لا يعرف الكثيرون قرية بيت جن في شمال البلاد. تصدّرت القرية الدرزية, الواقعة 150 كيلومترًا شمال مدينة تل أبيب, مؤخرًا قائمة البلدات ذات أفضل إنجازات علمية يمكن للجهاز التربوي تقديمها.
نشرت وزارة التربية الأسبوع الماضي نتائج امتحانات البجروت ونسب المستحقين لشهادة إنهاء التعليم. وكما في كل عامّ، حلت البلدتان اليهوديتان الغنيتان: كوخاف يئير وشوهم (وكلتاهما في مركز البلاد) على رأس قائمة المدن ذات أعلى نسب استحقاق شهادة البجروت (بأكثر من 88% من التلاميذ الذين أنهَوا بنجاح دراستهم الثانوية).
ليس الأمر مفاجئًا، لا سيّما وأنّه يجري في هاتَين البلدتَين، في السنوات الأخيرة، تطوير جهاز تربوي جيد، يقدّم دعمًا كاملًا للطلّاب، وكذلك عونًا اقتصاديًّا ملحوظًا للنجاح في امتحانات البجروت.
لكنّ الصدارة احتلتها هذا العام إحدى أصغر وأفقر القرى في إسرائيل، قرية بيت جن الدرزية، التي بلغت المكان الثالث، مع حصول 85% من طلاب المدرسة الثانوية فيها، الثانوية الشاملة، على شهادة بجروت تعينهم في التخطيط لمستقبلهم.
في الطريق إلى هذا الإنجاز، مرّت المدرسة بانقلاب حقيقي: فوفقًا للمعطيات التي نُقلت مؤخرا إلى “المدرسة الشاملة”، ففي نهاية السنة الدراسية السابقة (2013)، بلغت نسبة الخريجين المستحقين للبجروت فيها 100% – نسبة لم تبلغها سابقًا سوى بلدة سفيون (إحدى أغنى البلدات في إسرائيل)، التي يدرس طلابها في مدارس ثانوية خارج البلدة.
وهكذا، حين تُنشر بشكل رسمي في السنة القادمة معطيات 2013، ستتحول مدرسة بيت جن الشاملة إلى واحدة من المدارس الأولى في إسرائيل، وتتخطى مدارس من بلدات ثرية في منطقة المركز، وبعضها مدارس خصوصية تصنّف التلاميذ، وتفرض أجر تعليم مرتفعًا جدًّا.
وسيُعلن مُجدَّدًا عن بيت جن، إحدى القرى الفقيرة في إسرائيل والتي يُصنَّف سكّانُها في العشر قبل الأخير وفقًا لمعطيات دائرة الإحصاء المركزية، كواحدة من البلدات التي تتمتع بأفضل تعليم في إسرائيل.
عام 1999، كانت نسبة استحقاق البجروت لخريجي المدرسة الشاملة 13% فقط، من أقلّ النّسب في إسرائيل، لكنها مذّاك ارتفعت بشكل تدريجي سنة تلو سنة. ويُعدّ هذا الإنجاز جزءًا من القفزة في الجهاز التربوي الدرزي في إسرائيل، حيث كانت القفزة في الاستحقاق للبجروت فيه هذه السنة أيضًا الأعلى بين كل القطاعات في إسرائيل (ارتفاع بنسبة 7.8% في نسبة استحقاق البجروت في المجتمع الدرزي، مقابل ارتفاع 1.7% في نسبة الاستحقاق في إسرائيل، و0.8% فقط في المجتمع اليهودي).
ونجحت مدرسة بيت جن رغم أنّ عددًا من تلاميذها لديهم صعوبات خاصّة، ورغم الوضع الاقتصادي للبلدة ولعائلات التلاميذ. ولا تجبي المدرسة أجر تعليم مرتفعًا، لا تصنّف، ولا يسترّب منها طلّاب. في الواقع، وجد طاقم المدرسة بعض الطلاب الذين تسرّبوا من الجهاز التربوي، وأقنعهم بالعودة للدراسة.
تنسف الإنجازات التي حققتها المدرسة إحدى الفرضيات الأساسية لمسؤولي الجهاز التربوي – أنّه لا يستطيع جميع التلاميذ إنهاء الثانوية بشهادة بجروت كاملة، لذا يجرد الاهتمام بمسارات بديلة من أجلهم، مثل الثانويات المهنية. وهم أخرى يجري نسفه هو أنه كلما كانت البلدة أغنى ازدادت بشكل ملحوظ احتمالات نجاح التلاميذ فيها.
لكنّ نزعة المدرسة الشاملة في بيت جن لا يمكنها أن تشّكل قاعدة، لأنّ نسبة استحقاق البجروت في المدارس العربية في إسرائيل لا تزال منخفضة بالنسبة للمدارس اليهودية.
فمن المعطيات التي نشرتها وزارة التربية، سجّل القطاع غير اليهودي (أي القطاع العربي، دون طلّاب القدس الشرقية العرب الذين يتقدمون لامتحانات التوجيهي الفلسطينية) زيادةً بنسبة 4.2%، ما يعني 976 طالبًا إضافيًّا يستحقون البجروت. وارتفعت نسبة مستحقّي البجروت في هذه المجموعة من 38.2% عام 2011 إلى 42.4% عام 2012. في الوسط اليهودي، بلغت نسبة الاستحقاق 55.3%.
ولا تزال المدن العربية تتذيّل اللائحة بصفتها أسوأ المدن من حيث التعليم، حيث تتذيل كفرقاسم لائحة المدن العربية بأقل نسبة نجاح، وهي 27% فقط. كذلك، تستمر المدن الحاريدية في المعاناة من نسب نجاح منخفضة جدًّا، إذ تأتي مدينتا بني براك وموديعين عيليت الحاريديتان في أسفل اللائحة في المكانَين 151 و152 مع أقل من 10% نسبة نجاح في البجروت.
وتمثّل شهادة البجروت الشرط الأساسي في الطريق للاندماج في العمل الجيّد، ومرحلة في الطريق إلى الأكاديمية. رغم ذلك، في واقع الجهاز التربوي الإسرائيلي، ليس هذا الإنجاز مفهومًا ضمنًا. فأقلّ من نصف خرّيجي المدارس الثانوية يحصلون على شهادة بجروت. كذلك في أغنى المدن، لا ينجح جميع التلاميذ في الحصول على الشهادة. وفي عدد من أفقر البلدات، ينهي 70% من التلاميذ أو أكثر دراستهم دون بجروت.