضراب سهل نسبيا، وخصوصا نظرا لحقيقة أن هناك للأسرى مصادر طعام مستقلة لا تتعلق بالوجبات داخل السجن)، ولكن هذا الإضراب لم يصمد أكثر من أيام معدودة فكُسر.
يمكن التلخيص والقول إنّه إذا كان هدف قادة الحملة الدعائية من أجل إطلاق سراح البرغوثي هو إظهاره كرمز لمقاومة إسرائيل، فإنّه من المرجّح أن يحققوا نجاحا. في المقابل، فإنّ مهاراته القيادية داخل فتح وخارجها، تحظى بدرجة منخفضة جدا.